أحمد بيضون عن #طلعت_ريحتكم: عن كذب إسقاط النظام والاندساس

إذ وُضعت رؤوسُ السياسة اللبنانية على أكياس نفايات فتلك كلمة حقّ وقد قيلت. وإذ ينادى بإسقاط هذا النظام فذلك مطلب لم يبق منه بديل بعد أعوامٍ أو عقود كان فيها ما كان.

إذ وُضعت رؤوسُ السياسة اللبنانية على أكياس نفايات فتلك كلمة حقّ وقد قيلت. وإذ ينادى بإسقاط هذا النظام فذلك مطلب لم يبق منه بديل بعد أعوامٍ أو عقود كان فيها ما كان.
ولكن هذا المطلب وذاك القول لا يفضيان إلى حلّ نظيف لمشكل القذارة الرازح على العاصمة وغيرها. هذا شيء وذاك وذلك شيءٌ آخر. وبينهما، لجهات القوى والإمكان والوسائل والخطط والأساليب، ما بين السماء والأرض.
وفي كل هذا بدأت حركة طلعت ‫ #طلعت _ريحتكم بما يصلح لفرض حلّ لمشكل النفايات، لكنّها استَدرجت، عامدةً متعمدة، ردّاً مقابلاً لإعلانها الرغبة في إتلاف الطبقة السياسية وإسقاط النظام. هذا فيما لم تكن مهيّأة قطعاً – لا هي ولا “الشعب” الذي زعم له متظاهروها وجوداً ناجزاً وادَّعوا النطق باسمه – لمباشرة هذه المهمة…

وفي الأثناء، سمعنا كلاماً مفاده أن “الاندساس” قرينٌ للتظاهر وتهكماً بمن يجرؤون على تخيّل تظاهرٍ بلا مندسّين وعنفٍ يفتعله المندسّون. وهذا كلامُ مكابرةٍ وكذب إذ شهدت هذه البلاد في العقد الأخير تظاهرات كثيرة مختلفة الأهداف والأحجام نجحت حيث نجحت وأخفقت حيث أخفقت ولكنها انقضت بلا عنفٍ يُذكر أو اندساسٍ يُعتبر.

كذبٌ آخر تردّد على المسامع في هذين اليومين. وهو أن سقوط البلاد في الفراغ لا يقدّم ولا يؤخّر إذ هي فيه أصلاً. هل وراء هذا الكلام فكرة عن اليوم التالي للفراغ الفعلي أو خطةٌ لإعادة تكوين البلاد إذا تناثرت أشلاؤها في ذلك اليوم التالي؟ هل من حسابٍ لما تكون عليه الحصيلة إذا افتتح الفراغ هجومَ القوى الماثلة على الأرض (وهجوم عرَّابيها الخارجيين) للإطباق الكُلِّي على أشلاء الدولة والبلاد؟

مع ذلك، لا بدّ من التحية يؤديها المنصف لمن حملوا عبء هذا التحرك مثبتين أن البلاد ليست كلها رهينة المحبسين: ٨ و ١٤… بل إن فيها من يسمع نفير بطنه وصحّته قبل نفير السياسيين. يبقى هذا صحيحاً أيّاً يكن الخطأ في التقدير. ولكن يبقى أيضاً أن الخطأ الذي هو، بالدرجة الأولى، تكبيرُ الحجر لا بدّ من تداركه إحباطاً لكيد المندسّين.

وذاك أن المندسّين اسمٌ لغير مسمّاه. المندسّون هم النظام الطائفي وأهله لا أكثر ولا أقلّ. وهذا النظام يسقط عندما يوجد “الشعب” ليكون له أن “يريد” إسقاطه. ولوجود الشعب شروط بينها ثقة بالنفس تأتي بها معارك يجاد خوضها لتتكلّل بالنجاح ومنجزاتٌ تتراكم فتنمو بها، أيّاً يكن تواضعها، قوى الشعب وشعوره بنفسه.

السابق
طلعت ريحتكم: خطوة خطوة
التالي
الطقس قليل الغيوم مع ضباب على المرتفعات وارتفاع محدود بالحرارة