أسئلة الحرب الأميركية على «داعش»

تسارعت إجراءات مواجهة «داعش» وأخواتها في سوريا والعراق. تبنى مجلس الأمن القرار 2170 وقد تضمن دليل عمليات لمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية، وبدأت الولايات المتحدة بشن غارات جوية على مواقع الإرهابيين في العراق، ثم وبصورة مفاجئة، قامت بضربات صاروخية على سوريا وسط استغراب وذهول من دول المنطقة من توقيت هذه الضربات والغايات الحقيقية من التدخل الاميركي.

يمكن تسجيل جملة ملاحظات حول هذا التدخل العسكري:
– تشكيل تحالف لمواجهة «داعش» في اجتماع جدة الاخير برئاسة الولايات المتحدة وعضوية دول «مجلس التعاون الخليجي» الست ومصر ودول جوار سوريا وهي لبنان والاردن والعراق، ورفض تركيا التوقيع على بيان جدة، وتالياً رفض الدخول في هذا التحالف. جميع هذه الدول بما فيها الدولة رئيسة التحالف، اعلنت انها لن ترسل قوات برية الى سوريا. اعلن الرئيس اوباما إستراتيجية غامضة لمكافحة «داعش»، وأكد أن حلفاءه يشاركونه الحرب ضد الإرهاب، وشدَّد أنها «دول سنية»، في إشارة غير مسبوقة من رئيس اميركي.
– مشاركة بعض دول التحالف في الغارات الجوية وهي السعودية والإمارات وقطر والبحرين والأردن. واللافت في هذه المشاركة كان عدم تخوف هذه الدول من ردود فعل «داعش» و تنظيم «القاعدة» الذي يتعرض أحد فروعه، «جبهة النصرة» للقصف، خصوصاً لجهة القيام بهجمات إرهابية انتقامية داخل تلك الدول، قد تطيح باستقرارها وازدهارها، لأنها لا تتحمل حصول تفجيرات انتحارية من النوع الذي يجري في سوريا والعراق. نأت سلطنة عمان والكويت عن المشاركة بالعمليات في حين تباهت السعودية بالعمليات ونشرت وزارة الدفاع صور الطيارين المشاركين.
– غموض الوضع حول من سيتولى رفع العلم على الارض، أي القوات البرية التي سوف تستغل نجاح الضربات الجوية الاميركية لتتقدم الى مواقع الإرهابيين وتستولي عليها. في العراق قيل الجيش العراقي و«البشمركة» و«الصحوات» و«العشائر». اما في سوريا فمن؟ «الجيش السوري الحر» عاجز عن مثل هذه المهمة، وسبق للرئيس اوباما منذ اشهر قليلة أن وصف المراهنة عليه بالفانتازيا، أي الوهم، كما ان وحداته ملتحقة عملياً بـ«جبهة النصرة» التي كانت قد استولت على مخازنه في أعزاز وما تحويه من اسلحة اميركية وأوروبية. نشرت وسائل إعلام أن السعودية سوف تدرب المعارضة المعتدلة في الطائف، وقال وزير الدفاع الاميركي تشاك هايغل إنه يلزم اكثر من سنة من اجل تدريب خمسة آلاف عنصر من المعارضة. هذا العدد وبهذا التأخير، لا يكفي ولا يصلح لمواكبة هذه الضربات او استغلالها. يبقى الجيش السوري خياراً منفرداً لاستغلال نتيجة الضربات، فهل تقبل به الولايات المتحدة بالرضى او بغض النظر او بالأمر الواقع؟
– إشكالية إعلام سوريا بموعد الضربة وما نشر عن رسالة من وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى وزير الخارجية السوري وليد المعلم بواسطة وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري، او من مندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة سامنتا باورز لزميلها السوري بشار الجعفري. هل يعتبر ذلك تنسيقاً أم مجرد إخطار؟ هل يرقى في المستقبل المنظور، الى درجة تنسيق بين الولايات التحدة وسوريا؟ وهل يغامر اوباما بذلك بعد ردة الفعل السعودية التي غضبت في السابق على اتصاله بالرئيس الإيراني روحاني وإلغاء قراره بضرب سوريا؟
