طرق النبطية: مأساة يومية

كيفما سار المواطن، وكيفما اتجه في مختلف مناطق محافظة النبطية، يرى الحفر والخنادق الكبيرة والانخسافات والتموجات، والأخاديد العميقة قد اجتاحت معظم الطرق الرئيسية والفرعية فيها.
ويلمس انحسار طبقة الزفت عن أجزاء كثيرة منها، وقد بات سلوكها يشكل كابوساً مزعجاً للسائقين والركاب جراء صعوبة السير عليها، وتسببها في وقوع العديد من الحوادث التي نتج عنها الكثير من الإصابات في الأرواح والأضرار المادية الجسيمة.
وإذ يحمل الكثير من المواطنين مسؤولية تفاقم أوضاع تلك الطرق للمسؤولين في وزارة الأشغال العامة، لتقاعسهم عن تأهيلها وصيانتها في الأوقات المناسبة خلال السنوات الماضية، وقبل حلول فصل الأمطار من كل عام، فضلاً عن تعود متعهدي الوزارة على ستر عيوبها بطريقة فوضوية وعشوائية ومرتجلة من دون حسيب أو رقيب، يعزو بعض المتعهدين ذلك إلى عدم رصد الاعتمادات الكافية لتأهيل الطرق المذكورة منذ سنوات طويلة، حيث يجري الترقيع بالموجود، حتى لو جاء ذلك في كثير من الأحيان على حساب تحديد المساحة، فتنتشر الكمية المقررة بمبالغ أقل، إضافة إلى معالجة بعض الطرق بالتأهيل والترقيع بالرغم من حاجتها إلى تعبيد شامل وبمواصفات جيدة، ناهيك عن عدم صرف ميزانية أشغال تعبيد وتأهيل تتوافق مع حاجة العديد من الطــرق في القــرى والمناطــق الجنوبية كافة، وغيرها من المشاكل والمعوقات الإدارية واللوجستية والروتينية الأخرى.
وتفوق طريق النبطية الفوقا ـ كفرتبنيت، وطريق الدوير، سوءاً على ما عداهما من طرق المنطقة. وقد تفاقم وضعهما إلى حدٍ لم يعد يطاق، لا سيما إثر السيول والمجاري المائية التي خلفتها الأمطار الأخيرة. وجعلت من حفرهما وانخسافاتهما أفخاخاً ومطبات أعاقت حركة السير عليهما، ولم تعد تنفع معهما طريقة الترقيع العشوائي والمرتجل، بل يجب إعادة فلشهما بمادة الإسفلت بشكل كامل.
ويؤكد رئيس بلدية النبطية الفوقا راشد غندور على أن وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي "وعدني مشكوراً بإعادة تعبيد طريق النبطية الفوقا ـ كفرتبنيت بشكل كامل"، إثر لقائه به أواخر العام الفائت، وقد أرسل أحد المهندسين، الذي عاين الطريق على الطبيعة تمهيداً لذلك، مشيراً إلى متابعة كل من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ومكتب
الرئيس برّي في المصيلح ذلك الأمر مع العريضي للتعجيل به.وطالب غندور مدير عام "مؤسسة مياه لبنان الجنوبي" المهندس أحمد نظام بـ "تأهيل شبكة المياه المحاذية للطريق قبل تعبيدها، حفاظاً على سلامة العمل"، وقد وعده الأخير بإنجاز ذلك في وقتٍ قريب.
ويشير غندور إلى أن طريق النبطية الفوقا ـ كفرتبنيت جزء من طريق عام النبطية ـ مرجعيون، الذي يؤدي إلى مختلف المناطق الجنوبية والحدود السورية، "وتعبرها يومياً آلاف السيارات، والحافلات، والشاحنات، والآليات من مختلف الأشكال والأنواع. كما يحول السير إليه من البقاع والحدود السورية أثناء إقفال طريق ضهر البيدر بالثلوج إبان فصل الشتاء، لذلك يجب الاهتمام بها وبصيانتها بشكل دائم تسهيلاً لحركة السير عليها"، وفق غندور.
