قهوجي : لا مُساومة ولا مُهادنة ولا اتّفاقات سريّة

الجيش اللبناني

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول : عادت الحماوة السياسية من باب الانتخابات الرئاسية، حيث سجّلت الجلسة رقم 14 لانتخاب رئيس جديد ثلاثة مواقف مسيحية: الأوّل للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي واصلَ تصعيده إلى حدّ التلويح بعصاه في حقّ المعطّلين، ورفع لاءاته ضد تعديل النظام، والثاني لرئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع الذي وضعَ التعطيل الحاصل في سياق “عملية لإسقاط النظام اللبناني بمجمَلِه”، والثالث للنائب سامي الجميّل الذي تقصّدَ من منزل رئيس تكتّل “الإصلاح والتغيير” العماد ميشال عون الدلالة الى هوية العقدة الرئاسية بقوله إنّه “فشلَ في إقناع عون بالتوجّه إلى البرلمان لانتخاب رئيس جمهورية جديد”، متمنّياً أن “يتمكّن من إقناعه في الجلسة المقبلة” التي أرجأها رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى 19 من الشهر المقبل، أي إلى اليوم ما قبل الأخير من انتهاء الولاية الممدّدة لمجلس النواب، والتي ستُستتبع بتمديد جديد الأسبوع المقبل وفق ما أكّد برّي. وفي موازاة التشديد المسيحي والوطني على ضرورة كسر حلقة الفراغ الرئاسية، جدّد قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي تشديدَه على رفض التهاون مع قتلة العسكريين، رافعاً لاءاته الثلاث: “لا مساومة ولا مهادنة مع قتلة العسكريين ولا اتفاقات سرّية على دم الشهداء”.

في وقتٍ واصلَ الجيش اللبناني ملاحقة المجموعات الإرهابية في طرابلس ومحيطها، وقد أقدمَ بعضهم على تسليم أنفسهم له، وأحبَط مخططاً إرهابياً في صيدا، رفعَ قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس لاءات عدّة في وجه السياسيين والإرهابيين، فأكّد مجدداً أن “لا مساومة ولا مهادنة مع قتلة العسكريين، ولا اتفاقات سرّية على دم الشهداء، واعتبر أنّ كلّ مَن اعتدى على عناصر الجيش هو إرهابيّ، وسيلاحَق أينما وُجد حتى توقيفه وتسليمه للقضاء مهما طال الزمن”.

ووعد خلال تقديمه تعازيَه الحارّة لأفراد عائلتي الرائد الشهيد جهاد الهبر والنقيب الشهيد فراس الحكيم في بلدتي منصورية بحمدون والمشرفة في قضاء عالية، بأنّ دماء الشهداء العسكريين والجرحى لن تذهب هدراً.

أمّا في السياسة فقد توزّع النشاط أمس بين مجلس النواب والسراي الحكومي والرابية ومعراب، فيما استعادت ساحة رياض الصلح مشهد الاحتجاجات والتهبَت مساءً مع إشعال أهالي المخطوفين العسكريين الإطارات غضباً، وذلك بعد ساعات على انتهاء اجتماع خليّة الأزمة التي عُقدت برئاسة سلام وحضور كلّ من وزير الدفاع سمير مقبل، وزير المالية علي حسن خليل، وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور، وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير العدل اللواء أشرف ريفي، مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير. وقد بحثت الخلية في آخر ما توصّلت إليه الاتصالات الهادفة إلى تحرير العسكريين المخطوفين.

مصدر عسكري

إلى ذلك، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ”الجمهورية”، أنّ “التقنية الاستخباراتية التي استعملتها مخابرات الجيش ساهمَت بشكل كبير في تفكيك الشبكات الإرهابية، خصوصاً أنّها استعملت وسائل متطوّرة من أجل ملاحقة الاتصالات ما بين أعضاء المجموعات ورصد تحرّكاتهم، وهي تذكّر بعمليات نوعية نفّذتها المخابرات في الأعوام الماضية”.

ولفتَ المصدر الى أنّ “الإنجاز النوعي الذي يسجّله الجيش يأتي بعدما استُكملت عملية جمع المعلومات، وقد حُدّدت الساعة الصفر لبدء الهجوم على هذه المجموعات، علماً أنّ جميعها كانت تحت المراقبة، والدليل هو تساقط هذه المجموعات الإرهابية في الشمال والجنوب والبقاع في الوقت نفسه”.

