القمة القطرية ــ الأميركية .. لقاء ترقبه الدوحة وواشنطن

خلال الساعات القليلة المقبلة، تنعقد في «واشنطن» القمة القطرية ــ الأميركية المرتقبة، بين حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وفخامة باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة، ويقف كل طرف على وجهة نظر الآخر، بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتكون قضايا المنطقة حاضرة بكل الفاعلية والتأثير في هذا الحدث السياسي الكبير.

.. وعندما يتصافح الزعيمان الكبيران، وتنطلق المباحثات بينهما في «البيت الأبيض» ستكون الدوحة وواشنطن على موعد مع ذلك الحدث، ليس البارز فحسب، بل الأبرز على صعيد العلاقات بين البلدين الصديقين، حيث تتجدد الثقة في هذا المسار، ويتواصل التعاون الثنائي في هذا الإطار.

.. وبالرغم من ازدحام المنطقة بأحداث جسام، وانشغالها بوقائع عديدة، وقضايا كثيرة، وتطورات متسارعة على امتداد الساحات «الثائرة» والمساحات «المتوترة»، فإن زيارة سمو الأمير إلى الولايات المتحدة تحتل صدارة الاهتمام والمتابعة لما لها من تفاعلات ودلالات، ولما تتميز به «الدولة العظمى» الأولى من تأثير على الساحة العالمية، وما تتميز به قطر من تقدير على الساحة الدولية.

وما من شك في أن اللقاء المرتقب بين «أميرنا حمد»، و«رئيسهم أوباما» يكتسب أهمية قصوى، كونه الأول بين الزعيمين، حيث لم يسبق لهما الاجتماع في «البيت الأبيض»، ومن هنا فهو يكتسب زخماً سياسياً وإعلامياً كبيراً.

.. ومن الطبيعي أن يعطي الرئيس الأميركي لضيفه الكبير سمو الأمير ما يستحق من تقدير للجهد الوفير الذي يبذله لتطوير دولته والنهوض بشعبه وأمته.

.. وما من شك في أن «زيارة العمل» التي يقوم بها سمو الأمير منذ أيام إلى الولايات المتحدة الأميركية تكتسب الكثير من الأهمية والخصوصية، لأنها في الحقيقة زيارتان في واحدة!

فهي ذات بعدين متلازمين، أولهما ثنائي، لأنها زيارة تدشن عهداً جديداً في العلاقات المتميزة بين الدولتين، وتشكل نموذجاً في التعاون الثنائي بين البلدين.

أما الجانب الثاني المرتبط بالزيارة الأميرية إلى الدولة الأميركية فهو «البعد الدولي»، ونحن على يقين أن التطورات المتلاحقة في المنطقة، والمستجدات اللاحقة ستكون على قائمة الأولويات في جدول أعمال المباحثات، وفي مقدمتها متابعة الجهود الدولية المبذولة لحماية المدنيين الليبيين الثائرين الساعين لنيل الحرية.

.. ولعل ما يزيد من قيمة هذه القمة القطرية ــ الأميركية المرتقبة توقيتها، لأنها تأتي في لحظة مفصلية في تاريخ الأمة العربية، حيث يتصاعد إيقاع الثورات الشعبية في أرجاء وزوايا المنطقة، ومن بينها ثورة الشعب الليبي الصاخبة.

.. ولأنه لقاء مرتقب بين شريكين، التقت شراكتهما على «حماية المدنيين الليبيين»، فلا بد أن ترصده كل أذن وعين يهمها نجاح الجهود الدولية المبذولة لإقرار «خارطة طريق» تضع أسس التعامل الدقيق مع الأزمة الليبية.

.. وليس سراً على الإطلاق أن سمو الأمير عندما يدخل إلى مقر الرئيس الأميركي لإجراء مباحثاته مع «أوباما» لا يدخله بصفته أميراً لدولة قطر فحسب، بل باعتباره أيضاً الزعيم العربي الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، التي تمثل جوهر وأساس الصراع في المنطقة، ومفتاح الحل لجميع القضايا الشائكة، والمشاكل المتشابكة في الشرق الأوسط.

.. وانطلاقا من ذلك أستطيع القول إن سمو الأمير ــ كعادته دائماً ــ سيكون واضحاً وصريحاً ومحدداً عندما يكون متحدثاً للرئيس الأميركي، ولن يتردد في تأكيد الموقف القطري الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، المطالب بضرورة وقف التصعيد الإسرائيلي الخطير ، وإيقاف الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية المعوقة للسلام، ورفع المعاناة عن الفلسطينيين الذين يعانون من قهر الاحتلال، ووقف سرطان المستوطنات الذي يستشري في الضفة، ويلتهم الأرض الفلسطينية قطعة وراء الأخرى.

.. ومن الطبيعي أيضاً أن يؤكد سمو الأمير خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي على خطورة استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وما يقوم به من قهر للشعب الفلسطيني، وما يمثله ذلك القهر وتلك المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون من بيئة صالحة لزرع الحقد والضغينة وخلق اليأس والإحساس بالاضطهاد، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من تشجيع على العنف و«الإرهاب» في المنطقة.

.. وأعرف باليقين أن قطر من خلال أميرنا حمد، ومن خلال موقفها الدائم والداعم للقضية الفلسطينية تنطلق من مسؤولياتها القومية والوطنية تجاه الشعب الفلسطيني، وإيمانها بحقه المشروع في إقامة دولته المستقلة، والعيش في أمن وسلام مثل بقية شعوب العالم.

ومن أجل ذلك تراها دائماً تبذل غاية الجهد والدعم لمساندة حقوقه المشروعة.

وأستطيع القول إن ما يقوله سمو الأمير في الاجتماعات المغلقة، وخلال جلسات المباحثات الثنائية التي يجريها مع جميع القادة والرؤساء من زعماء العالم شرقه وغربه، هو نفسه الذي يعلنه على الملأ.

فلا يوجد لدينا التواء في المواقف، ولا ازدواجية في التعبير، ولا تناقض بين القول والفعل، أو بين ما تعلنه بلادنا في وسائل إعلامنا، أو ما يتم بعيداً عن العيون فلا يعلن.

فهذا هو الموقف القطري الثابت تجاه مختلف القضايا، وهذا هو أسلوب التعامل الذي تنتهجه قطر سواء مع الولايات المتحدة، أو غيرها من الدول الصديقة في أوروبا، وآسيا، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية، وغيرها.

ولكل هذا .. لا «ويكيليكس» ولا غيره يستطيع أن يثبت غير ذلك!

السابق
الأمل أفضل من الحقيقة!!
التالي
السياسة: بكركي مرتاحة للقاء الأقطاب ومستمرة في مساعي لم الشمل