سلام يعلّق جلسة الخميس وعون يلوّح بالشارع وجنبلاط ينتقد الأنانيات الحكومة: «عض أصابع»

الحكومة اللبنانية

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية، لليوم الثمانين بعد الثلاثمئة على التوالي.
يستمر الشغور الرئاسي في إنتاج الأزمات وتصديرها الى المؤسسات الدستورية تباعا، تعبيرا عن واقع غير طبيعي يكاد يتحول من “استثناء” الى “قاعدة”.
وآخر “العوارض الجانبية” للشغور أصاب من جديد الحكومة المترنحة التي قرر رئيسها تمام سلام التريث في دعوتها الى الاجتماع، في انتظار اتضاح المسار الذي ستسلكه إشكالية التعيينات الامنية بعد قرار العماد ميشال عون برفض الخوض في أي بند على جدول الاعمال قبل تعيين قائد جديد للجيش.

 
ولعل موقف سلام يعكس رغبته في إعطاء عون إشارة الى انه يرغب في معالجة هواجسه لا تجاهلها، من دون ان يعني ذلك ان تعليق الجلسات سيكون مفتوحا، مع العلم ان هناك من يفترض ان عون لن يحتمل تداعيات توقف الحكومة عن العمل كليا، بينما يؤكد آخرون ان الجنرال جاهز لمعركة “عض الأصابع” ولن يصرخ أولا.
لكن الأكيد وسط كل الفرضيات ان اللبنانيين هم وحدهم الذين يصرخون يوميا، بفعل التحلل المستمر في جسم الدولة المشرّعة على المجهول.
وبينما تتخبط الحكومة في “جرودها السياسية” وتنتظر نتائج الاستعانة بـ “الصديقين” نبيه بري ووليد جنبلاط، تابع “حزب الله” تطهير جرود القلمون وعرسال من المجموعات التكفيرية، وهو حقق أمس المزيد من التقدم على الارض، حيث واصل الإطباق على مواقع مسلحي “جبهة النصرة” الذين تابعوا تراجعهم الى الخلف.

 
سلام يتريث
سياسيا، قال الرئيس تمام سلام لـ “السفير” انه قرر التريث في الدعوة الى الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، في انتظار تبلور نتائج الاتصالات والمشاورات التي تجري للخروج من المأزق المستجد، وتبيان ما إذا كانت هناك إمكانية للحلحلة، مشيرا الى ان الرئيس بري والنائب جنبلاط يمكن ان يؤديا دورا إيجابيا على هذا الصعيد.
وتابع: لقد قررت إعطاء هذه الفرصة للمساعي السياسية لأنني لا أستطيع أن أتجاهل وزن القوى المتمسكة بمناقشة بند التعيينات الامنية أولا، ولكنني في الوقت ذاته لا أستطيع ان أقبل بتعطيل عمل الحكومة بسبب خلاف حول مركز أو موظف، لان مثل هذا التعطيل سيؤدي الى الإضرار بمصالح الناس والدولة.
وتساءل: كيف لمن يطالب الحكومة بأن تتخذ كل الاجراءات لمواجهة الارهابيين وان تؤمن الغطاء السياسي للجيش في هذه المواجهة، ان يدفع في الوقت ذاته نحو شل مجلس الوزراء؟

 
وشدد على ان مسألة تعيين قائد للجيش تُناقش في وقتها، معتبرا ان الأجدر بمن يستعجل التعيين في هذا الموقع ان يستعجل معالجة الشغور في المركز الاول على مستوى الدولة والمتمثل في رئاسة الجمهورية.
ودعا القوى السياسية الى التصرف بحكمة، وعدم الانزلاق الى نقطة اللاعودة.

 
جنبلاط ينتقد الأنانيات
وعلى وقع الازمة الحكومية المستجدة، استقبل بري، في عين التينة أمس، جنبلاط يرافقه وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور والنائب غازي العريضي.
وقال جنبلاط لـ “السفير” بعد تبلغه قرار سلام تعليق جلسة مجلس الوزراء ان الخلافات السياسية التي تعطل المؤسسات الدستورية، الواحدة تلو الأخرى، هي في عمقها خلافات ثانوية وسخيفة يجب عدم السماح لها بشل الدولة، فيما النار تلتهم كل شيء من حولنا وتهدد بالتمدد الينا.

