مأزق إقليم كردستان؟

خالد العزي
الاكراد كان يخشون على مصيرهم من الحرس الثوري والحشد الشعبي بعد انتهاء "داعش"..

لم يكن ضروري من قبل اقليم كردستان وضع المناطق عليها بين بغداد والاقليم ضمن خارطة الاستفتاء بعد الابتعاد الدولي عن دعمهم لاستفتاء مما وضع الاقليم في أزمة قانونية مدخلها المناطق المتنازع عليها ضمن المادة 140 من الدستور العراقي الذي وقع عليه الشعب الكردي.

إقرأ ايضا: العزيّ: إيران تهدف الى السيطرة على الكتلة السنيّة الكبرى في المنطقة

الاستفتاء نجح بكل معنى الكلمة في الإقليم، ولكن حق تقرير المصير فشل بسبب المحاصرة السياسية والاقتصادية والعسكرية للإقليم، وبالتالي هناك أزمة فعلية في الداخل الكردي والخارج مع الدول المجاورة وتحاول ايران بكل ثقلها من خلال الحشد الشعبي والحرس الثوري بالدفع نحو المواجهة وزيارة قاسم سليماني الى السليمانية تحاول ان تتوافق مع السليمانية لتسليم الحشد كركوك الورقة الأضعف في عملية الاستفتاء لأحداث شق داخل الصف الكردي…

بغداد تحاول ان تستوعب القضية من خلال استغلالها من قبل ايران وبالتالي الوضع صعب وخاصة بظل استراتيجية ترامب الجديدة التي تقوم على التضييق على ايران التي تحاول الرد من خلال القبض على العراق والسيطرة على الاكراد وتهديدهم بالتجويع والحرب وادخال عناصر حزب العمل الذي يعمل بواسطة الحرس الثوري في سورية وتركيا..

وبالرغم من كل الصورة التصعيدية التيث تمارس ضد الاقليم من قبل دول الجوار والتي ستكون عاملا ايجابيا للاكراد في دعم انفصالهم بحال تعرض الاقليم لهجوم عسكري من قبل الإيرانيين او الأتراك، لذلك تعمل ايران على دفع بغداد بواسطة الحشد الشعبي للتصعيد وتهديد الاتراك من اجل التوصل لاتفاق يسمح للحشد بالسيطرة على كركوك النفطية بواسطة حزب الاتحاد الكوردستاني المتواجد في في السليمانية لشق الصف الكردي.

فالأكراد يعانون من مشاكل خارجية تم ذكرها ولكم المشاكل الداخلية هي الاكثر تعقيدا وخاصة المناطق المتنازع عليها، بالإضافة الى الخلاف التاريخي بين اربيل والسليمانية وحالة الاقليمي التي ستعاني من حصار اقتصادي وانساني كما شهدنا مشكلة المعابر والمطارات مما يدفع بالرأسمال المتواجد في الاقليم بالنزوح للخارج، واغلبه رأسمال عراقي هاجر من العراق منذ بداية الاحتلال وتحديدا سني، تبقى المشكلتين الاهم في الاقليم هما تواجد حزب العمال الكردستاني التابع للحرس الثوري والذي بات يشكل عبئا على الاقليم بكل النواحي ويختلف مع الاقليمي الذي يطمح الى بناء اقليم قومي بين الحزب لا يعترف بالقومية.

والنقطة الاخيرة التي يعاني منها الاقليم والاكراد بشكل عام هو تطور الفكر الاسلامي الجهادي في الاقليم والمناطق الكردية الاخرى التي ستكون قنبلة قادمة في الأوساط الكردية.

لذلك الحرب غير واردة وخاصة بأن امريكا هي التي تضع تشرف على الصراع بين اربيل وبغداد، وتمنع استخدام القوة ضد الاكراد بالرغم من عدم تأييدها للاستفتاء وتحاول الدفع بالأطراف نحو الحوار بين بغداد والإقليم لكن ايران تحاول دفع المشكلة الى مواجهة فعلية بين المركز والاقليم، ومع نشر حزب العمل الكردستاني في كركوك المحسوب على ايران سوف يعقد المشهد السياسي، وبالتالي الحشد الشعبي بتشكيلاته المذهبية بقيادة هادي العامري وقيس الخزعلي وابو مهدي المندس، اتباع قاسم سليماني الذين يهددون يوميا بإعلان الحرب وتجويع الاكراد… ويحولون الاستلاء على كركوك المدينة النفطية التي ستتولى على ادارتها ونفطها ايران وسيخرج اهلها من العرب والتركمان منها كما حال الموصل وصلاح الدين والانبار والمدن الاخرى.

وهنا نرى بان الاقليم يدعي دوما للتهدئة والحوار والحصول على مكتسبات من الدولة المركزية، ولكن بغداد تهدد وتصعد وترفع الوتيرة التصعيدية ضد الاقليم بدوافع طهران للمواجهة السياسية مع واشنطن.

اما بالنسبة لإسرائيل التي ايدت الاستفتاء ليس حبا بالأكراد وإنما هي تحاول استهداف العراق وتفتيته وهذا مشروعها في المنطقة، لكي تساعد على قسم الدول العربية وإدخالها في أزمات داخلية وصراعات مذهبية، لكي تكون الدولة الأكبر والاقوى في المنطقة.

التداعيات الفعلية التي تتخوف منها الدول المجاورة هي التقسيم الواضح للعراق مما بنقل العدوة الى الجوار، التي سيكون الاكراد في طليعتها والتي تفتح شهية الآخرين محليا ودوليا، ولهذا السبب الدول الغربية وامريكا لا تؤيد الاستقلال او الانفصال وربما أوروبا قالت كلمتها الواضحة ضد استقلال كتالونيا الاسبانية التي كانت رسالة واضحة للأكراد والاخرين لان اعادة رسم الخرائط لا تعتمد التقسيم بال التجميع وإنما مزيدا من تقاسم النفوذ وإيران حاجة دولية وامريكية ولا يمكن ان تؤيد انفصل الاكراد علي حساب تفتيت ايران او تركيا…

إقرأ أيضا: «الروسفوبيا» لدى الشعوب تطلب حماية أميركا

الاكراد حاولوا طرح الاستفتاء للحصول على مكاسب جديدة بعد فشل التسوية السياسية مع الائتلاف الشيعي المدعوم ايرانيا وخاصة بأنهم كان يخشون على مصيرهم من الحرس الثوري والحشد الشعبي بعد انتهاء “داعش” عندها سيكون مصيرهم كما حال العرب السنة في الغرب لان الاكراد شوكة في تصور ايران التي تحول السيطرة على كل العراق لفتح الطريق من طهران نحو المتوسط.

*باحث بالعلاقات الدولية والسياسة الخارجية

السابق
نعيم حلاوي يقصف جبهة وزير السياحة حول تسعيرة الفاليه باركينغ!
التالي
جعجع: لن نسمح بعودة نفوذ الأسد الى لبنان!