من مهاباد إلى صنعاء: ما يحق لإيران، لا يحق للعرب

هل يمكن أن تدرك إيران يوماً ما أن الانفتاح والتعاون الاقتصادي الإيراني – العربي هو المدخل الأصلح لبناء الثقة بينها وبين جيرانها العرب؟ هل تنتهي ايران يوماً من ازدواجية المعايير القوميّة والمذهبيّة؟

يحق لباسيج إيران اغتصاب امرأة وقمع ثورة في مهاباد الكرديّة. وقتل وإخماد “مؤامرة” في الأهواز العربيّة. ويحق لها ممارسة ذلك بأبشع صور العنف المشفوع بإسم “ولاية الفقيه” الشيعية، وتطبيقها كنظام إلهي – بشري على السنّة، وتصديرها كثورة على مدى أكثر من ثلث قرن. لكن لا يحق لأي نظام عربي ولو أكثري إسلامي سُنّي التدخل بأرض عربيّة لوقف اجتياح حوثي شيعي مدعوم من إيران عينها. ويهدّد جنوب السعودية على مدى حدودها مع اليمن. فما هو مسموح لتهران الشيعيّة وحقٌ لها من أجل بناء “هلال شيعي”، هو عينه مرفوض أن تقوم به الرياض أو حتى صنعاء السنّية نفسها ضد الحوثيين الشّيعة الزيدية الخارجين على ثورة اليمن التي أسقطت المخلوع علي عبد الله صالح بعد نزول ملايين اليمنيين إلى الشارع وبطريقة ديموقراطية واضحة.

الصراع المذهبي جعل “داعش” وغيرها تلقى تربةً صالحة لتحليل الذبح

يحق لإيران أن تضم أرضاً عربية هي الأهواز الغنيّة بالنفط والثروات، ولا يحق لليمن أن يكون عضواً فاعلاً في مجلس تعاوني عربي. ويحق لتهران الإعلان عن عاصمتها الجديدة بغداد الرشيد واستيلائها على كل من: دمشق وبيروت وعدن، على لسان كبار مسؤوليها، ولا يحق للسعودية أو لصنعاء وقف انهيار الدولة الوطنية في كل منهما؟! يحق لتهران أن تعلن هرمز وباب المندب ممرين إيرانيين عالميّين، وتسدُّ أن معبر قناة السويس ويطوقانه، بينما لا يحق للدول العربية الدفاع عن هذه المرافئ لاعتبارها مرافق عربية حيويّة؟!!

مجلس التعاون الخليجي

هو هو المنطق عينه الذي غلَّف التبعيّة الشيعيّة بـ”ولاية الفقيه”، وصدَّر الثورة على الوطن العربي ذي الغالبية السنّية، وضرورة أن تكون الثورة القادمة بإسم الشيعة وولاية الفقيه عينه. هذه الازدواجية في المعايير والتطبيق هي التي جعلت إيران تتلبس الشيعة لتصدير الثورة، والاعتماد على الأقليات لمشروع التصدير. وهذه الازدواجية هي التي ورثت احتلال جزر العرب في طنب الكبرى، والصغرى، وأبي موسى في دولة الإمارات. واليوم تريد إيران السيطرة على العواصم الأربع والمضائق الأربع. وهو المنطق عينه الذي يجعلها مصرّة على ممارسة دور الاستعلاء الإقليمي، متساوقاً مع الاستعلاء المذهبي. وهذا التمايز يبرز بوضوح في الاستعانة بالشيطان الأكبر وسلاحه في العراق، بالمشاركة وهو مرغوب في سوريا، ومُدان في غيرهما.

يحق لإيران أن تضم أرضاً عربية الغنيّة بالنفط والثروات، ولا يحق لليمن أن يكون عضواً فاعلاً في مجلس تعاوني عربي

هذا الواقع الجديد، خلق توتراً غير مسبوق بين كل من إيران الشيعيّة وجيرانها العرب السُّنة، وهذا الاستعلاء هو الذي جعل العرب سنّة وشيعة، ينظرون إلى التشيّع الفارسي لاعتباه خطة سياسيّة مكروحة ومحاربة. لأنها ما أتت بمنطق التعاون والانفتاح، وهو ما أشعل المنطقة العربيّة وشحنها واكسب الشيعة مزيداً من الكره، وساهم إلى حدّ بعيد بتحويل الصراع إلى صراع مذهبي، بدل أن يكون صراعاً يقوم على الحق القومي، والتعاون القومي المفتوح، وهو ما جعل “داعش” وغيرها تلقى تربةً صالحة لتحليل الذبح وتحريم الاندماج وهو ما يزلزل ما تبقى من كيانات عربيّة وطنيّة. فالذي يحمي المذاهب والهويات هو الأوطان وليس العكس، وهو المقتل الذي تشتعل عليه تهران وتستثمره إلى أقصى الحدود.

فمتى تنتهي إيران من ازدواجية المعايير القوميّة والمذهبيّة، ومتى تعرف أن الانفتاح والتعاون الاقتصادي الإيراني – العربي، هو المدخل الأصلح لبناء الثقة بينها وبين جيرانها، وخصوصاً العرب. لأن ما يجمع هو أكثر بكثير من الذي يفرّق بينهما.

السابق
اشتباكات بين المسلحين الارهابيين في منطقة الكسارات شرقي عرسال
التالي
من هي المجموعات اللبنانية التي تقاتل في سورية ولماذا رفضت حركة امل؟‎