– عسكرياً هل تطول فترة القصف وتحدد الولايات المتحدة منطقة عمليات جوية محددة تتطور الى منطقة حظر جوي؟ وما هي ردة فعل سوريا وحليفيّها إيران وروسيا؟ وهل ترضى روسيا بمنطقة الحظر الجوي خصوصاً بعدما رست في ميناء طرطوس قطع بحرية روسية وأُعلن عن تزويد سوريا بصواريخ دفاع جوي جديدة؟ يمكن أن تكون منطقة الحظر الجوي الهدف البعيد للولايات المتحدة وأن يعقبها تسليم المناطق التي تسيطر عليها المنظمات الإرهابية الى كيان شكلي هو حكومة المعارضة السورية التي تحظى باعتراف الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية يتم حقنها ببعض العشائر ومن تبقى من «الجيش الحر» وجمال معروف وحزم وغيرها، أي مشروع كردستان جديدة شمال شرق سوريا يمكن أن يتطور الى كيان سياسي وإداري يصدر جوازات سفر ووثائق وغيرها. (من هنا نفهم الهجمات المستميتة لداعش على الفرقة 17 ومطار الطبقة في الرقة والسيطرة عليهما). هل تحسب الولايات المتحدة لردة فعل سوريا وحلفائها على هذا الإجراء وتصرف النظر عنه أم تمضي به وتدخل المنطقة في أتون حرب قاسية تشمل الجميع بما فيها الدول التي شاركت بالقصف الجوي؟
– هل تكون تركيا من يملأ فراغ داعش وهل يغامر اردوغان باجتياح سوريا ويتدخل بالقوات البرية لاستغلال نجاح ضرب داعش وتحقيق حلمه العثماني بحيث يقلب قواعد اللعبة ويحيي ذكرى السلطان سليم الاول الذي يعيش في خاطره وهو يبني جسراً على البوسفور يحمل اسمه؟وهل هي صدفة أن يكون اسم صحيفة داعش الالكترونية «دابق» على اسم معركة «مرج دابق» التي انتصر فيها السلطان سليم وفتح بلاد الشام؟
– هل نشهد عمليات قصف قوية لمواقع «داعش» في العراق، يسارع الجيش العراقي الى استغلالها واستعادة الموصل في نينوى والفلوجة في الأنبار وتكريت في صلاح الدين وينهي اسطورة «داعش»؟ ام ننتظر الوفاق العراقي المنشود والذي يتبلور عند تعيين وزير دفاع ووزير داخلية اللذين عجزت الولايات المتحدة أثناء احتلالها العراق على التوفيق بين القوى السياسية العراقية للاتفاق على الاسمين العتيدين، علماً أن المنصبين شاغران منذ العام 2010 وتولاهما الرئيس المالكي بالوكالة؟
– هل تضطر الولايات المتحدة الى نشر قوات برية في بعض مناطق العراق خصوصاً بعدما تأكد وصول أركان قيادة فرقة الى العراق ويبلغ عددهم نحو 500 عنصر يهيِّئون لانتشار فرقة عسكرية قد يصل عديدها الى عشرين ألفاً؟ عندما تجهز قيادة الفرقة لا يبقى أمام القيادة الاميركية إلا ملء المواقع التي حددتها الفرقة بالقوات اللازمة. ما هي عواقب الانتشار الجديد المرتقب على الوضع في المنطقة بعدما خرجت الولايات المتحدة من الباب العراقي الواسع وعادت من شباك «داعش»؟
– ما حصة جبال القلمون وجرود عرسال في لبنان من الحملة الاميركية، وهل تكون مواقع «النصرة» و«داعش» هناك من ضمن بنك الأهداف الأميركية، خصوصاً بعدما أظهر الأميركيون تعاوناً استخبارياً في مكافحة الإرهاب تجلى في المعلومات التي نُشر أن الأجهزة الأميركية مررتها للأجهزة اللبنانية وأفضت الى توقيف ماجد الماجد وآخرين، وهذا ما يشيرالى اهتمام اميركي متواصل بالإرهاب القادم من القلمون؟
اسئلة كثيرة لم يفسح الأميركيون المجال للإجابة عنها، إذ تبين أن السيف الأميركي هو أصدق إنباءً من كتب مراكز الدراسات ونتائج المحللين، فالأجندة موضوعة والتطورات مفتوحة على كل الاحتمالات والقوي يبقى.

http://www.assafir.com/Article/18/375584

السابق
أيسبب الصداع النصفي الباركنسون؟
التالي
متحف منير كسرواني التراثي