ذكرى جلاء الجيش السوري عن لبنان تستمر وثورة الأرز تغيب

26 نيسان 2005، يومٌ لبنانيٌ مجيد، يوم انتصرت ثورة الأرز بدماء الشهداء وتحقق جلاء الجيش السوري عن الأراضي اللبنانية...

ثورة الأرز، هي ثورة الدم، الثورة التي فَتَح أبوابها نضال الأحرار، وخطّها بالدماء الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبطال، خرج السوري من الأراضي اللبنانية مرغمًا، ليحطّم اللبنانيون لغة الخوف، وليكسروا إرادة فريق لم يرد لهذا الجيش الانسحاب، وللشعب اللبناني أن يمتلك وطنًا حرًّا مستقلاً..

“حرية.. سيادة.. استقلال”..”ما بدنا جيش بلبنان الا الجيش اللبناني”.. “اي ويلا سوريا طلعي برا”، شعارات اشرقت من الربيع الآذاري اللبناني فكان لبنان أولى الثورات ولكن ليس ضد السلطة وإنّما ضد نظام استوطن الأرض والقرار.

11 عامًا مضى، على هذا اليوم، فماذا قال شباب الثورة لـ”جنوبية”، وما هو التصوّر لأولئك المواطنين الذين آمنوا بالتغيير، وأشعلوا الساحات بروحية الاستقلال.
مدير موقع نافذة لبنان الناشط فجر ياسين، علّق أنّ “الوصاية السورية قد خرجت بجيشها فقط في حين المخابرات وأدواتها لا تزال موجودة في لبنان وفعالة بشكل كبير”.
وأكد أنّه “شارك بكل المظاهرات التي حصلت وأنّ إيمانه بثورة الأرز موجود وأمله ان يتحقق ما أرادوه بالـ 2005 “.
وعلّق ياسين ” لم أعد أؤمن بالسياسيين الذين كانوا أوّل المشاركين بهذه الثورة، هذه الثورة ثورة شعب وليس ثورتهم كما يزعم سياسيو فريق الـ 14 اذار”.
وأشار إلى أنّ “هذا اليوم هو يوم نصر وأنّ النصر الحقيقي هو عند سقوط نظام الاسد لأنّ بسقوطه ستسقط كافة أدواته في لبنان وبهذا يكون لبنان سيد حر مستقل عن كل الادوات المخابراتية”.

شهداء ثورة الأرز
شهداء ثورة الأرز

المهندس والناشط المغترب محمد طعمة، يؤكد أنّ اغترابه جاء بعد ثورة الأرز وما آل إليه لبنان ويقول، “بعد الإنجاز والـ “إنتصار” الذي تمثل بجلاء الجيش السوري من لبنان منذ 11 سنة، اصبحنا الآن في في حال أسوأ من حالنا قبل هذا الجلاء وقبل ثورة الأرز”.
مضيفًا، “في أيام الوصاية السورية كان غريمنا مكشوف الوجه كانت الإنتهاكات علنية ومحكومة وكانت اقله مشرّعة ولو زورا او قصرّا، فكان التنسيق الأمني والسياسي بين الحاكم والمحكوم، عبر المجلس الأعلى او غيرها من مجالس وقنوات وشأنا ام أبينا فقد كان الجيش السوري جيشا نظاميا، أما الآن فنحن في حالة وصاية خفية أشد قسوة وأشد عنفًا وأكثر ضررًا حيث لا ضوابط ولا شواهد تتيح الملاحقة أو المتابعة ولا مجالس ولا تنسيق ولا حتى حدود، فـ جيش بشار رحل وترك خلفه خلاياه وعملائه “لبنانيي الهوية” اخوتنا في الوطن الذين استطاعوا بحنكتهم وقوتها وضعفنا الهيمنة على الدولة دستوريًا أو بقوة السلاح، والأصح قول قوة التهديد بالسلاح، ممّا جعل ثوار الأرز يتململون ويرضخون للأمر الواقع وقواه.. وجعل رموز هذه الثورة يزحفون ليلاقوا جلاديهم بزيارات اقليمية او حوارات شكلية غير مجدية.”
وتابع “ظننّا أنّ الأمل قد تحقق من جلاء الجيش السوري ونهاية عهد الإنتداب لنجد أنفسنا بعد سنوات قليلة في المربع الأول او قبله.. منتدَبين برضىً منّا وجلادنا أخانا.. بتنا غير قادرين على التحرك والإنتفاضة من جديد لأننا بتنا منهكين من الثورة التي مضت ويعود الفضل في هذه الحالة لمن أدار عملية ما بعد الثورة”.
وأضاف طعمة “انا كنت من المشاركين في ثورة الأرز نزلت وشاركت رغم انتمائي السياسي المعاكس في حينها.. ولكن كانت مشاركتي لإيماني بمبادئ هذه الثورة، لإيماني بلبنان أولا لإيماني بـ حريته وسيادته واستقلاله.. ولم يكن ايمانًا بالقيمين على هذه الإنتفاضة او رموزها فقد كانوا بنظري كغيرهم من الزعماء وامراء الطوائف.”
وأكد “ما زات أؤمن بهذه المبادئ طبعًا والأهداف التي تحققت في بدء الأمر ثم تقهقهرت بعد تخاذل من إئتمناهم وكانت ثقتنا بهم ليقودونا في المرحلة التي لحقت. ولكن تبين فعلاً أنّهم كغيرهم من الزعماء وامراء الطوائف، وربما كانت المبادئ التي نادوا فيها يومًا وما زالوا مجرد عناوين لتحفيز الانتفاضة (الثورة) ليصلو الى غايتهم الى الكرسي المنشود، ليحكموا كما حكم غيرهم.. مصالحهم أولا والموت للحرية والسيادة والاستقلال.”

