ميقاتي حمل سلة العُقد إلى السيد نصر الله لحلّها على طريقته

الكثير من الرصاص أطلق في بعض المناطق اللبنانية، خلال وبعد خطاب الرئيس بشار الأسد في مجلس الشعب السوري، لكن هذا الخطاب لم يتطرق الى الوضع في لبنان لا حكوميا ولا سياسيا، لا بل ان إعلانه الاستعداد لمواجهة «المؤامرة الخارجية» على بلده، مدد زمن الأزمة الحكومية في لبنان، وجدد للرئيس المكلف نجيب ميقاتي فترة إقامته في دوامة التأليف المفتوحة.

رئيس مجلس النواب نبيه بري تحدث عن تأليف الحكومة بين «المؤلفة قلوبهم» بحسب الآية الكريمة، التي تحتمل تفسيرا معاكسا لمدلولها المباشر، حيث انها تناولت الوافدين الجدد الى الدين من دون اكتمال إيمانهم.

لكن النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، اختصر الموقف المستجد بالقول: لا أرى حلا قريبا للأزمة اللبنانية.

ويبدو انه مع خطاب الرئيس الأسد، يتعين ان تتروى الأكثرية الجديدة، ريثما تتضح الأجواء السياسية ويتبلور الأسلوب المفترض التعاطي فيه، مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، الذي كان يواجه عقدة العماد ميشال عون المتمسك بالثلث المعطل في الحكومة، مضافا اليه وزارة الداخلية، وبات يواجه معه عقدة حزب الله المتمسك بتوزير فيصل عمر كرامي، وآخر غيره من سُنة المعارضة السابقة، فيما هو يرفض مماشاة عون في منحه وزارة الداخلية تناغما منه مع الرئيس ميشال سليمان الذي يصر على إبقاء وزارة الداخلية في عهدة صديقه وحليفه زياد بارود. ويرفض مماشاة حزب الله في موضوع فيصل كرامي، حتى لا يفقد حليفه الطرابلسي النائب احمد كرامي.

هذه التعقيدات بحثها الرئيس المكلف مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في اجتماع بينهما، هو الثاني منذ تكليف ميقاتي في 25 يناير، وفق جريدة «الأخبار» القريبة من الحزب.

الاجتماع المفاجئ تناول العراقيل التي تحوط بتأليف الحكومة. وهو الاجتماع الثاني لميقاتي بنصرالله منذ كلف بتأليف الحكومة في 25 يناير الماضي. إلا أن حصيلة ما دار بين ميقاتي ونصرالله ثبتت مسحة التشاؤم، وهي أن كلا منهما يقارب التأليف على نحو مختلف عن الآخر، من غير أن ينبئ التباين في الرأي بما هو أسوأ من ذلك. أعاد الأمين العام للحزب تأكيد ما كان قد سمعه ميقاتي مرارا من المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين الخليل، وهو الأخذ في الاعتبار حصة العماد ميشال عون وتمثيل المعارضة السنية بفيصل كرامي نجل الرئيس عمر كرامي.

كان رد الرئيس المكلف سلبيا في الأمرين: غير مقتنع بحجم حصة عون وتكتل التغيير والإصلاح في الحكومة، وعدم استعداده لتوزير كرامي الابن بعدما كان حزب الله قد تبلغ من ميقاتي سابقا موافقته على هذا التوزير. أضف عقبتين أخريين في طريق التأليف: أولاهما عودة الرئيس المكلف إلى الحديث عن حكومة من 24 وزيرا فاتح نصرالله بها بعدما بدا تأليف حكومة ثلاثينية قد حسم نهائيا، وثانيتهما رغبة ميقاتي في توزير النائب طلال أرسلان بحقيبة وزير دولة رفضها الأخير.

نفي العقدة السنية!

