قراءة هادئة للمشروع الروسي الذي طرحه بوتين في سوتشي

إن العلاقة بين الدول الكبرى تنطلق من استراتيجية المصالح، التي تعتمد على الإقتصاد والأمن، وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها، فالمصالح المشتركة بين الدول تؤسس لبناء علاقات متينة.

كما أن التناقض في المصالح له نتائج عكسية، وهذه هي سنة العلاقات بين الدول تاريخيا، ثم إن المصالح المشتركة بين الدول قد تتعرض إلى اهتزازات فيما إذا زاحمتها مصالح أكثر أهمية، ومن هنا تصبح المصالح المشتركة في دائرة الخطر، وما دعانا إلى قول ذلك هو القمة السرية التي حصلت بين الرئيس بوتين والرئيس بشار في سوتشي في روسيا. وتصريحات الرئيس بوتين كانت واضحة وتكشف أن روسيا هي من سعت لحصول هذا اللقاء، وكشف بوتين في هذا اللقاء عن وجود مشروع تعده روسيا لسوريا، وخاصة بعد القضاء شبه الكامل على الإرهاب، ويقضي هذا المشروع بخروج كافة الجيوش الأجنبية عن سوريا بما فيها الحرس الثوري الإيراني باستثناء الجيش الروسي الذي تم تشريعه، بأنه موجود بناء على طلب رسمي من الدولة السورية، بالإضافة إلى توقيع عقود عمل لشركات روسية لعشرات السنين في التنقيب عن الغاز والنفط في الأراضي السورية، كما وعدت روسيا بالعمل على بناء الجيش السوري وتسليحه وتدريبه، إلى جانب المساعدة على بناء الدولة.

إقرأ أيضاً: الأسد بين الفكين الأمريكي والروسي ..

والخطورة في مشروع بوتين في سوتشي أنه يريد فصل سوريا عن الصراع العربي الإسرائيلي، ويلزم من ذلك إخراج سوريا من حلفها مع إيران في مواجهة إسرائيل، ولا شك أن إيران سترفض هذا المشروع وتطلب من حليفها الروسي بإعادة النظر فيه، لكن ماذا لو رفض الروس التخلي عن هذا المشروع ؟ ولا يمكن استعجال الحكم على هذا المشروع قبل انتظار الرد الإيراني عليه، لأنه سيكون لديه تداعيات خطيرة على مستوى المقاومة، وخاصة أن سوريا كانت تشكل الظهر الحامي للمقاومة، لكن حسب المشروع الروسي لم تعد سوريا هي الظهر الحامي. وقد أشارت روسيا بأنها ستحمي سوريا من ضربات الطيران الإسرائيلي في حال التزمت سوريا المشروع الروسي، وهذا يعني أن روسيا لن تتدخل في حال قام الكيان الإسرائيلي بغارات ضد مواقع سورية أو حليفة، وهذه وسيلة ضغط روسية واضحة، والذي يظهر أن روسيا أرادت أن تمسك بالعصا من الوسط، في وقت كان الجميع بحاجة لها وهي حليف مشترك، وليس بعيدا أن تحاول روسيا أن تمهد لتسويات لنزاعات على الساحة الإقليمية والدولية، سواء على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي أو الإيراني الخليجي، أو الأميركي الإيراني، ولا شك أن روسيا ستحقق من وراء ذلك مكاسب اقتصادية وأمنية دولية تخرجها من عزلتها الدولية، ولكن المشروع الروسي دونه عقبات.

إقرأ أيضاً: إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا

السابق
جنبلاط ينشر صورة تجمعه ببري ويعلق: تأملوا!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين في 21 ايار 2018