الصقيع والبرد يكتسحان واهالي مرجعيون بين الحطب والمازوت

رغم انتشار الوسائل الحديثة للتدفئة، لا يزال سكان قرى قضاء مرجعيون متمسكين بالوسائل التقليدية في مقاومة برد الشتاء، تحديداً "الصوبيا"، وهي الموقدة المعدنية التي تعمل على المازوت أو الحطب ومنها ما يعمل على الغاز.

مواقد الحطب

يقول حنا طنوس من بلدة القليعة- قضاء مرجعيون التي ترتفع 800 متر عن سطح البحر، ان الصوبيات على انواعها منتشرة في المنازل وتكثر منها التي تعمل على الحطب نظراً لما تؤمنه من دفء. يشتري طنوس “نقلة” من حطب السنديان سنوياً أي ما يعادل 4 الى 5 أمتار مكعبة، مقابل مليون ليرة لبنانية، ويفضل طنوس السنديان على خشب الليمون الآتي من جزين نظراً لجودته أما سعرها فلا يفرق كثيراً عن الأخيرة، “سعر نقلة حطب الليمون لا يقل الا بحوالي 100 ألف عن نقلة السنديان” أي ما يعادل الـ10% أما سعر نقلة الزيتون فيقدّر بـ700 ألف ل.ل.
يعتبر أيمن ارسلان من بلدة العديسة أن 65 الى 70% من أهالي القرية يتجهون لاقتناء صوبيا الحطب والباقي يقتنون الصوبيات التي تعمل على المازوت. معتبراً ان من الممكن التحدث عن النسبة نفسها في القرى المجاورة وذلك بسبب التواجد الكثيف لشجر الزيتون في منطقة مرجعيون وحاصبيا الذي تؤمن أغصانه “المشحلة” مؤونة العائلات من الحطب، عدا الأشجار المعمرة التي يتم إقتلاعها سنوياً.

 

بذور الزيتون
تعتبر بذور الزيتون المجففة المعروفة بالجفت مادة أساسية في التدفئة. لذلك لا يترك أصحاب مواسم الزيتون بذورهم بعد العصر لدى المعاصر ويشترطون عى المعصرة استرداده.هناك معاصر في المنطقة تشترط على المزارعين عدم رد البذور، بعدما أنشأت معامل كبس، وصارت تبيع مادة الجفت بين 250 ألف ليرة و300 ألف للطن الواحد.
في ما يخص ذوي الدخل المحدود الذين يختارون صوبيات المازوت للتدفئة، منهم من يخلط المازوت مناصفة بالزيت المحروق وهو عبارة عن زيت السيارات التالف الذي يباع في المحطات بدل رميه بمبلغ 12 ألف ليرة لبنانية مقابل “التنكة”. ومنهم من يختار المازوت الصافي للتدفئة ويقدر ارسلان أن مصروف العائلة سنوياً قد يصل الى خمسة براميل في قرى مرجعيون في حين تستخدم العائلات التي تسكن على سفوح جبل الشيخ ضعف أو ثلاثة أضعاف الكمية المذكورة.
يذكر أبو حنا مكروس، أحد الحدادين المتخصصين في صناعة الصوبيات وتصليحها زيادة ملحوظة في الاقبال على شراء وتصليح مدافئ المازوت في السنتين الأخيرتين وذلك بسبب انخفاض المحروقات عالمياً ما انعكس على أسعار المازوت فبات سعر برميل المازوت سعة 200 ليتر يقدر بـ150 ألف ل.ل. مع خدمة توصيله الى البيت بعد أن كان يباع بـ160 ألفا العام الماضي ويتخطى الـ200 ألف في السنوات السابقة. وفي المقابل يرتفع سعر نقلة الحطب الواحدة حوالي الـ10% سنوياً مع تشديد الرقابة على قطع الأشجار وتراجع المساحات الزراعية.

صناعة الصوبيات
ويشير أبو حنا الى أن صناعة الصوبيات ضعفت كثيرة في السنوات الماضية فلم يتبق من الحدادين المتخصصين في منطقة مرجعيون، الا عدد قليل لا يتخطى عدد أصابع اليد الواحدة من أصل حوالي 40 حدادا. فمنذ العام 2000، تراجعت هذه المهنة كثيراً مع اشتداد المضاربة والمنافسة وفتح الأسواق والطرقات الى النبطية وصيدا. ويضيف مكروس، أن العائلات باتت تفضل شراء صوبيات خفيفة مصنوعة من الحديد الليّن والتي لا يتجاوز سعرها الـ50دولارا ولا يتخطى عمرها الثلاث سنوات بدل دفع مبلغ 450دولارا للصوبيا المصنوعة يدوياً من الحديد “الماكن” وتصلح الى حد العشرين سنة، ما يهدد المهنة بالانقراض.

التدفئة بما تيسر
بين تجارة جمعيات الإغاثة والأوضاع الإقتصادية الرديئة، “كل الدروب تؤدي الى المطحنة” يقول حسن الدنش، أحد اللاجئين السوريين، في إشارة منه الى إستعمال ما تيسر للتدفئة. الدنش، هو رب أسرة مؤلفة من بنتين وثلاثة صبيان وجميعهم دون الخامسة عشرة يسكنون في خيمة في مخيم مرج الخوخ الواقع في بلدة ابل السقي، ويعتبر أكبر تجمع للاجئين في قضاء مرجعيون. يقول الدنش: إنه في ظل تردي الأوضاع المادية وانعدام فرص العمل في الشتاء يصعب على الأسر اللاجئة إختيار صوبيات المازوت للتدفئة خصوصاً في ظل شح المساعدات التي كانت تقدمها الجمعيات في الشتاء وهي عبارة عن “بون” يستبدل ببرميل مازوت وهي كمية لا تكفي أكثر من شهر واحد في أوقات البرد العادي ونصف الشهر في العواصف الشديدة حسب الدنش.
غالباً، ما تستعمل الأسر السورية التي تسكن في المخيمات الحطب لمواقدها فيجمع ابناؤها الأغصان الصغيرة من بساتين الزيتون القريبة من الخيام التي يتركها أصحاب البساتين خلفهم بعدما يحتفظون بالأغصان الكبيرة لمواقدهم. كما يعمل أفراد كل أسرة على تجميع الحطب أسبوعياً من البساتين القريبة أو من أحراج غير المحمية.

التدفئة الحديثة
تبقى وسائل التدفئة الحديثة من “شوفاج مركزي” خيار العائلات المترفة لما تستهلكه من كميات مازوت كبيرة بالإضافة الى “الشوميني” التي تستهلك كميات كبيرة من الحطب ويبقى دفئها غير كاف تحديداً في عواصف الشتاء القاسي.

 

السابق
عون: كحل جان عبيد ولا عمى فرنجية
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الاثنين في 7 كانون الاول 2015