لدائرة واحدة وفق النسبية وخارج القيد الطائفي

إن عنوان الندوة هو "الانتخابات النيابية في الجنوب (تجارب وشهادات)" وانطلاقاً من ذلك أشير إلى أنه سنة 1972، ترشح حبيب صادق، للانتخابات النيابية، ونجح، ورغم ذلك، أسقطته السلطة الموجودة آنذاك، ولكن كان حبيب صادق، معبّراً عن جمهور، طويل عريض، كان قد أصبح خارج الطوائف. والدكتور أحمد مراد، ترشح في بنت جبيل ونال عدداً كبيراً من الأصوات، لم ينجح، ولكنه نال نسبة أصوات كبيرة. وفي السبعينات كان هناك طوفاناً شعبياً، في الشوارع وفي القرى، وفي المدن، خارج الطوائف، أو عابر للطوائف رفع شعار "دائرة واحدة"، وفق النسبية وخارج القيد الطائفي، لكنه كان يعبّر عن الجمهور، خارج الطوائف، ومصالح.

أناس وجدوا مساحات مشتركة مع بعضهم البعض، وأول طرح للنسبية كان في آذار 1975، ولاحقاً طرحت في آب 1975. ونشبت الحرب، وجاء اتفاق الطائف ليشكل – برأيي الشخصي – آخر محاولة طائفية، لإصلاح النظام الطائفي في البلد، وما نراه اليوم هو الأزمة الطائفية، الواصلة إلى “عنق الزجاجة” التي ما من أحد قادر أن يقدم لها حلاً، ليس فقط “الثنائي الشيعي”، بل حتى الطوائف الأخرى، وهذا ما أشار إليه الأستاذ علي الأمين في حديثه.

اقرأ أيضاً: شباب الجامعات: النواب يعبون جيوبهم وسننتخب في سلّة المهملات

ونحن، – بالمقابل – وبالتجارب وبالشهادات – ففي 1992، لمن يتذكر، ماذا كان موقف اليسار؟ فلقد ذهب وتحالف مع أحد أقطاب الثنائية الشيعية، تحت شعار “إننا نخرج الإقطاع الأسعدي من الجنوب”، مع أن اليساريين بدؤوا بتشكيل نواة للائحة تضم، حسيب عبد الجواد، محمد حسن الأمين وحبيب صادق، ولكن، في النهاية،اليسار تحالف – وقتها – مع نبيه بري، وبذلك فإن اليسار قد حفر قبره بيده، وفي العام 1996، كان الصراع على أشدّه بين “الثنائي الشيعي”، ففي احتفال تحدث فيه السيد حسن نصر الله وقال: لن نتحالف مع أزلام السلطة” (قاصداً بذلك حركة أمل)، و”يوجد بيننا نهر من الدماء”، وهذا ما قاله محمد رعد في النبطية، ولكن عشية يوم الأربعاء، ذهب الطرفان (حركة أمل وحزب الله) إلى سورية، بطلب من الوصاية السورية، التي عملت على تحالفهما، وقتها، واليسار بقي خارج إطار الفعل، فاليسار في العام 1996، كان يخوض معركة، على صعيد كيفية تحالفه مع “حزب الله”، فجاء العامل الإقليمي وأفشل هذا التحالف، وفي سنة الـ2000 وبعد التحرير، الثنائي الشيعي، انتهز – حتماً – كل هذه الفرصة، ليصبح هو السلطة الفعلية، ويمارس ما يريد ممارسته.

