أميركا تطلق يد إسرائيل في سوريا عشية مؤتمر بولندا

اسرائيل سوريا
يشكل مؤتمر بولندا الذي سينعقد في شهر شباط القادم برعاية واشنطن لمواجهة ايران، الحدّ الفاصل بين السياسة الاحتوائية التي اعتمدتها واشنطن تجاه طهران، والسياسة الهجومية الأميركية ضد نفوذها الإقليمي.

نحو سبعين دولة مرشحة للمشاركة في هذا المؤتمر منتصف الشهر المقبل، ويقوم المؤتمر على ركيزة أميركية-عربية وتعاون أوروبي، وإسرائيل التي ستشارك في المؤتمر ستعمل على استثمار الحيّز الأميركي المتاح لها من أجل قطع خطوات نوعية باتجاه التطبيع مع الدول العربية.

إسرائيل هي الأقدر على قراءة التوجه الأميركي، لذا جاء التصعيد الإسرائيلي الأخير في سوريا، لاستثمار المساحة الأميركية التصعيدية مع ايران، وفي لحظة تدرك إسرائيل ان تصعيدها اليوم لن يزعج واشنطن، بخلاف ما كان عليه الحال في السنوات السابقة التي لجمت واشنطن إسرائيل عن القيام بأي عمل عسكري نوعي سواء في لبنان او في سوريا.

وكان شنّ سلاح الجو عملية هجومية في سوريا، ليلا، ضد أهداف إيرانية، وقالت إسرائيل ان الهجوم جاء رداً على إطلاق صاروخ أرض – أرض من سوريا نحو إسرائيل أمس الأحد. وأوضح بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو استهدف في الهجوم أهدافا عسكرية تابعة ل “فيلق القدس” الإيراني.

وجاء في البيان أن منظومة “القبة الحديدية” كانت تعرضت لصاروخ أرض – أرض أطلق من سوريا على يد الإيرانيين نحو شمال هضبة الجولان. وقال الجيش إن الرد الإسرائيلي على هذه العملية التي تعد تجاوزا خطيرا شمل تدمير مخازن أسلحة، أبرزها مخزن في مطار دمشق الدولي، وموقع استخبارات ومعسكر تدريبات إيرانيين.

هي المرة الأولى التي تطلق فيها القوات الإيرانية صاروخ ارض-ارض نحو الجولان، وهو ما وصفته إسرائيل بالخطير، علماً أن الصاروخ الإيراني اطلق في اعقاب استهداف إسرائيل لمواقع إيرانية عدة في جنوب دمشق وفي مطارها مساء السبت.

ومن الملاحظ في الضربة الإسرائيلية أنها كانت تتم، وسط اعلان إسرائيلي عن مسؤوليتها، فالبيانات الرسمية الإسرائيلية كانت تشير الى المواقع التي استهدفتها، بخلاف ما كان عليه الحال في السنوات السابقة، وهذا مؤشر على الانتقال الى مرحلة جديدة، كان من ابرز مقدماتها تجديد الاتفاق الروسي-الإسرائيلي الذي طوى مرحلة اسقاط الطائرة الروسية، ودفع الأمور نحو إزالة التحفظات الروسية، التي اطلقت اليد الإسرائيلية اكثر من السابق حيال ما تعتبره إسرائيل مقتضياتها الأمنية.

اقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية تفضح هزيمة الأيديولوجيا الإيرانية

هذه المرحلة الجديدة التي بدأتها إسرائيل في تصعيد ضرباتها الجوية ضد المواقع الإيرانية، تتزامن مع محاولات بلورة تفاهم تركي-إيراني-روسي في شمال سوريا، وهو اتفاق دونه صعوبات سيكون على الرئيس التركي أن يتجاوزها في ظل صعوبات ومصالح معقدة بين الأطراف المؤثرة. في المقابل تلوح طهران بالرد على محاولات عزلها، لا سيما أن مؤتمر بولندا المرتقب، سيؤسس لمرحلة تعاون إقليمي واسع تحت رعاية واشنطن لمحاصرة ايران، وهو ما يفتح شهية إسرائيل لتصعيد تريد من خلاله لعب دور اكبر في الأزمة السورية من جهة، وفي الانتقال الى مرحلة تعاون علني مع الدول العربية، وعلى رغم أن السعودية لا تزال تعترض على بناء علاقات دبلوماسية وسياسية مع إسرائيل، لأسباب تتصل بموقعها الإسلامي ولأسباب تتصل بالقضية الفلسطينية، فان الرهان الإسرائيلي سيكون على تصعيد المواجهة مع ايران الذي سيفرض تعاونا امنياً غير معلن بين الدول العربية وإسرائيل.

من هنا فإسرائيل التي كانت مقيدة بالضغط الأميركي، سواء في سياستها الأمنية والعسكرية تجاه لبنان أو سوريا، تبدو مع التصعيد الأميركي ضد طهران، ومع اعلان انسحاب واشنطن من سوريا أمام فرصة الدخول كطرف شريك بين أطراف إقليمية ودولية في صوغ المرحلة الجديدة للمنطقة، بوابة مواجهة ايران في سوريا مدخل موضوعي طالما بقي التهديد الإيراني الصوتي بتدميرها بعيدا عن التنفيذ، ذلك أن تدمير معظم الدول العربية هذه المرة لم تكن إسرائيل طرفا فاعلا فيه بقدر الفعل الإيراني، وهذه الهدية الكبرى التي نالتها إسرائيل وتعمل اليوم على صرفها في النفوذ والتطبيع مع دول عربية متهالكة.

السابق
لوكسمبورغ أول دولة في العالم تجعل وسائل النقل مجانية!
التالي
محفوض: قبل أن تتحمسوا لإعمار سوريا أعيدوا إعمار الكهرباء