إلى ذلك، يطالب أهالي الدوير المسؤولين في وزارة الأشغال العامة، وفي محافظة النبطية، و"اتحاد بلديات الشقيف" بـ "التدخل للإسراع في إنجاز مشروع تأهيل وتعبيد الشارع الرئيسي في البلدة، الذي وعدوا بإنجازه في فترة قصيرة، بينما مضت عليه سنوات عديدة من دون أن ينجز حتى الآن، تلافياً للمزيد من الخسائر البشرية والمادية التي يتعرضون لها أثناء سلوكه.
ويتساءل المواطن محمد رمال عن "الرسوم والضرائب الباهضة التي تجبيها الدولة من اللبنانيين، في حين تتقاعس عن تقديم أدنى الخدمات الإنمائية المطلوبة منها وفي طليعتها صيانة شبكات المياه والكهرباء والطرق".
ويعتبر حسن حايك أن "أوضاع طرق منطقة النبطية ازدادت سوءاً، بعدما كشفت الأمطار الأخيرة عوراتها وملأتها بالحفر والخنادق، وحولتها إلى أفخاخ ومطبات عطلت سيارات المواطنين وأرهقت جيوبهم وأتلفت أعصابهم، بشكل لم يعد يحتمل أو يطاق، ما فاقم من معاناتهم وكبدهم أعباء إضافية لا طاقة لهم على تحملها"، مطالبا المعنيين بـ "إعادة تأهيل وترميم وتعبيد تلك الطرق في أسرع وقت رحمة بالناس والعباد".
من جانبه، يوضح رئيس اتحاد بلديات الشقيفط الدكتور محمد جميل جابر أن "الطرق الرئيسية في منطقة النبطية ليست من اختصاص الاتحاد والبلديات المعنية، بل هي من صلاحيات وزارة الأشغال العامة، وبالرغم من ذلك فإن الاتحاد سيعمل بالتعاون مع وزارة الأشغال على تأهيل وتعبيد الطرق التي تصل بين قراه وبلداته بحسب أهميتها". لافتاً إلى أن الاتحاد "وضمن مشاريعه المستقبلية، سيعمل على استحداث المزيد من الطرق التي تختصر المسافة بين العديد من قرى وبلدات الاتحاد ومن ضمنها طرق الشرقية ـ الكفور، أرنون ـ الحمرا ـ زوطر الشرقية ودير الزهراني ـ الشرقية، إضافة إلى توسيع المدخل الغربي لمدينة النبطية من خلال بناء جسر أو نفق لحل أزمة السير الخانقة في المنطقة".
ويشدد جابر على "ضرورة وضع حدّ للتجاذب القائم بين وزارة الأشغال العامة والبلديات حول الصلاحيات المتعلقة بتحديد تبعية الطرق فيما بيـنها، لأن استــمرار هذا التـــداخل ينعكس سلباً على معالجة أوضاعها، لذلـــك يجب حسم هذا الموضوع بالسرعة القصوى، حرصاً على المصلحة العامة للجميع".

إلى ذلك، يرى مصدر في وزارة الأشغال العامة أن "إعادة تأهيل وصيانة طرق منطقة النبطية الرئيسية وتعبيدها، لن تبدأ قبل نهاية فصل الأمطار الحالي، لأنه لا يمكن القيام بهذا العمل خلال تلك الفترة، حرصاً على سلامة التنفيذ والمصلحة العامة"، لافتاً إلى أن مصلحة الدراسات في الوزارة أنجزت ملفات العديد من الطرق المذكورة، تمهيداً لإعادة تأهيلها وصيانتها، وذلك في انتظار تأمين الاعتمادات المطلوبة لها.

السابق
14 آذار: مستنفرون تحت سقف 13 آذار
التالي
أزمة النفايات في صور