 
واعتبر ان المطلوب منا ان نعي جميعا خطورة الوضع وان نسارع الى الخروج من المواقف والانانيات الذاتية، لان المرحلة لا تحتمل الحسابات الضيقة.
وكان جنبلاط قد أبدى بعد لقائه بري أسفه لكون بعض الخلافات الداخلية، “تعطل على لبنان فرصا تاريخية، ومنها تمويل البنك الدولي مشاريع ضخمة ومشروعا حيويا هو سد بسري، آملا أن تذلل كل العقبات الداخلية”.

 
أضاف: يدرك الرئيس بري أهمية هذه المشاريع، وسنحاول سويا أن نذلل بعض العقبات السياسية من أجل ان نصل إلى ما يسمى بتشريع الضرورة وتثبيت الاستقرار، وهذا هو الهم الأكبر للرئيس بري، وسنبذل سويا كل جهد للحفاظ على لبنان.
وأوضح انه كي يمر السد ومشاريع أخرى تتعلق بكل المناطق، لا بد أن ينعقد مجلس
النواب في إطار تشريع الضرورة.

 
عون يلوّح بالشارع
أما على خط الرابية، فقد واصل عون رفع سقفه السياسي وتعبئة جمهوره، مستعيدا شيئا من طقوس الاستقبالات الشعبية في قصر بعبدا أيام ترؤسه الحكومة العسكرية.
وأكد عون أمام وفود شعبيّة زارته في الرابية أمس، ان خيار اللجوء الى الشارع غير مستبعد، وقال: نحن اليوم معترضون سياسياً، وربما نصل إلى مرحلة الاعتراض شعبياً، ولذلك قد نُضطر إلى استدعائكم في تلك اللحظات الحاسمة لتكونوا موجودين إلى جانبنا.
وأضاف: من هجّروا المسيحيين بالسلاح والدّماء من المشرق، قد تكون خطّتهم تهجيرنا من خلال تفريغ المراكز المسيحيّة في الدولة من فاعليّتها، إذ يأتون إليها بـ “أشخاص – كومبارس”، يكونون أدوات في أياديهم، ونحن لن نقبل بأن نكون “كومبارس” أو أداةً لأحد بعد الآن.

 
بو صعب: نعطل الإلغاء
وفيما أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق ليل أمس انه لن يتم البحث في تعيين قائد الجيش قبل ايلول، مهما بلغ حجم الضغط، أبلغ وزير التربية الياس بو صعب “السفير” ان “من يتحمل مسؤولية تعليق جلسات الحكومة هو من يرفض الاستجابة لمطالبنا المشروعة”، مضيفا: نعم، نحن نعطل.. لكن ليس الحكومة بل محاولة إلغائنا.

 
ولفت الانتباه الى ان “كل تعيين يهم “تيار المستقبل” والاطراف الاخرى جرى إقراره في مجلس الوزراء، بينما تم إهمال وتجاهل كل ما نطالب به، استنادا الى الدستور والقانون، علما اننا نرفع الصوت منذ أشهر طويلة ولم ننتظر حتى الجلسة الاخيرة”.
وأشار الى ان استحقاق تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي “شكّل مناسبة لنقول إننا اكتفينا من المطالبة وان الكيل طفح، ولم يعد بمقدورنا ان نتحمل تهميش حقوقنا ودورنا، وبالتالي قررنا ان نتصدى لحرب الالغاء السياسي التي نتعرض لها”.
وأكد ان “التيار الحر” ليس بصدد التراجع عن أولوية تعيين قائد جديد للجيش في مجلس الوزراء، قبل مناقشة أي أمر آخر، مع انفتاحنا على أي “مخرج شامل” (في إشارة الى العميد شامل روكز).

