لا لحكم الأزعر.. ولا للحراك الأزعر

أصبح متاحاً لنا أن نعلم، بعد ما علمنا وذقنا، أن كل معارضة مطلوب محاسبتها كل يوم وعند كلّ خطوة وأن الحراك لا يُقْبَل له أن يكون مَرْكباً سكراناً بل يُفْترض أنه شبكة مسؤوليات. الحراك بأطرافه مستوجب المحاسبة هو والسلطة وأهلها سواء بسواء.

شو بدكم حراك توصاية على مقاييسكم؟
شو بدكم حراك مصبوب عالقالب أو طالع من الكتاب؟
وشو فيها إذا شباب طلع خلقهم من القمع وكسروا واجهة أوتيل أو كام محل؟
هذه أسئلة جبناء كانوا في ذيل الحراك أصلاً أو كانوا في رأسه وأصبحوا في ذيله وهم لا يجرؤون على قول ما يلاحظونه (أو لا يجرؤون على ملاحظته أصلاً). لا يجرؤون لئلا تعتبرهم سلطات (نعم سلطات) الحراك الغامضة فاقدي الأهلية الحراكية.
ما أسرع ما يصبح الحرص على المواقع، ولو متوهّمة، سبباً للتلعثم في التصريح بالرأي أو مسوّغاً للمضيّ قُدُماً في الكلام الفارغ. يصبح كلام الناطق الجبان تبريراً ثرثاراً متواصلاً لما لا يجرؤ على الإقدام عليه بنفسه ولا على تبنيه أسلوباً في العمل أو هدفاً له.

إقرأ أيضًا: الحراك متهم: ملف الكهرباء… وإلا فلن يصدقكم أحد
والحال أنه كلما تكاثرت أسئلة من القبيل المذكور أعلاه نكون قد انتقلنا من مواقع “نحن نريد” إلى مواقع ” إي وشو عليه؟”، يصبح الفاعل غيرنا ونصبح آلة تبرير لأفعاله أيةً تكن. وهذه هي مواقع فقدان الزمام وتهالك الإرادة والتعامي عن العواقب والتسليم بتحوّل الحراك إلى خراب.
وقد لا تكون السلطة، جملةً، وهي على ما هي عليه من التداعي، قادرةً على تحويل الخراب إلى نصر لها. ولكن أطرافها، متفرّقين، ومن ورائهم سادتهم الأباعد، قادرون. وأما الخاسر فهو الحراك والبلاد وأهلها.
أين سمعنا سابقاً هذا النوع من تجريم التعرض بالنقد لجرائم صغيرة أو كبيرة ارتكبها مشاركون في ثورة كبرى؟ متى قيل لنا آخر مرّة: هل تريدون ثورة طالعة من كتاب؟

إقرأ أيضًا: بالصور: وسط بيروت ساحة خراب
تعرفون أين ومتى. وتعرفون أن الذي لم يكن يجد من يستأهل النقد في الثورة السورية أصبح صعباً عليه اليوم أن يجد في الثورة نفسها من لا يزال يمكن الدفاع عنه.
لا أتهم المتعيشين على شتم المقاييس والقوالب والكتب… لا أتهم فسابكة القمع الحراكي بالبلاء الذي تتكاثر نذره. هم أضعف من أن يجدوا موضعاً بين أسبابه. أتهمهم بتغطية زحفه المشؤوم بأثقل أنواع خفة الظل وأحطّ ضروب البلاغة.
أصبح متاحاً لنا أن نعلم، بعد ما علمنا وذقنا، أن كل معارضة مطلوب محاسبتها كل يوم وعند كلّ خطوة وأن الحراك لا يُقْبَل له أن يكون مَرْكباً سكراناً بل يُفْترض أنه شبكة مسؤوليات. الحراك بأطرافه مستوجب المحاسبة هو والسلطة وأهلها سواء بسواء.
هذه بلاد وليست لعبة.
لا لحكم الأزعر ولا لحراك الأزعر!
لا للطاعون ولا للكوليرا!

السابق
روسيا تحرك اتصالات سياسية لسوريا…أي دور لمناف طلاس؟
التالي
لماذا تركت الحراك وحيدًا؟