الناشطة والأستاذة والمديرة في قطاع التعليم رشا حرّوق، قالت “ربما لم يحقق هذا اليوم الأمل المرجو منه لوجود قوى مستمرة على نهج النظام السوري. ..ولكن لا يمنع أنّه يوم عظيم وفرق بين أن يكون الجيش النظامي موجود تحت مسمى الردع و يتحكم بالبلد وبين أن يكون له عملاء وحلفاء”.
وأضافت “طبعًا شاركت بثورة الأرز وبكل النشاطات التي واكبتها ولا زلت مؤمنة بها واعتبرها انتصارًا هاماً في تاريخ لبنان فقد قال الشعب كلمته والتقصير ليس منّا إنّما من الإنقسام الحاصل في لبنان”.
وختمت “مسلسل الإغتيالات قد أصاب الكثيرين بالإحباط ولم يصبني بل لازلت على ثقة أن الظروف ستتغير”.
الناشط والعضو مؤسس في لقاء الاعتدال المدني أسامة ضناوي، اعتبر أنّ “الانسحاب السوري من لبنان كان ضروري وطبيعي ولكنه يظلّ ناقصًا طالما هناك سلاح غير شرعي متفلت بالبلد بأيدي حزب الله وغير حزب الله من حلفاء بشار الاسد.”
وأضاف “بعد ١١ سنة ومع الأسف، لا يزال هناك أطراف لبنانية تربط مصيرنا بمصير النظام السوري وتأخذ مباركاته وتنفذ أوامره بتفجير الوضع الداخلي سياسيًا تارة وأمنيًا تارة اخرى.”
وتابع “أنا كنت من المشاركين بالثورة وهي كانت أجمل معركة سياسية بتاريخ البلد وما زلت مؤمن بالمبادئ ولكني لست مؤمن بالقيادة المؤتمنة عليها.”

الناشطة صفا خلف، قالت “دخل الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 تحت ذريعة التدخل لإنهاء الحرب الأهلية بعد أن بسط الجيش السوري نفوذه على معظم الاراضي اللبنانية، وتحوّلت تلك القوى التي رحبت بدخوله بادىء الأمر إلى المطالبة بإخراجه منعًا لتحويل لبنان الى ملعب يرمي فيه النظام السوري الكرة مثلما يشاء ..”
وأضافت “انسحاب الجيش السوري من لبنان أعاد سيادة نسبية للدولة اللبنانية ولكن بقي إلى حد ما القرار اللبناني مرتبط بأجندات سورية وسلوك إميل لحود لم يكن مخفي على أحد.. صحيح أنّ خروج الجيش السوري من لبنان لم يحقّق الأهداف المرجوة منه ولكنّه يعتبر إنجاز ولو بسيط بالنسبة للفريق المؤيد”.
وتابعت “انا مع توحيد اللبنانيين وأن يكون الحكم حكم وطني ومع قطع العلاقات مع أيّ جهة موالية للنظام السوري القمعي خاصة اليوم و بعد كل الجرائم التي يقوم بها هذا النظام ناهيك عن كل الاجراءات الاستبدادية السابقة التي مارسها على الشعب اللبناني”.

الانسحاب السوري من لبنان
الناشط جميل عيتاني اعتبر أنّ “لثورة نجحت باخراج الجيش السوري اللبناني في نيسان ٢٠٠٥ ومن بعدها فشلت فشلاً ذريعاً في المحافظة على نجاحها. فسمحت بالتمدد الايراني وسيطرة حزب الفقيه تدريجياً على مقاليد الحكم وقد توج فشل ثورة الارز باسقاط حكومة سعد الحريري التوافقية”.

