حرية الشرب في النبطية

حسناً فعل زميلنا سمير صباغ بقفل محل العائلة لبيع المشروبات الكحولية في مدينة النبطية، حتى لا تتحول القضية شخصية أو دفاعاً عن مورد رزق اضافي، وهي في الحقيقة تتعدى الشخص والأشخاص الى ما هو أبعد من ذلك.
كلنا يعلم ان لكل منطقة، ولكل طائفة، ولكل جماعة، خصوصيتها، بل صرنا ندرك تماماً ان لبنان هو مجموعة طوائف ومناطق وجماعات وخصوصيات تتعايش جنباً الى جنب، مع قليل من التفاعل الإيجابي الضروري لإستمرار الحياة المشتركة في حدها الأدنى. أما المبادئ والتطلعات والنظرة الى الملفات العالقة فلا مشترك بينها، الا وفق ما تقتضيه الظروف الآنية، اذ تحولت نقاط الجمع قليلة قياساً الى نقاط القسمة والتباعد، لكنها تبقى على قلتها ضرورية للمجموعات اللبنانية للإستمرار في ما لم تختره طوعاً، بل وجدت نفسها غارقة في واقعه.

لا أدافع عن محال بيع المشروبات الكحولية في النبطية أو في غيرها، بل عن مبدأ حرية الناس في ما يريدون، اذ ان فرض ارادة الحاكم أو سلطة الأمر الواقع، هو ما ولّد كل الثورات في العالم العربي، وهو ما ما يدفع لبنانيين بأعداد كبيرة الى هجر مناطقهم نحو المدينة، أو هجر لبنان الى بلاد تتمتع بقسط أوفر من الحرية، في ظل غياب القدرة للإنتفاضة على واقعهم.
ان محاولات الأحزاب فرض إرادتها، إن في النبطية أو في غيرها، هي توجهات تقسيمية، لأنها تعطل دور المؤسسات أولاً، وتضرب بالقانون عرض الحائط ثانياً، وتحول دون التنوع ثالثاً، وتهجر من لا يوافقه رأي الأكثرية رابعاً، وخامساً وسادساً وعاشراً فإنها تضعف مناعة المجتمع وتسيء بطريقة أو بأخرى لمرتكبها، ولكل مواطن… وتمسّ بالحياة والعيش المشترك، أي بمقدمة دستور البلاد.

فلماذا تلجأ الأحزاب في كل مرة في لبنان الى تقييد حريتنا، بل حرياتنا، وتفرض علينا توجهاتها، كأننا لا نخرج من زمن الميليشيا الا لندخله مجدداً؟ لماذا لا يتركون الناس والبلاد تلتقط أنفاسها فينقضون على الواقع كلما بدا أمل في الأفق؟
انها الحرية التي كرسها الله في كتبه، بل انه وهبها للإنسان ليختار ما يريد، حتى لو سلك طريق جهنم. انها الحرية الأثمن من كل شيء آخر.

«اعطوا يُعطى لكم»

«اعطوا، يعطى لكم» عنوان دعوة من عروسين شابين سيحتفلان بزفافهما بعد الأسبوع المقبل الى عمل الخير بدل تقديم الهدايا لعائلتهما العتيدة. قد لا يكونان في حاجة مادية، لكنها حال كثيرين في لبنان يتبعون القول السائد «زيادة الخير خير»، فلا يتوانون – لا عن قبول الهدايا – عن هضم حقوق الآخرين.
القول اللبناني السائد لا ينطبق على العروسين ج وت.ح. اللذين لا أعرفهما، بالإسم أو بالشكل، بل أعرفهما من خلال بطاقة دعوة الى العرس وجهاها الى صديق لي، سرَّ بها ودفعه مضمونها الى رفع قيمة الهدية، لأنه اعتبرها مكافأة للعروسين ومساعدة للناس الأكثر حاجة.

في الدعوة المذكورة لائحة هدايا موجهة الى مركز «سيزوبيل» وأخرى الى مركز سرطان الأطفال في لبنان.
قد يكون العروسان المذكوران مثالاً يحتذى به للكثيرين من الذين لا يحتاجون المال المقدم لهم هدايا، وتكمن أهمية الخطوة ليس في المال فقط، بل في تنبيه الناس المدعوين للإلتفات الى عمل الخير بين الحين والآخر.

السابق
العمل العربي المشترك كمظلة للوضع الحكومي غائب
التالي
الراي: خبراء إسرائيليون: حمّام دم سيتبع إطاحة الأسد