تبريرا لعجز السلطة: الرئيس عون يحمل اللبنانيين مسؤولية الفساد

سنتان على التسوية الرئاسية مدة زمنية كفيلة أن تترجم فيها التغييرات والوعود بالإصلاح والتغيير ومكافحة الفساد، إلا أن شيئًا لم يتحقق بل على العكس ما حصل هو مزيد من التدهور في الأوضاع. والمضحك المبكي أن يبرير بعد ذلك فشل "العهد الجديد" بلوم المواطن وتحميله مسؤولية سوء الأوضاع.

في ظلّ الأزمات التي يعيشها المواطن اللبناني، وتحمله مشقة إنقطاع الكهرباء والمياه وتردّي الأوضاع الإقتصادية والغلاء وفيما ينخر الفساد في مؤسسات الدولة، خرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس بتصريحٍ أثار جدلا وموجة إنتقادات واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي بعدما دعا اللبنانيين الى “مساعدة الدولة في مكافحة الفساد، لان لا امكانية بإنجاز اصلاح في مجتمع لا يريد شعبه مواجهة الفساد فيه”، وذلك خلال إستقباله وفدا من نقابة مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية والمشروبات في لبنان.

وقد رأى البعض في تصريح الرئيس عون تحميلا جائرا للشعب اللبناني مسؤولية إخفاق الطبقة الحاكمة طيلة هذه الأعوام وعدم قدرة العهد الجديد من تحقيق وعوده بالإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد ، فما إعتبر البعض الآخر أن المواطن يتحمل أيضا مسؤولية مكافحة الفساد من خلال الإلتزام بواجباته قانونيّا وأخلاقيّا.

اقرأ أيضاً: لا تقدّم في تأليف الحكومة وتراشق إعلامي بين العونيين والجنبلاطيين

فهل يتحمّل المواطن مسؤولية إخفاق وعجز الدولة في وقت أبسط حقوقه مسلوبة؟

وقد أيّد حبيب يونس مسؤول الإعلام السياسي في “التيار الوطني الحر” رأي الرئيس عون، وقال في حديثه لـ “جنوبية” إن “مسألة الفساد لا تتعلق بشخص واحد أو بجهة واحدة، فهناك ثقافة عامة يتعلمها الشعب وتنفذها الدولة”، وتابع “على سبيل المثال عندما يدفع المواطن رشوة لإنجاز المعاملات الرسمية فهو بذلك يساهم بالفساد، في حين عندما يرفض المواطن دفع الرشوة ويرفع صوته من خلال تقديم شكوى لدى المعنيين يؤدي إلى ملاحقة ومحاسبة الموظفين المرتشين ليكونوا بذلك عبرة لغيرهم عبر الضغط على الدولة لتسيير أمورهم دون دفع الرشاوى”.

كما أكّد يونس أن “محاربة الفساد منظومة متكاملة بين الشعب والدولة، مضيفا هناك “زعماء فاسدين بنوا “مجدهم السياسي” بفضل الاعيبهم الفاسدة وعلى الرغم من ذلك يعيد اللبنانيين إنتخابهم وهو ما سيؤدي حكما إلى حثّه على الإستمرار بممارساته الفاسدة”.

وفي الختام شدّد يونس على أنه “عندما يمتنع المواطن عن تقديم الرشاوى في الميكانيك وفي المحاكم ومؤوسسات رسمية أخرى وعندما يلتزم بالقانون وبمبدأ المحاسبة وتصبح كل هذه الأمور ثقافة عامة يمكننا عندها مواجهة الفساد، معتبرا أن “هناك مسؤولية مشتركة بين الناس والسلطة الحاكمة “.

النائب بولا يعقوبيان وافقت الرئيس عون الرأي “من حيث كيفية إنتخاب الشعب لطبقة سياسية فاسدة والتجديد لحكام مرتهنين يستخدمون التخويف وسيلة للبقاء دون أي إنجاز يذكر ودون منح الشعب أقل وأبسط حقوقه”.

اقرأ أيضاً: الفساد في لبنان أصبح طريقة حياة وليس آفة

وأضافت يعقوبيان “أوافق على ضرورة أن يكون الشعب أكثر وعيا من حيث إختيار ممثليه، خصوصا بعدما إتطلعت على إنجازات رئيسة كرواتيا كوليندا كيتاروفيتش في بلد يشبه لبنان إلى حدّ كبير، خارج لتوّه من حرب أهلية وكيف إنتفض الشعب وتعاطى مع حكمها بالذهاب في مسار إصلاحي مهم وكبير”، وتابعت “الأهمية الكبيرة للشعب الذي يجب أن يثق بنفسه قبل أي شيئ، فلو عمل على محاسبة الطبقة السياسية لكانت إضطرت الأخيرة إلى تحسين أدائها”.

وفي الختام إستغربت يعقوبيان ” أن “يقوم اللبنانييون بعد كل هذه الإخفاقات وبعد التصفيق للطبقة السياسية وإعادة إنتاج السلطة السياسية نفسها المطالبة بمكافحة الفساد من أربابه، وتساءلت مستهجنة “شو عم نضحك ع حالنا!”.

السابق
بعد كسر الجرّة مع التيار الحر: هل تتقارب القوات وحزب الله؟
التالي
معركة داخل مجلس نقابة الأطباء وإخبار أمام النيابة العامة بعد تعطيل سياسي (1)