شؤون جنوبية

ونذكر ما حصل في بلدة الشعيتية، مع أحد الأطراف السياسية – وقتها – فلقد تدخل الرئيس الياس الهراوي، “ليهرّب” مندوبين لأحد الأطراف السياسية من هجمة الثنائي الشيعي في الانتخابات. وكذلك نذكر ما حصل في قانا، أو في جويا أو في كفرتبنيت نحن نريد أحداً يعبّر عن تلك الحوادث التي حصلت، والتي هي فعلياً تقول: وبغض النظر عن النظام النسبي أو الأكثري، (النظام الانتخابي)،تقول: “كيف تجري الانتخابات في لبنان وتحديداً في الجنوب. ومن سنة الـ2000 إلى سنة الـ2005 كان اليسار، يستعطي موقعاً – وأنتم تتكلمون عن المعارضة واليسار في وجه الثنائي الشيعي. والشاهد على ذلك ما حصل مع أحمد مراد وحبيب صادق في الـ2005 عندما كان اليسار يستجدي موقعاً لسعد الله مزرعاني في لائحة الثنائي الشيعي وما حصل في الـ2009 من المؤكد أنه تتمة لما حصل قبله. واليوم، نقوم بأعباء حملة ضد كل النظام الطائفي في لبنان، لكننا نحن أين (في أي موقع؟)، نحن ماذا نفعل؟ وأنا أؤيد ما قاله وبشكل دقيق حسن عبود في مداخلته: فإن أي تحرك نقوم به في حي من أحياء المدينة، أو القرية في الجنوب، هو مسمار بوجه “الثنائي الشيعي” وبوجه كل الثنائيات الطائفية الأخرى، فأنا ضد أي طرف طائفي موجود، وإن أي قضية وإن كانت صغيرة، فلنذهب فيها، لنبني المواقع الأخرى، لأنهم إذا اتفقوا على “الأكثري” أو على “النسبي”، إنما هم يتفقون علينا، فنحن معركتنا تحديداً، هي مع كل النظام الطائفي وهي معركة في الشارع. وأمر أكيد أننا نحن لسنا أساتذة على الناس الذين ينزلون إلى الشارع، لكننا نحن بإمكاننا أن ننزل إلى الشارع حول قضايا صغيرة جداً، من أجل أن نستطيع بناء حركة تكون خارج الطوائف. فعندها نستطيع أن نفرض النظام الانتخابي الذي نريده والذي هو لبنان “دائرة واحدة وفق النسبية”، وخارج القيد الطائفي، لأن من يطالبون اليوم بالنظام النسبي، لا يتطرقون إلى مسألة “القيد الطائفي”.

اقرأ أيضاً: الزهراني: تخلي الشباب عن حقوقهم الانتخابية!

تعليق الامين
وختم اللقاء بالتعليق التالي للزميل علي الأمين: ما أعود للتأكيد عليه هو أن الطرف الآخر، هو الواصل إلى مأزقه، وليس نحن، لأنهم لا يملكون خيارات تجنبهم هذا المأزق، إذ إنهم يبدون كراكبي “بوسطة”، وليس لهم إلا الاصطدام بجدار، في النهاية، لأنهم ليس لديهم أية حلول يقدمونها لمجتمعهم، كذلك أؤكد على الشكر للمنتدى، وأؤكد على أن مثل هذه اللقاءات، ثمة لقاءات مشابهة في كل المناطق اللبنانية – كما قال الدكتور فران – وهذا الوجع الذي نعبّر جميعاً (نحن وأنتم) عنه هو موجود في كل المناطق اللبنانية، وبعمق، والحراك الذي جرى في بيروت، تكمن أهميته هنا، فالمشاركون في الحراك هم غير منتمين (مجموعات وأفراد) إلى حزب بعينه، وهذا يعطي صورة إيجابية تؤكد على أن هذا المجتمع لا زال ينبض بالحياة، وعلى أن هناك إرادة لبنانية فعلية تحاول التعبير عن نفسها وبقوة، في وقت، أن السلطة ومحاصصتها وأطرافها واصلون إلى طريق مسدود. وصحيح أننا تحدثنا عن أزمة شيعية، لكن هذه الأزمة، في النهاية هي أزمة وطنية شاملة.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 163 – ربيع 2017)

السابق
الأزمة المالية تهدّد مراكزه بالاقفال: دعوى اخلاء مأجور على تيار المستقبل!
التالي
حزب الله ينعي علي حسين الرز (ذوالفقار) من بلدة بنعفول الجنوبية – صيدا