لقد تحول التشيّع من انتماء إلى مذهب من المذاهب الإسلامية المتعددة، إلى وظيفة سياسية أيديولوجية، تتحقق من باب التسليم أو المبايعة للقيادة الإيرانية ومنحها حق تقرير مصير الشيعة على حساب الانتماء الوطني والقومي اللذين يشكلان عنصرين محوريين في بناء الدول وفي تحديد أطر الحياة السياسية، وإيران نفسها ليست خارج هذه القاعدة.
الوظيفة الشيعية التي صارها المذهب هي اليوم حقيقة كما يراها الغرب والعديد من الأنظمة والتيارات في الدول العربية، بعد أن رسخت القيادة الإيرانية في الوعي العربي العام، فكرة الصراع الشيعي_الإسرائيلي، والصراع الشيعي_العربي وهذه مفاهيم ووقائع ستحيل بالضرورة أمر الجماعات الشيعية إلى القرار الإيراني دون سواه.
اقرأ أيضاً: «تفاهم بعبدا لمقاومة الفساد» البند الأول في البيان الوزاري
انتقل التشيّع هنا من كونه مذهباإلى وظيفة يكاد يختصرها المشروع الإيراني، وهو مشروع تعيش المنطقة تحت ظل تبعاته السياسية والاجتماعية والوجودية من البحرين وصولاإلى لبنان والعراق.
إيران التي تخوض حروبها على امتداد الدول العربية عبر وكلائها وامتداداتها الأيديولوجية رسخت وجهة الصراع الشيعي_العربي، بما جعل من إسرائيل عنوانا ثانوياً بالنسبة لإيران و العرب عموما.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن إيران التي رفعت منذ أربعين عاما شعار تحرير القدس والعداء لإسرائيل، لم تخض أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي على الرغم من تورطها المباشر في حروب عديدة سواء في سوريا أو في العراق.
إيران كانت تأخذ من عدالة القضية الفلسطينية أرضيّةً لها وهدفاً لتأسيس خلايا موالية لها، ومن ثم تبدأ هذه الخلايا بالتنقّل من دولةً عربية إلى أخرى ممهّدة لتوسع نفوذها داخل الدول العربية، في الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل مطمئنة إلى هذا التوسع، لأنها تعلم أنّ هذا الإنتشار محصور في الدول العربية ونهايته ستكون اشتباكا عربيّا عربيّا .
ولكن ماذا بعد التمدد الايراني؟ إلى أين تطمحإيران أن تصل، وإن تمت لها السيطرة على الدول العربية، هل سيتم التفاوض مع إسرائيل على مبدأ حلّ الدولتين؟ وإن كانت ايران لا تريد الوصول إلى حلّ تقبض ثمنه، فلماذا تصرف هذه الأمواللخدمة مشاريعها التوسعية وتحويل الحالة الشيعية من مذهب إلى وظيفة؟