وأشار المصدر إلى أنّ “التحقيقات مستمرّة مع الموقوفين لمعرفة حجم الترابط ومخططاتهم التي كُشف جزءٌ كبير منها، وهم ما زالوا في وزارة الدفاع يخضعون للتحقيق قبل إحالتهم الى القضاء”، مؤكّداً أنّ “أسلوب الضغط والتطويق مستمرّ في ملاحقة الشبكات، والدليل إقدام ثلاثة عناصر على تسليم أنفسهم بعدما فقدوا الأمل بالنفاد من الجيش”. وأوضح المصدر أنّ “الجيش يستكمل انتشاره في أحياء طرابلس ومنطقة الضنية، ونجح بشكل لا يقبل الشكّ باجتثاث البؤَر الإرهابية”.

الجيش واصلَ إجراءاته

وفي سياق المداهمات التي ينفّذها الجيش اللبناني على مدار الساعة من أجل تفكيك الخلايا النائمة وضبط الوضع الأمني، أوقَف مكتب القبيّات في المديرية الإقليمية لأمن الدولة في محافظ عكّار السوري سليم م. خ. من سكّان أحد تجمّعات اللاجئين السوريين في بلدة خربة داوود.

وهو مساعد أوّل منشقّ عن الجيش السوري من القصير ومشتبَه بانتمائه الى مجموعة الموقوف عماد جمعة ومؤسس لكتيبة اعصار الحق في القلمون. وقد تمّ تحويله الى الجهات المختصة للتوسّع بالتحقيق. كذلك، دهمَ الجيش بلدة تلمعيان في سهل عكّار، وأوقفَ 7 أشخاص، ونفّذ مداهمات في منطقة عين الدلب شرق صيدا بحثاً عن مطلوبين.

ساحة النجمة

وفي موازاة ذلك لم تشهد الجلسة 14 انتخابَ رئيس جمهورية جديد، وأُرجئت إلى موعد جديد في 19 تشرين الثاني المقبل، وهو اليوم الذي يسبق اليوم الاخير من نهاية الولاية النيابية الممدّدة، وذلك في خطوة استباقية أراد منها رئيس مجلس النواب نبيه بري وضعَ الجميع أمام مسؤولياتهم لانتخاب رئيس جديد، خصوصاً إذا فشل التمديد النيابي، وهو أكّد أمس أنّ المداولات حول التمديد مستمرّة وستُستكمل في الايام القليلة المقبلة، وأنّه سيحدّد موعد جلسة التمديد في الاسبوع المقبل، وأعلن بري أنّه سيعمد بعد التمديد الى العمل من اجل التركيز على عدد من الأولويات، وفي مقدمها إحياء اللجنة المكلفة درسَ قانون الانتخابات النيابية، مؤكّداً في الوقت نفسه على انّ انتخاب رئيس الجمهورية يبقى في صدر الأولويات.

السراي الحكومي

أمّا في السراي الحكومي، فأجرى رئيس الحكومة تمام سلام سلسلة لقاءات ديبلوماسية مع كلّ من السفير الآميركي دايفيد هيل والسفير السعودي علي عواض عسيري والسفير السويسري فرانسوا باراس، تمحورَت حول الأوضاع الراهنة في لبنان والتطورات في المنطقة.

الحراك الرئاسي

وفي الرابية، فشلَ النائب الجميّل خلال زيارته رئيس تكتّل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون في إقناعه بالتوجّه الى البرلمان لانتخاب رئيس جمهورية، متمنّياً أن يتمكّن من إقناعه في المرّة المقبلة.

الراعي

وإزاء استمرار الشغور الرئاسي، هدّد البطريرك الراعي باستخدام العصا ضد النوّاب إذا استمرّوا بتعطيل انتخابات رئيس الجمهورية، وقال: إنّ نوابنا الكرام لم ينتخبوا رئيساً، وأصبحنا في الشهر السادس من دون انتخاب رئيس للجمهورية لأنّ كلّ فريق من الفريقين السياسيين ينتظر مَن سينتصر، السُنّة أم الشيعة؟ السعودية أم إيران؟ النظام في سوريا أم المعارضة؟ ولذلك، فإنّ نوابنا في الجلسة رقم 14 لم ينتخبوا رئيساً للجمهورية ولم يكملوا النصاب. يحتاج الأمر الى عصا… نعم حان الوقت”.

