عرسال: معركة استراتيجية ودولية

الصورة من الانترنت
المعارك اليوم معارك إستراتيجية، تقررها عواصم دول معنية، تدور رحاها على تخوم مدن ومناطق حيوية، تقودها مباشرة أو بالواسطة قوى إقليمية فهل صدر القرار بأن عرسال من ضمن معارك المناطق الإستراتيجية؟

يُروى عن الملك فيليب أنّه جهز جيشاً ديني قومي قويّ قاده نحو الشرق صوب عكا والقدس لملاقاة ريتشارد قلب الأسد في مهمة قيل حينها أنها لإستعادة ثلاثة لفائف مقدسة، وإنه وبعد إنتهاء المهمة ابتلي بمرض عضال ألزمه الفراش فأتى إليه من يسأله عن حقيقة قدسية اللفائف، فنظر إليه متهكماً منهكاً، ومجهداً نفسه قال: إنه كم الدم الذي أريق في سبيلها، فلأجله هي الآن حرب مقدسة.

صلوا إذن كي لا تتعرضوا للتجربة، لقد عبرت سفينتكم بحر الدم في يوم سيأتي غروب شمسه والخوف يبقى فيما لو طال إبحاركم أن تعطشوا فلا تجدون ماء بل الخل ستشربون.

المتورط في الحرب بطبعه يسعى بكل ما أوتي من قوة ليشعلها فوضى، والفوضى المقصود بها هنا شبيهة بتلك القائمة على الحدود البرية وفوق الجغرافيا السورية، يستحضر لها عناصرها، يحرص على سفك الدماء ويعمل على توريط أكبر عدد من المخلوقات سواء منهم الأفراد أو الجماعات، يدفعهم بغريزتهم إلى التقاتل والإقتتال خدمةً لتحقيقه المزيد من الأهداف، ولتبسيط الامر عليهم يبشرهم أن تلك المعارك مقدسة ولأجلها سالت كل تلك الدماء والحقيقة انها ليست كذلك إنها تتمة لمعارك رفع الكتاب على السلاح، وهي لا تعني البتة سوى إنهيار القدرة على التمييز، وزوال المعايير، ومن ثم الإستسلام والتسليم السلبي للحرب كما لوكانت كارثة لا مناص منها وعليه فالفتنة بإختصار هي الخلاصة الطبيعية لإنعدام القرار وغياب الرؤية وإمكانية الإختيار.

المعارك اليوم معارك إستراتيجية، تقررها عواصم دول معنية، تدور رحاها على تخوم مدن ومناطق حيوية، تقودها مباشرة أو بالواسطة قوى إقليمية، سوادها الأعظم من مقاتلي أحزاب محلية وحشود شعبية والقصد منها وبعد الرصد تحقيق تعادل يبقيها في حال من المراوحة الأبدية، أوأقلها هي كذلك بإنتظار بروز تطورات تتقاطع ومصالح إحدى القوى المتقاتلة المتناحرة المحلية مع أخرى دولية اوحتى إقليمية.

وللشهادة وبين هلالين لا بد لنا هنا أن نذكر قول وفعل دولة الرئيس الأخ الأستاذ النبيه وأحد الساعين دوماً إلى عدم توريط الكل أومن تبقى منهم في صراعات طائفية تذكرنا بمعارك الفتن الكبرى (الجمل والصفين)، كما لا يمكننا أن نتجاهل حراك ودور رئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري العامل على تفويت الفرص على حفاري القبور وبعثرت دعواتهم إلى التقاتل والإقتتال سواء في طرابلس وصيدا وبيروت أو في عرسال، في حين أن الأمينين على العائلة وبكوات التوريث والتعيين وكذا المتلبسين زوراً بصورة الناسك الحكيم يلهيهم تقاسم مراكز المدراء العامين وتعيين القادة والسفراء المنتجبين، أما عنوان فخامة الرئيس فهو وللأسف وبعد التجربة وبسبب فعلهم اليوم كما في الأمس ليس بيدهم وإن مجتمعين.

عرسال

الأمر بعد ما تقدم ومن دون مواربة كتاب فصلت أحكامه بإتقان يأتينا من الخارج بالتنزيل، وما تقوم به الفرق الباغية والناجية (كما يحب أولئك ويدعي هؤلاء ويصفون) ومن لف لفهم، يشكل تتمة لكتاب الفتنة الكبرى وصفحة من صفحاته المؤثرة التي تؤرخ لحقبة موت (او إستشهاد إن شأت) مجموعة ضخمة من المسلمين على أيدي مسلمين في صورة شبيهة بمعارك أفضت إلى قتل صحابة على أيدي صحابة، قصص مستنسخة وحوارات مقلدة عن حادثة التحكيم التي أدت إلى قتل المزيد. يستمرون في ممارسة ما شرعوا به وما ورثوه ليقيموا قلاع على أكوام الجثث، ونستمر بالدعاء لله لكي يبعد عنا هذا الكأس ولتكن مشيئته وليس مشيئتنا وعليه فليتوكل المتوكلين.

السابق
مجدلاني : الحكومة لن تفقد ميثاقيتها بغياب عدد ضئيل من وزرائها
التالي
بري: لن يمر الاعتداء الاسرائيلي على شبعا