13 نيسان… هل تذكرون؟

بعد انقضاء ستة وثلاثين عاماً على اندلاع الحرب الاهلية في لبنان ثمة اقتناع لدى الشريحة الكبرى من اللبنانيين أن مجموعة من المغالطات والاضاليل والتركيبات مورست ولا تزال تمارس على الشعب اللبناني تهدف الى امرار أفكار وعناوين براقة ومشاريع مختلفة، في ما بين 13 نيسان 1975 و 13 نيسان 2011 تشابه في الشكل والمضمون.

فبين التاريخين، تاريخ حافل يعج بالاحداث الاليمة ومسلسل دموي يضج بالتهجير والقتل والتدمير وتقطيع أوصال الوطن، ومع ذلك فان المواطنين يشعرون بالتشاؤم حيال مستقبل لبنان. ففي محصلة لما جرى على الساحة اللبنانية، انطلقت شرارة الحرب الاهلية في لبنان من منطقة عين الرمانة على اثر تبادل اطلاق النار بين مجموعة مسلحة فلسطينية تستقل حافلة للركاب، ومجموعة من عناصر تابعة لحزب الكتائب. لكن الصراع لم يقتصر على الفريقين، بل عم كل لبنان من اقصاه الى أقصاه وأخذ بعداً طائفياً ومذهبياً، وسياسياً وفكرياً وعقائدياً، ويكاد لم يبق جهاز أمني أو استخباراتي، شرقي أو غربي لم يتدخل في الحرب الدائرة بين اليمين واليسار والغرب والشرق حتى تحول لبنان ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية.

لكن المفارقة أن ثمة شبهاً بين سيناريوهات عام 1975 وتلك التي تعدّ اليوم، بحيث كثر الخداع من جانب العديد من زعماء لبنان، وجعل العديد من هؤلاء من الشعب مجموعات يسخرونها من أجل مصالحهم الخاصة الى درجة تحولت مشاريع هؤلاء خططاً تأخذ الطابع التجاري هدفها الرئيسي جني الاموال الطائلة واستعطاف المقتدرين لاستجرار المساعدات تحت شعارات زائفة وخادعة، اذ سائر هؤلاء يريدون السيادة والاصلاح والتغيير والتطوير وتعديل النظام نحو الافضل، ومحاربة الفساد، لكن ما يفاجأ به المواطن يوماً بعد يوم أن „المافيات“ تغلغلت أكثر فأكثر داخل الدوائر والوزارات، الى أن باتت أقوى من ذي قبل الى درجة قضمت والتهمت نيرانها دعاة الاصلاح، وفي بعض الاحيان استوعبت الاصلاحيين حتى بات عدد من هؤلاء جنود في جيش الفساد والفاسدين يعملون في خدمته.

ما أشبه الامس باليوم، فبالامس، دويلات داخل الدولة، وبالامس فساد وهدر وسمسرات، وبالامس حض على الاقتتال الطائفي وتحريض مذهبي، بالامس شتائم متبادلة بين المسؤولين، وادعاء بالغبن والحرمان.
بالامس خطف وقتل على الهوية، بالامس يأس واحباط، وشباب تحلم بالهجرة في سبيل عيش كريم وتحسين للوضع المعيشي، بالامس مناطق خارجة عن نفوذ الاجهزة الامنية وسلطة الدولة، بالامس فلتان امني.
ستة وثلاثون عامأً لم تكف للاعتبار والاتعاظ بما جرى. وثمة من يتمنى أن يحكم لبنان الاجنبي، ثمة من يحلم بــ“فيزا“ الى دولة أجنبية حيث فرص العمل أكثر، وثمة من يحلم بـ“جنسية“ أم بـ“جواز سفر“ يحترم أكثر من الجواز اللبناني…
ثمة من يطلب الدواء ولا يجده، ثمة من يحلم بالطبابة المجانية والتعليم المجاني لابنائه، وثمة من يحلم بالنظام والعدالة والمساواة واحترام الفرد وضمان الشيخوخة.

مئتا ألف قتيل لم يكف استشهادهم لتأسيس دولة على غرار الدول المتطورة، هل هو قدر اللبنانيين أم أنه نتاج ايديهم، أم قصاص؟
لا بد من وقفة تأمّل في ما جرى، والتوقف عند الاسباب التي أوصلتنا الى ما نحن عليه.
وحدها الجرأة في قول الحقيقة، والحكمة في تحليل أحداث السنوات الغابرة يقود الى رسم معالم لبنان الجديد المعافى بعيداً عن كل مؤثرات أحداث ما بين النيسانين… وعدم نسيان ما حصل، لان ما جرى يحتّم اصلاح الخلل، وتحاشي الوقوع في أخطاء ارتكبها اللبنانيون، كي لا ندفع مستقبلاً أثماناً باهظة، وباهظة جداً.

السابق
الهزات الإسرائيلية
التالي
معوقو الحرب: الأوجاع النفسية أقوى من الجسدية