#المطران_إلياس_نصار ..صراع سلطوي أم ديني؟

المطران الياس نصار
أزمة الصلة ما بين الدين والمال في استمرار، فغالبا ما تنشأ صراعات داخل الصف الواحد بسبب صراع مالي. وغالبا ما تتهاوى تنظيرات البعض امام منظر الدولارات الخضراء. فالفساد يجد طريقه بسرعة كالسيارة على الاتوستراد. لكن كيف يجد طريقه لدى الذين ينظرون علينا؟

جاء قرار إقصاء راعي أبرشية صيدا ودير القمر للموارنة، المطران الياس نصار عن ادارة ابرشيته كأنه قرار من داخل البيت الحزبي اذا صح التعبير. اذ لم يتم تحويل المطران الى أية محكمة تبرئه او تدينه كما هو الحال في الملفات المالية التي يتهم الشخص بتبديد أموال او هدر مال مؤسسة. كما حصل بين الزعيم وليد جنبلاط وموظفه بهيج ابو حمزة.

إقرأ ايضا: اشكال بين «القوات» والمطران نصار خلال جولة الراعي في جزين

ولم يعمد  المطران الى الهجوم والفضائح، التي غالبا ما يعمد إليها رجال الدين المسلمين في حال حصول اي اشكال مع زعيمهم الديني الزمني، والتي حصلت مع عدد كبير منهم خاصة  اولئك الخارجين على سياسة الطائفة التي ينتمون إليها. فلا زلنا نتذكر كل من الشيخ صبحي الطفيلي، والشيخ خضر طليس، والشيخ زهير كنج، في الطائفة الشيعية، وعدد من الشيوخ لدى الطائفة السنيّة. اضافة الى خروج عدد من الشخصيات الدرزية عن سلطة الزعيم في الطائفة لكن دون أي اعلان عن ذلك كالشيخ علي زين الدين رئيس مدارس العرفان والشيخ نعيم حسن..

ومن الملاحظ هو التأكيد على طاعة رأس الكنيسة لدى الآباء الخارجين منها، وعدم المواجهة على العكس مما يحصل غالبا لدى الطائفة الشيعية التي يحاول فيها المنتفض خلق تيار، وأتباع، والخروج عن لبّ المشكلة الى الشأن العام. ربما لكون هذه الطائفة مسيّسة حتى في عقيدتها، على العكس من المسيحيين الذين يغلبّون الانتماء الكهنوتي على الشؤون الاخرى، رغم قساوة قرارات الفصل.

والاختلاف الثاني الذي يُحسب للمسيحيين ايضا هو ان الرتبة والموقع بيد رئيسٍ هو البابا او الكاردينال او المطران، أي وجود تراتبية دينية كأي مؤسسة، وذلك على العكس من الشيعة، حيث المراتب يضعها صاحب المنصب لنفسه، فغالبا من نسمع عن ان فلان علامة، وآية الله، وباحث في العقيدة، وحجة الاسلام والمسلمين، وآية الله العظمى، ومرجع الطائفة، وهذه كلها ألقاب لا أساس لها في الاسلام، ولا وجود. لكنها باتت متكاثرة ومنتشرة، وكل يغنيّ على ليلاه، وأتباعه يغنوّن معه.

إقرأ أيضا: لقاء جامع في عرمتى دعا إلى الوحدة والتعاون ومواجهة التطرف والعدو الصهيوني

واللافت ان محاكمة الكاهن المسيحي تتم بناءً على أعمال إدارية ومسلكية تفصيليّة، وهي منتشرة بكثرة هذه الايام في اشارة كبيرة الى أزمة يعاني منها العمل الديني. فالمسيحية والاسلام معا  ورغم كونهما ديانتين مقدستين، لكن رجالها والعاملين في اطارها، ونتيجة الصلاحيات والاموال التي تصل الى خزائنهم، تراهم يضيعون ولا يتملكون أنفسهم من اللعب بالقرارات وتخطيّها. فمؤخرا، تم إلقاء القبض على مسؤول مالي كبير في حزب الله عُرف عنه قدسيته ونقاء إيمانه.. هذا الحزب الديني الذي تميّز بأخلاقيات المنضوين إليه، لكنه وبعد عقود بدأت تنكشف أمور تدل على ان الانسان كائن ضعيف امام المال وخاصة العملة الخضراء. واقحام الحزب هنا لكونه مؤسسة قائمة على الدين في كل شيء كما هو حال الكنيسة والحوزة.

وهذا ما يدل على أزمة اخلاقية وتناقض تام داخل هذه المجموعات والفئات والتيارات، بل انه تنافر تام ما بين النظري والعملي. فرجل الدين، الى اي طائفة انتمى، هو واعظ أخلاقي فقط، لا يجب ان يتم تسليمه الاموال والسلطات المالية حتى لا يسقط في هوتها. فيسقط معها إيمان البسطاء الذين يرون في الله  وقداسته على الارض.

 

السابق
جنبلاط يراهن على نجاح قانون الانتخاب في ظل استبعاد أحد الاقطاب
التالي
سماع اصوات قذائف مدفعية في محيط مراكز العدو في مزارع شبعا