راجح الخوري: لبنان دولة فاشلة !

ماذا ينقص بعد لإعلان لبنان دولة فاشلة؟
لم يعد ينقص شيء. فقد اكتمل انهيار هيبة السلطة واحترام القانون وتهاوت منظومة الحقوق والواجبات، ليس في عمل الدولة فحسب، بل في العلاقات العادية بين المواطنين. والآن تسجِّل تصرفات شتات الدولة تناقضاً فضائحياً بين منطقة وأخرى ومواطن وآخر!
فهنا مثلاً لا تستطيع أن تدق مسماراً من دون حضور الدورية، إن لم يكن لفرض القانون فلتحصيل “الحق المكتسب”، منذ صارت الدولة موظفة عند الموظفين، قوانينها مجرد فواتير للتحصيل الشخصي ولا من يسأل.

أما هناك، فتستطيع أن تشيد بيتك على الأملاك العامة وحتى على أملاك المواطنين الآخرين، ولن يستطيع عنترة بن شداد أن يقول لك لماذا. وإذا كنت ممن يعشقون التراث فيمكنك أن تختار أي قلعة أثرية فتجعل منها منزلاً لعائلتك السعيدة. في صور مثلاً، برز حفيد للاسكندر المقدوني وقام أخيراً بتشييد ثلاثة منازل على الأملاك العامة التابعة لحرم الملعب الروماني وبدأ إقامة منزل رابع لأحد أبنائه!
هل تجرؤ الدوريات على الدخول الى هناك؟ أوَلم تتعلم ما يكفي من توقيف بعض عناصرها وحبسهم لفترة من الوقت، لمجرد أنهم حاولوا تطبيق القوانين؟ ألا تعلم أن القانون مجرد عجينة تتشكل وفق ما تقرر الأيدي القوية التي تملك رهبة السلاح؟ لا، لم يعد لبنان دولة، إنه غابة فالتة، فالموظف لا يرد على المدير، والمدير يشتم الوزير، والوزير يستطيع أن يفتح على حسابه كما يشاء. لم يعد هناك من ينقل خبراً صادقاً أو يذيع خبراً صحيحاً إلا نادراً. هذا زمن القدح والذم والتراشق بالتهم والشتائم.

لا ندري من ألقى بهذه الجثة هنا. فهل مطلوب من الدولة أن تدري؟ ليس بالضرورة. ربما لأن البحث عن الأحياء الذين خطفوا، مثل أولئك الأستونيين التعساء الذين أكلتهم الغابة الفالتة أهم.
ثمة منابر كثيرة تحاضر في العفة وتسأل عن المال السائب الذي علّم الناس الحرام، رغم أن في وسع الصناديق التي أنشئت قبل 20 عاماً أن “تبقَّ” سيولاً من الفضائح، ولكن الذين استحوا ماتوا.

هذا بلد عاجز عن تأليف حكومة حتى من المتحالفين، من غير شر، وعن اتخاذ قرار من دون انقسام يعطل البلاد. هذا وطن مقتول، بعض أهله إما مجانين في ما يفعلون، وإما مجانين من هول ما يشاهدون. ولعل ما يثير القنوط أن المنطقة بأسرها تشتعل الآن، بهدف الوصول الى مشروع دولة هنا وحلم ديموقراطية هناك، في حين يسير لبنان الذي كان دولة وديموقراطية عكس السير، وصولاً الى الفوضى وشريعة الغاب!

السابق
لثلاثة أسباب، الحكومة باتت وشيكة الآن… وهنا
التالي
ناصر ونصر الله والنصر