القضاء عندما يقوم بدوره: إلزام مدرسة «روضة الفيحاء» بتسجيل الأطفال الثلاثة

المدارس
قد يحدث كل حين، وفي ظل كل الملفات السوداء التي نعيش وسطها، ان تأتي إشراقة أمل من القضاء اللبناني.

ففي واحدة من العلامات الفارقة في سجل القضاء اللبناني، اتخذ قاضي الأمور المستعجلة في طرابلس قرارا معجل التنفيذ نافذ على أصله يلزم فيه المستدعى ضدها “ثانوية روضة الفيحاء” بتسجيل ثلاثة طلاب لديها بعد أن رفضت الثانوية القيام بذلك على خلفية نزاع مع ولي أمرهم وذلك تحت طائلة دفع غرامة إكراهية عن كل يوم تأخير.

أهمية القرار سابق الذكر تكمن في استناد القاضي إلى أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لحماية الطفل ليتخذ التدابير الآيلة الى ازالة التعدي الواضح على الحقوق ، ولم يحدد القاضي مادة معينة في الاتفاقية، إنما جاء قراره مدعما بروح نصها، ووضع القاضي نصب عينيه مبدأ “مصلحة الطفل الفضلى” وعدم حرمان الأطفال الثلاثة من حقهم في التعلم.

اقرأ أيضاً: فقراء لبنان: يصفقون للزعيم ويصمتون أمام الغلاء المعيشي وزيادة الأقساط

قاضي الامور المستعجلة في الشمال، انتصر لحقوق الاطفال، لكن يبقى السؤال هنا، ماذا لو لم يصدر القرار لصالح الأطفال؟ ماذا لو عثر في متن قرار قضائي ما أو حيثيات قضية على ما ينتقص من حقوق الطفل وسبل حمايته؟ هل من آليات ووسائل قانونية أخرى يمكن اللجوء إليها؟
لبنان قد صادق على الاتفاقية ووافق على أحد البروتوكولين الإضافيين للاتفاقية دون أن تتم الموافقة عليه من قبل البرلمان بمعنى أن باب تقديم الشكوى إلى لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة ما زال مقفلا.
وهناك باب آخر للمراجعة ما زال قيد الطرح والدرس جاء على شكل توصيات عقب جلسات مناقشة تقرير لبنان المقدم للجنة حقوق الطفل والتي جرت خلال شهري ايار وحزيران ٢٠١٧. هذه التوصيات تحث على إنشاء ما يسمى ديوان لمظالم الاطفال. وديوان المظالم هو باختصار هيئة تتلقى شكاوى المواطنين المتعلقة بانتهاك الحقوق فتتخذ المبادرة لتصحيح الأوضاع التي تتنافى مع اتفاقية حماية الطفل. وبهذا يصير بمقدور الطفل وممثله القانوني التقدم بالشكاوى.

اقرأ أيضاً: ستة مليارات دولار عجز في الموازنة… اذا أقرّت السلسلة بلا ضرائب!

في وقت نطالب فيه الدولة اللبنانية بالتنفيذ الكامل للبروتوكولات والتوصيات، وفتح جميع أبواب المراجعة لردم الفجوة بين الواقع والقانون الدولي، لا بد من تسجيل هذا القرار لدى مشروع – شبكة مراقبة حقوق الطفل “Child’s Rights Monitor – في رقابته على آليات تطبيق الاتفاقية في لبنان. وادراجه في تقرير الحكومة الدوري الذي يتقدم لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.

بعيدا عن المثالية والدراسة النظرية لحقوق المواطن اللبناني، تبقى كل المبادرات والانجازات عاجزة وغير فعالة، إذا فقدنا نحن المحامون ورجال القانون والقضاة، دورنا في المدافعة عن حقوق الإنسان وإيماننا بنصوص الاتفاقيات وقدسيتها وأهميتها كسلاح يحمله رجل القانون لدعم حجته في الدفاع عن الضعفاء والمظلومين.

(عضو المنظمة اللبنانية للدفاع عن المساواة والحقوق LOUDER)

السابق
دوافع سياسية وراء التحريض على العماد قهوجي والجيش مستهدف
التالي
نشاطات «أهل الخير»: مواجهة آلام العلاج الكيميائي بالفرح!