ميقاتي أبلغ الأكثرية الجديدة الملتفة حوله، انه ينتظر جوابا اخيرا، يوم السبت، فإما ان تتشكل الحكومة كما يراها مع الرئيس ميشال سليمان، وإما الاعتذار، نافيا في الوقت ذاته ما سمي بعقدة «سنة المعارضة» مبديا الاستعداد لتوزير سني معارض.

الراعي: لا لحكومة اللون الواحد

وفي موقف لافت رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي «حكومة اللون الواحد» في لبنان ودعا الى تشكيل حكومة تكنوقراط بالحد الأدنى لتسيير شؤون الناس، «طالما تعذر الجمع بين الأهواء المتضاربة، بين قيادات الاكثرية.

وكان ثمة من راهن على زيارة الرئيس المكلف ميقاتي الى العماد عون في المستشفى الذي غادره امس الأول كفرصة لاعادة التواصل المقطوع بين الرجلين، لكن بدا ان عقبات تشكيل الحكومة تتطلب اكثر من زيارة اجتماعية تنتهي حدودها بانتهائها.

ضغط مستقر وضغط مستمر!

الى ذلك، اعتبر اعلام التيار الوطني الحر ان العماد عون خرج من مستشفى اوتيل ديو بضغط مستقر، اما الضغط على ميقاتي فمستمر من اجل استيلاد حكومة «ولو بعملية قيصرية تقطع حبل الخلاص الذي تعترضه اكثر من عقدة».

وقد اعتبر د.سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية ان تشكيل الحكومة العتيدة طال انتظاره، وقال: على ما يبدو سننتظر اكثر.

وردا على العماد عون حول استرداد حقوق المسيحيين سأل جعجع: اذا استبدلنا فرضيا او موضوعيا الوزير زياد بارود بالوزير جبران باسيل هل ستعود للمسيحيين حقوقهم؟ وهل تسمية رئيس الجمهورية لثلاثة او اربعة وزراء حياديين هي انتقاص من حقوق المسيحيين؟

عون والدور المفقود

ولفت جعجع الى ان العماد عون لا يريد تحصيل حقوق المسيحيين بل هدفه نيل اكبر حصة في الحكومة للاستمرار في البحث عن دوره المفقود.

وحول ما يشاع عن تهريب السلاح من لبنان الى سورية قال: انا ادعو المراجع القضائية والأمنية للتحقيق في هذا الموضوع، فإذا كان هناك من يقوم بهذا العمل فتجب معاقبته، وإذا تبين ان هذا القول كذب وتجن فالمفترض ان يتخذ القضاء الاجراءات بحق المشيعين.

قلق 14 آذار

الأمانة العامة لقوى 14 آذار تنظر بقلق ازاء ما وصفه منسق أمانتها العامة فارس سعيد بعجز الرئيس المكلف عن ترويض شروط من أتى به من اجل تشكيل الحكومة الجديدة.

والراهن ان الرئيس ميقاتي قد لا يبدو عاجزا بقدر ما يبدو راغبا في ارضاء جميع الأطراف، وبتوسيع مروحة حكومته، رغم مقاطعة 14 آذار، كي يتجنب حسبانه على اي جهة او حزب او تيار.

وقد التقى ميقاتي امس السفير الفرنسي ديميث ياتون امس وبحث معه الاوضاع.

قوى 14 آذار تواصل من جهتها متابعة الموقف الحكومي من شرفة المتفرجين، مدركة ان عقد الاستيزار التي تواجه الحريري عصية على الحلول في ظل شهية الحلفاء المفتوحة على المناصب الحكومية.

عودة الحريري

هذا وقد عاد الى بيروت امس رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بعد جولة خليجية شملت السعودية وقطر، وغروب امس الخميس ترأس احتفالا بإزاحة الستار عن النصب التذكاري لوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ساحة الوحدة الوطنية، قبالة السراي الكبير في وسط بيروت، بدعوة من رئيس وأعضاء مجلس بلدية بيروت.

السابق
إقفال القنصلية الأميركية في القدس بسبب طرد يحتوي مسحوقا غير محدد
التالي
عودة نغمة الـ «س.س»