 
قزي يتمسك بالحكومة
في المقابل، قال وزير العمل سجعان قزي لـ “السفير” انه من غير المسموح لأي طرف ان يعطل مجلس الوزراء، وبالتالي ان ينتقم من الناس بسبب عدم حصوله على مطلبه، مؤكدا ان “حزب الكتائب” يقف الى جانب الرئيس سلام في المحافظة على الحكومة، الموجودة أصلا لحماية مصالح الناس بالحد الادنى الممكن، وليس لإعلان الحرب على اسرائيل أو السلام معها، ولا لمعارضة الاتفاق النووي بين ايران والولايات المتحدة، ولا لاتخاذ موقف من الازمة الاوكرانية.
وأشار الى ان من يريد في مجلس الوزراء اتخاذ موقف معين يستطيع الاعتراض أو التحفظ، ولكن ليس من حقه شل الحكومة.

 
جرود عرسال
في هذا الوقت، يواصل “حزب الله” والجيش السوري القضم التدريجي للرقعة التي تنتشر فيها “جبهة النصرة” في جرود القلمون وعرسال التي شكلت طوال ثلاث سنوات تقريبا مصدر الخطر الرئيسي على الداخل اللبناني، بتحولها الى مركز لتوريد السيارات المفخخة والانتحاريين، ومنصة لإطلاق الصواريخ على مناطق البقاع الشمالي وصولا الى البقاع الأوسط.
وتشير مجريات المعركة الميدانية الى أن “حزب الله” اتخذ قرارا استراتيجيا ونهائيا بإحكام سيطرته على جرود عرسال، تاركا للجيش اللبناني مهمة الإمساك بأمن عرسال وطرد المجموعات المسلحة منها مستقبلا.

 
في هذا السياق، تابع “حزب الله” والجيش السوري ضغطهما على المعابر التي تستخدمها “النصرة” في الاتجاهين اللبناني والسوري، وصولا الى السيطرة على معبر فليطا الحيوي الذي يربط بين القلمون وجرود عرسال، تمهيدا لانتقال المعركة الى مرحلة جديدة وهي مواجهة مجموعات “داعش” التي تسيطر أيضا على نحو 200 كلم2 في منطقة جرود عرسال والقلمون.
وكان لافتا للانتباه، تنفيذ مجموعات من الوحدات الخاصة في “حزب الله” عملية عسكرية خاطفة استهدفت احدى المغاور التي كان يستخدمها أمير “النصرة” في القلمون أبو مالك التلي.

 
وعلى جبهة جرود عرسال توالت خسائر “النصرة” وانسحاباتها بحيث لم يتبق لها من أصل نحو 200 كيلومتر مربع كانت قد وضعت اليد عليها، سوى نحو 35 كيلومترا مربعا هي مجموع مساحة أودية الخيل والحقبان والحريق وجزء من وادي قطنين، إلى جانب ضهر الهوة.
وتوافرت معلومات لـ “السفير” عن ان “النصرة” فتحت متنفساً لها نحو مناطق سيطرة “داعش” في جرود عرسال وبالتحديد شمالاً نحو كامل خربة يونين وسرج العجرم ووادي النضام.

 
وفي المعطيات، ان معركة نشبت مؤخرا بين الفصيلين اللدودين انتهت إلى مقتل 47 مسلحاً من “داعش” و17 مسلحاً من “النصرة” التي سيطرت على كامل خربة يونين (كانت خط التماس بينها وبين “داعش”)، وعلى سرج العجرم ووادي النضام.
وتفيد المعلومات أن فرار عناصر “النصرة” من المناطق التي سيطر عليها “حزب الله” في جرود عرسال، تم نحو المناطق الجديدة التي انتزعتها “النصرة” من “داعش” في جرود عرسال، وهي مناطق تقع على حدود أعالي مدينة الملاهي في وادي حميد.

 
واستهدف الجيش اللبناني أمس بالقصف المدفعي تحركات للمسلحين في خربة يونين وقلعة الحصن، كما نفذ دوريات روتينية وحواجز طيارة في عرسال البلدة، وجال في الحي الجنوبي من عرسال للمرة الأولى قبل أن يعود عناصره إلى نقاط التمركز الرئيسية حول عرسال.

السابق
سلام : جدول أعمال الحكومة صلاحيّتي عون يلوّح بالشارع والسنيورة «ليعرف حدوده»
التالي
المقاومة سيطرت على مُرتفعات قرنة التنور.. والجيش جاهز للتصدّي للمسلّحين الحكومة