«14 آذار»: العبور الى «انتفاضة السلام»

قدّمت “14 آذار” أمس وفق “المستقبل” صورة مختلفة عن المشهدية السياسية السائدة في المنطقة والقائمة على الاستقطاب المذهبي، ونموذجاً عن نفسها وعن لبنان بوصفه ناطقاً باسم صيغة “العيش معاً” ووصفة لدول المنطقة. وأعادت مع انتخاب الجمعية التأسيسية للمجلس الوطني لمستقلّي حركة “14 آذار” النائب السابق سمير فرنجية رئيساً لها تجديد نفسها كإطار للتنوّع على قاعدة أن لا حلّ جزئيًّا لكل طائفة على حدة، في محاولة جديدة للعبور الى “انتفاضة السلام”.

كما رأت “النهار” أن قوى “14 آذار”، وتحديداً المستقلون فيها، سجلوا حركة حيوية ناشطة تمكنوا من خلالها من العودة الى الاضطلاع بدور فاعل قاموا به مع انطلاقة التحرك الشعبي عام 2005 والذي توج في 14 آذار من ذلك العام. ولفتت “الجمهورية” إلى أن القَيّمون أرادوا تسريعَ الخطوات لإعلان ولادةِ هذا المجلس من أجل تأكيد الآتي:

–          أنّ هناك شريحة واسعة من اللبنانيين ترفض الانكفاءَ إلى المربّعات الطائفية والمذهبية، وحريصة على مواجهة العصبيات الطائفية في اللحظة نفسِها التي يشهَد فيها العالم العربي صراعات وفتَناً متنقّلة.

–          أنّ 14 آذار التي تجَسّد التعدّدَ والتنوّع وتشَكّل إطاراً عابراً للطوائف ترفض الخضوعَ للأمر الواقع، لأنّه في اللحظة التي تسَلّم فيها بالاصطفافات القبَلية يعني انزلاقَ لبنان إلى الحرب الأهلية.

–          إعادة الاعتبار إلى “شعب 14 آذار” الذي تظاهرَ لإخراج الجيش السوري والعبور إلى الدولة التي لا يمكن أن تنهضَ إلّا على أسُس مدنية وحديثة.

–          إعادة تنظيم واستنهاض وتأطير الرأي العام المستقلّ الذي يشَكّل قيمةً مضافة في الحركة الاستقلالية.

ومِن هنا جاءَ تأسيسُ المجلس وفق “الجمهورية” بمثابة إضاءةِ شمعةٍ في عتمةِ الحروب والقتلِ واستنفارِ الغرائز. وسيَبدأ هذا المجلس اجتماعاته وأعماله بَدءاً مِن اليوم في سياق تأليفِ اللجان المختصة في كلّ الملفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

هذه المشهدية التي أكدت أن لبنان قضية بحدّ ذاته تجسدّها “14 آذار” في ظلّ عودة المجتمعات الى مربعاتها الطائفية، شارك فيها، وفق “المستقبل”، أكثر من 300 عضو من كل الطوائف، بالإضافة الى ممثلين عن تيار “المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”الوطنيين الأحرار” والأمانة العامة لقوى “14 آذار”. وتلتئم في مؤتمر جديد وفق “النهار” خلال 3 اشهر لانتخاب مكتبها التنفيذي، وذلك بناء على طلب الهيئة العامة. وتقرر فتح باب الترشيح للمكتب التنفيذي من الآن ولغاية 10 ايام قبل تاريخ انعقاد المؤتمر، فيما كلفت اللجنة التحضيرية وضع مسودة نظام داخلي للمجلس الوطني الى جانب الاستمرار في مهماتها الى حين انعقاد المؤتمر.

وجدّد فرنجية فور إعلان فوزه التركيز على أهداف المجلس التي سبق وأطلقها في مؤتمر قوى “14 آذار” في “البيال” العام 2012، وأهمّها دعوة جميع اللبنانيين الى التشارك في التحضير لـ”انتفاضة سلام تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسّس لمستقبل أفضل”، معتبراً أن التحضير لهذه الانتفاضة يحتاج الى مواجهة “الانكفاء الطوائفي الذي تشهده البلاد من خلال خلق إطار مدني حديث قادر على تخطي الترسيمات الطائفية والمذهبية التي فرضتها اصطفافات المواجهة”. وقال فرنجية لـ”المستقبل” بعد انتهاء اللقاء إن المجلس الوطني سيسعى الى التحضير لـ”انتفاضة السلام” مع كل قوى الاعتدال “أينما وجدت في لبنان وفي العالم العربي، مع القوى التي تشبهنا، لأن الظروف التي نواجهها صارت خطيرة جداً ولم يعد ممكناً المماطلة في هذا الموضوع”.

 

كتبت دنيز عطالله حداد في “السفير”: “البيك”.. الذي لا يتعب من الحوار

لم يتعب سمير فرنجية. لم تنهكه تجربة اليسار، وقد انهكت دولاً عظمى. لم تحبطه «الجبهة الوطنية» وقد أحبطت جيلاً. لم تكسر «قرنة شهوان» أيّاً من احلامه بالوصل، حتى حين لامست ان تكون باباً للفصل. لم ييأس من الحوار وقد يئست منه شعوب ودول. لم يتوقف عن الرهان على قدرة الأفكار على تغيير العالم حتى بعد ان صار الدم أغزر من الحبر المراق. لم يتعب. لم ييأس. لم يستسلم… ولا حتى من «14 آذار». اجترح مع من يشبهونه مجلساً وطنياً للمستقلين الذين صنعوا برأيه ذاك النهار المشهود من العام 2005. انتخبوه رئيساً، بعد ان كرّسوه ايقونة انتفاضتهم و «الاستقلال الثاني». محبوه كثر كما منتقدوه.. أما كارهوه فقلة. لا يُعجِب سمير فرنجية من يرتاحون للمسلمات. لا يرتاح إليه من يملكون أجوبة جاهزة و «تاريخية».

فالرجل الذي بلغ السبعين من عمره لا يزال يفتش عن اجوبة لأسئلة كثيرة، وعن حلول لأزمات هذه البلاد المتوالدة. يقرأ. يكتب. يناقش. ينتقد، ويصل الى خلاصات. ثم يبدأ من جديد. ينقض الخلاصات. ينتقد ويناقش ويكتب. يواصل القراءة ويبدأ من جديد. جامع المتناقضات هو.. «بيك» ويساري. دمث حتى حدود الخجل، لكنه يعود «زغرتاوياً» في لحظات غضبه.

يتقن ألاعيب السياسة اللبنانية ويتمسك بنبله الاخلاقي.. رجل الحوار والمبادرات منذ العام 1978 وأحد أبرز مؤسسي «المؤتمر الدائم للحوار» و «اللقاء اللبناني للحوار» وسواها من اللقاءات الجامعة، ينظر بكثير من الإيجابية اليوم الى حوار «المستقبل» – «حزب الله». يقول «هذا الحوار مسألة استثنائية من المغرب الى اندونيسيا. فلا يوجد على امتداد هذه الجغرافيا سنة وشيعة يجلسون حول طاولة واحدة ويتحاورون، بغض النظر عن نتائج هذا الحوار، وعلى الرغم من كثير من الانتقادات التي تطاله، خصوصاً في الاوساط السنية». وكعادته يطالب بـ «إطلاق نفس جديد. افكار جديدة ومقاربات جديدة..

السابق
وفاة أمين النظام السوري التاريخي ‘محمد ناصيف‏’
التالي
سمير فرنجيه رئيساً لـ« المجلس الوطني» لمستقلّي 14 آذار