محكمة الحريري قتلت رستم غزالي وليس العقيد شحاده

أعلِن امس عن وفاة العميد رستم غزالي رئيس شعبة الأمن والاستطلاع في لبنان أيام الوصاية السورية وذلك إثر ضربه وسحله قبل شهرين من قبل عناصر تابعة للاستخبارات العسكرية بامرة العميد السوري رفيق شحادة، هذا ما كشفه الاعلام عن تفاصيل الحادث المميت، اما ما لم يكشفه فهو ان كل من يورد اسمه في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري كشاهد أو كمشتبه به سيكون عرضة للتصفية والاغتيال.

أعلنت وسائل اعلام لبناننية وعربية أمس وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في الجيش السوري العميد رستم غزالي. 

ويلفّ الغموض ما جرى من أحداث سبقت المصير الأسود الذي انتهى اليه غزالة، مع أن كثير من المراقبين على الساحتين اللبنانية والسورية كانوا يتوقعون له هذه النهاية المأساوية الكلاسيكيّة التي تكرّرت في السنوات الأخيرة وذهب ضحيتها العديد من كبار السياسيين والأمنيين التابعين للنظام الذين قتلوا بطريقة غامضة اغتيالا وانتحارا أو تفجيرا واستشهادا.

 في قراءة  لمجريات الأحداث، فان كل من له علاقة من قريب أو بعيد باغتيال الحريري، قتل بطريقة غامضة وأبرز هؤلاء اللواء المنتحر غازي كنعان ، والعميد ابراهيم سليمان، الذي اغتيل في اللاذقية، والعقيد جامع جامع الذي قتل في دير الزور وهو يحارب العصابات التكفيرية كما أعلن النظام، وكذلك اللواء آصفت شوكت صهر الرئيس الأسد الذي اغتيل بصحبة  ثلاثة آخرين هم رؤوس الأمن والعسكر في سوريا بتفجير مقرهم في دمشق عام 2012.

 وكان عقيد منشق عن الجيش السوري قد رجح في وقت سابق أن يقوم النظام بتصفية غزالي إن وجد أنه لم يعد مفيدا له فيدفن معه ما يعرفه من أسرار على “إجرام بشار الأسد ولا سيما إعطائه الأمر باغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري”. 

وقال العقيد المنشق للجزيرة نت إن اللواء غزالة مكمن سر النظام السوري، فهو مطلع على “جرائمه ومشارك فيها من خلال موقعه الأمني منذ بداية الثورة حتى الآن، ويعتبر شخصا خطرا على بشار الأسد شخصيا كونه كان رئيس استخبارات النظام في لبنان عند اغتيال الحريري”.

وفي التفاصيل التي اوردتها مصادر لبنانية رفيعة المستوى زارت غزالي في المستشفى وطلبت عدم الكشف عن هويتها فإن “خلافاً كبيراً نشب بين رفيق شحادة ورستم غزالي على خلفية رفض الأخير تسليم بيته في قرية (قرفا) في درعا إلى قوات إيرانية واخرى تابعة لحزب الله لنصب مدفعية ودبابات داخله لضرب المسلحين المتقدمين نحو القرية، ثم حرقه بعد ذلك بشكلٍ علني في تحدٍّ واضح للأوامر الموجهة إليه، وإيصال رسالة من قبل غزالي بأن بيت “اللواء رستم” لا تدخله قوات أجنبية، وبأن معركة درعا إما أن تخوضها قوات سورية فقط وبرجولة وإلا فلتذهب إلى الجحيم”.

وتكمل المصادر: “على خلفية هذا الخلاف والتحدي الكبير الذي أبداه غزالي، جرى اتصال هاتفي بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء رفيق شحادة ورئيس شعبة الأمن السياسي اللواء رستم غزالي، وجه خلاله شحادة إهانة واضحة لغزالي وسخر من رجولته، فتحداه رستم غزالي بأنه سيذهب إلى وسط مكتبه في منطقة كفرسوسة لـ(يدعس على رأسه ويثبت له أن رجل) – على حد تعبير المصدر -، إلا أن المفاجأة التي تلقاها غزالي عند وصوله هي تواجد أكثر من ثمانية عناصر تابعين لشحادة على باب المكتب، تلقفوه فور وصوله وأوسعوه ضرباً، ليسحلوه بعدها والدم يسيل منه إلى داخل المكتب حيث بصق رفيق شحادة عليه، وأمرهم بأخذه إلى المستشفى”.

ووفق ما نشرت وكالات الأنباء عن الرواية الكاملة منذ دخول غزالي الى مستشفى “الشامي” في دمشق بعد خلافة مع رئيس المخابرات العسكرية اللواء رفيق شحادة، حتى وفاته، وفق ما رواها الطبيب اللبناني الذي تولى الاشراف عليه. فمنذ ما يقارب الشهر تقريبا اتصلت زوجة العميد غزالي، اللبنانية “لبنى عويدات” برئيس قسم الطوارىء في إحدى المستشفيات الجامعية في بيروت وطلبت منه اذا كان في امكانه التوجه الى العاصمة السورية لمعاينة زوجها والاشراف على صحته.

وقد وصل الطبيب اللبناني الى دمشق وكشف على العميد غزالي، الذي لم تكن بادية على جسمه اي آثار للجروح او الكدمات، لكنه كان في حالة غيبوبة.

وبعد اجراء الفحوصات الضرورية وضع الطبيب المعني تقريرا اشار فيه الى ان العميد غزالي محقون بمادة سامة روسية الصنع، وهي تؤدي الى شلل دائم والى انخفاض تدريجي في وزنه. وختم تقريره بأن هذه المادة ستؤدي حتما الى الوفاة، وان لاعلاج ممكنا في مثل هذه الحالة.

ويؤكّد متابعون لتطورات الأحداث في لبنان والمتعلّق منها بمسار المحكمة الدولية بشكل خاص ان تسلسل تلك الأحداث يوحي بأنه ستتم عملية تصفية ما تبقى من مشتبه بهم وشهود من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد واحدا تلو الآخر، خصوصاً أن السيناريوهات التي روج لها نظام البعث حول مصير غزالي تؤكد أنه حان وقت تصفيته لما يملك من معلومات أساسية حول عملية إغتيال الحريري. ولفت المتابعون إلى أن “التسجيلات الأخيرة التي بثت في المحكمة والتي تبرز التهديدات التي وجهها للحريري تعتبر دليل إدانة ليس لغزالي وحده بل لنظام الأسد برمته، لذلك  فالنظام السوري هو أول المستفيدين من موت غزالي كي تطمس جميع الحقائق المتعلقة بمحكمة الحريري وغيرها من القضايا الخطيرة المتعلقة بالملف اللبناني، فرئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري كان يضع يده على أدق التفاصيل في البلاد كاشفا أسرار كبار المسؤولين في سوريا ولبنان، يوم كانا شعبا واحدا في بلدين…

السابق
نهرا قبل استقالة الغزال وحدد الخميس المقبل موعدا لانتخاب خلف له
التالي
سايكس-بيكو ٢٠١٦: مشروع تقسيم المنطقة الجديد