وختم الراعي: “يتمّ الحديث اليوم عن مؤتمر تأسيسي، ونحن نرفض منذ الآن أيّ بحث في المثالثة، كما نرفض أيّ كلام عن مؤتمر تأسيسي، لأنّ معنى ذلك التعرّض للميثاق. فالحديث عن المثالثة يعني طائرةً بثلاثة أجنحة: سنّي وشيعي ومسيحي، وهذا ضدّ 94 سنة من حياة لبنان الميثاقية”.

جعجع

من جهته، اعتبر الدكتور جعجع في مؤتمر صحافي عقدَه في معراب بعد عدم اكتمال نصاب جلسة انتخاب الرئيس، أنّ تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بات محاولة لإسقاط النظام اللبناني “لا تختلف عمّا قامت به بعض المجموعات المسلحة في طرابلس” وأكّد أنّ الفرصة متاحة للتفاهم مع عون للوصول الى انتخاب رئيس. واعتبر أنّ التمديد لمجلس النواب “من أكبر عمليات الغشّ اليوم”.

موقف سعودي

ومن السراي الحكومي، دعا السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري كلّ الأطراف الى تغليب العقل، وعدم استجلاب المشاكل من الدول المجاورة الى لبنان، وتجنّب القيام بأدوار أو اتّخاذ مواقف لا تخدم مصلحة لبنان الوطنية.

وأكّد أنّ لبنان يستحقّ من كافة أبنائه التضحية والعمل من أجل ما يتطلبه الوضع الحاليّ من جهد لحفظ الأمن والوقوف وراء الجيش، داعياً إلى الإقلاع عن المواقف الفئوية، والاستعاضة عنها بالتركيز على ما فيه مصلحة لبنان وما يؤدّي الى وحدة أبنائه وجمعِ شملهم تحت رايته وحدَه.

وكرر عسيري حِرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على أن يجتاز لبنان هذه المرحلة بأقلّ الأضرار الممكنة، مذكّراً بدعواته للمسؤولين اللبنانيين لوضعِ مصلحة لبنان فوق كلّ اعتبار وتعزيز الوحدة الوطنية التي تُشكّل المظلة الأقوى لحماية لبنان في هذه المرحلة.

ومن بيت الكتائب المركزي، أكّد عسيري بعد لقائه الرئيس أمين الجميّل حرصَ بلاده على استقرار لبنان والسلام فيه، وعلى تضافر جهود كلّ القيادات اللبنانية لمواكبة هذه المرحلة الدقيقة والصعبة على صعيد المنطقة ككُلّ.

…وآخَر إيراني

من جهتها، اعتبرَت إيران أنّ الاستحقاق الرئاسي شأنٌ لبناني، وقال سفيرها في لبنان محمد فتحعلي: “نحن لا نحبّذ أيّ تدخّل خارجي من قبل أيّ دولةٍ كان في هذا الاستحقاق، مبدياً اعتقاده بأنّ “في إمكان النُخَب السياسية اللبنانية تقديم الأجوبة المناسبة لكلّ المتطلبات السياسية في لبنان”.

وحول العلاقات الإيرانية – السعودية، قال فتحعلي: “علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية مستمرّة، ونحن نسعى دوماً إلى معالجة أيّ تفاوت أو تباين في وجهات النظر، وأن ننظر سويّة إلى مستقبل هذه المنطقة، لأنّ أيّ شقاق بين دوَل هذه المنطقة وبين شعوبها لا شكّ أنّه يصبّ في نهاية المطاف في خدمة الكيان الصهيوني”.

“14 آذار”

وبعد كلام كتلة “المستقبل” عن ضرورة “المسارعة الى استكمال تنفيذ الخطة الامنية بحزم توصّلاً الى أن تبسط الدولة سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بحيث لا يعود هناك أيّ سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية”، قالت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار “إذا صدَق “حزب الله” بـ”محبته للجيش” عليه أن يبادر إلى إنهاء إزدواجية “جيشين وقرارين في بلد واحد”، وأن يسلّم سلاحه للدولة اللبنانية تنفيذاً لاتّفاق الطائف وعملاً بالقرارين 1559 و1701″، وذلك في مؤشّر واضح إلى تركيز قوى 14 آذار مجدّداً على موضوع سلاح الحزب وضرورة تسليمه إلى الشرعية.

السابق
   هل خسر حزب الله في طرابلس؟
التالي
بري يفتح بوابة التمديد والراعي يرفع 4 لاءات