الناشط عبادة يوسف قال “نعم كنت من المشاركين في ثورة الأرز، و لا زال الإيمان قائمًا حتى اليوم، فهذه قضية وطنية محقة لا يمكننا أن نحيد عنها قيد انملة، هي ثورة كتبت بدم الشهداء و دم الشهداء لا يبرد.”
وأضاف “الطبقة التي تزعم أنها لا تزال تسير على خطى ثورة الأرز هم من قلصوا إيماننا بهم. فقد أصبحت الثورة حكرًا على فريق على حساب آخر”.
وختم “لو أصبحت ثورة أرز ثانية سأكون أول الحاضرين إلى ساحة الشهداء”.

إقرأ أيضًا:  14 أذار 2005: إنه يوم الله
الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي وليد بيساني قال “أملك نظرة متشائمة حيال الوضع لأننا لم ننعم بهذا الاستقلال كثيرًا لأن الاحتلال ترك خلفه الكثير من الادوات ومنها ميليشيا مسلحة تتحكم بالدولة وتدخلها في صراعات خارجية جلبت ولا تزال الويلات على لبنان.”
وأضاف “بعد 11 عاما خرج الجيش النظامي وبقي السلاح غير الشرعي الذي ينتهك كل سيادة للدولة ويمنع مؤسساتها الدستورية من العمل.”
معتبراً أنّه “كانت لحظة الانسحاب تاريخية لأنّ اللبنانيين قالوا كلمتهم من خلال ثورة بيضاء نقية انبعثت من جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري ورفاقه” مضيفًا “لقد شكلنا نموذجًا يُحتذى به أمام العالم إلاّ أنّ تلك الثورة جرى مصادرتها بسبب اخطاء ارتكبها قادة ثورة الارز عن طريق الدخول في تسويات من هنا وهناك”.
وتابع بيساني “نعم شاركت بثورة الارز بعدما عدت خصيصًا من الخارج لأيام معدودة..كان مشهدًا مهيبًا لم أعشه من قبل، وكانت مبادئ ثورة الارز بمثابة الحلم بالنسبة لي لأنه لطالما حلمت بدولة مستقلة وسيادية.”
مردفًا “اليوم وبعد عودتي الى لبنان منذ خمس سنوات أشعر بخيبة امل كبيرة لانني شعرت ان كل خطوة خطوتها وبيدي العلم اللبناني وكل كلمة هتفت بها ذهبت سدى.”
وختم عن هذا اليوم الذي هو ذكرى الجلاء السوري “نعم إنّه يوم نصر وسيبقى في ذاكرتي”.

إقرأ أيضًا: 26 نيسان ذكرى الجلاء السوري: مازال الظلم مستمرا
الناشطة ساجدة ميقاتي تقول “قبل 11 سنة كان يقبع لبنان تحت سطوة اﻹحتلال السوري، هذا اﻹحتلال لم يختلف عن غيره من المحتلين سوی أنه عربي الهوية فسلب الحريات و اعتقل اﻷحرار التي ضجت السجون بهم و قتل و دمّر كما يفعل تمامًا اﻵن في سوريا، فهذا اﻹجرام ليس وليدة اللحظة بل كان متراكمًا عبر سنوات عدة، ربما كان الإنسحاب حلمًا صعب المنال إلا أنّ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فجّر النار الملتهبة تحت الرماد فإنتفض الشارع ضد النظام البعثي الذي كان له اليد باغتيال حلم لبنان رفيق الحريري.”
وأضافت “في الواقع و بعد 11 سنة تحرر لبنان فقط من القبضة العسكرية السورية المباشرة إلاّ أنّ هذه السطوة من الناحية السياسية لم تنتهِ بفضل حلفاء النظام السوري في لبنان الذين عملوا على خدمته و تقديم مصالحه فوق مصلحة وطنهم لبنان”.
معتبرة أنّ “مؤسسات الدولة ترزح تحت حكم دويلة حزب الله و أعلی هرم في الدولة الذي يتمثل برئاسة الجمهورية يخيم عليه الفراغ بسبب عدم قيام قوی الثامن من آذار بواجبهم الدستوري، أما السجون اللبنانية فيمارس فيها التعذيب و كأن مخلفات البعث بقيت موجودة حية في بعض اﻷمكان .”
وختمت بقولها “اليوم أملنا أكبر بأن نتحرر من هذه العباءة البعثية علی كافة اﻷصعدة و هذا اﻷمل يرجع إلی الثورة السورية التي تكافح ضد جلاديها و التي تمر بمخاضات عسيرة، فربيع لبنان لن يكتمل قبل أن يزهر الربيع” السوري.

السابق
بالصور: الحرس الثوري ينعى عددًا من الضباط سقطوا في سوريا
التالي
هل يأتي «التغيير العميق» من السعودية؟