ميا خليفة وغيرها: تضليل الرأي العام عن الكوارث الاقتصادية

ميا خليفة
تعتمد السطات والقوى الحاكمة عادةً وسائل إلهاء صالحة لسرقة العقول وضمان تضليل الرأي العام عن الواقع الكارثي للأوضاع المالية والإقتصادية.

الهيولى جوهر والجسد صورة ظاهرة واضحة أتم عليها الصانع بالعقل فكانت نعمة تميّز بها الإنسان عن غيره من الكائنات فتقدّمها بالمراتب، أو لربما هي كذلك لأن الضوء القريب يمنع نور الضوء الآخر من العبور إذ أنهم على خط واحد وواحدهم خلف الآخر. ومن رسائل الخلان أيضاً أن ما هو حار متحرك والبارد ساكن ثابت والرطب أكثر من نصفه متحرك وأقل من نصفه بارد، فإذا ما زاد البارد على الحار أصابه اليباس. أما إن غابت الأركان والطباع وما عرف من الأخلاط غاب التعريف ولربما غاب الشيء نفسه.
الوضع الإقتصادي إلى أين؟
الحال إلى إنحدار، والكل منشغل بالبحث عن زعيم للطائفة أو عن فتوة تصلح للمدينة أو الحي، مشدودة حواسهم الجسمانية الخمسة تطغى عليها القوة السامعة، تصغي إلى المخلوقات الناطقة، متسمرة باصرة تبهرها الأسطح والألوان البارزة، تشغلها عن المصيبة الأساس برامج الحكي والكلام في الممنوع والمباح، ضيوفها وعلى الرغم من إستعارتهم لعبارات التغيير هم غثاء، إصلاحهم صوتي وطريقتهم تستند على عقد المؤتمرات والعشاوات وتكثيف الإطلالات الإستعراضية الدونكيشوتية والعنتريات والمبالغة في الحديث عن إنجازات هي بالأصل واجبة وتدخل في صلب الأعمال، هي ليست بالطبع إعجازات ولا مصنفة في خانة الإنجازات، هي ليست صناعة يدوية أوإختراعاً علمياً أوتكنولوجيا يلزمها عقل كلي وبراءة إختراع، ولكن إن حصل وصنفها الشعب مربكاً كذلك فليسمح لنا حينها المنعوت زوراً بالعظيم أن نقول عنه ضعيف وهزيل مختل.

المثير للشفقة أن الشعب المذكور بات وعلى طريقة التحكم عن بعد، يتقلب بين ميا خليفة ومهارتها الجسمانية وفتنتها الجسدية وبين عمالتها أو إستخداماتها الإسرائيلية ووزنها الهابط بعد الحمية والسيطرة على الشهوة المعوية، لينتقل بعدها وبالطاعة المتوارثة والسيطرة المحكمة إلى فوضى القشطة الفاسدة واللحم الأحمر والأصفر والزهر والأبيض والمثلج والمبرد والفاكيوم.
تطول الحكاية إذ لا حدود للفوضى الخلاقة ولا نهاية والإجتهاد فيها رواية ومهارة وشطارة تستند في بعض الأحيان على زيادة البهارات المسرطنة، ليخضع المتلقي وبالتراتبية الزمانية المتقنة للتنويم على أصوات المواهب المكتشفة وألحان المهرة من العازفين الراقصين المتمايلين مع المشاهير، هذا عدا عن برامج الحمض النووي منقوص الأوكسجين والتشفيط والتشفير و1455 غير مفهومة القصد أو التعبير مهمتها نشر الفضائح والأضاليل وتقطيع الوقت على المواطنين ووسيلة إلهاء حتمية عن الواقع الكارثي للأوضاع الإقتصادية والمالية، تضاف إليها بسخاء المسلسلات الأكثر ترويجاً للامبراطوريات والحياة السلطانية وحريمها وغلمانها، يشارك الغافلون فيها وينسجمون فتزيد الهوة التي تلفح الوجوه منذ فترة، يعتقدون أنها رياح موسمية أو عاصفة عابرة كاترينية أو زينية تدخل في معادلة التقلبات المناخية.
توهمهم وتغشي على ابصارهم ثلة من المسؤولين الطامعين الشهوانيين المتمسكنين بحقوق الناس الدافعين لها عنهم والجاذبين إليهم أرزاقهم وخيراتهم مباشرة إلى جيوبهم وجيوب أزلامهم، والمصيبة الأكبر أنهم يصرون ويصورون فعلهم على أنه ورع وتضحية والواقع إنه فحش، يزيد الطين بلة ويدخل العباد في الغيب ومجاهل القدر يستعيذون بالمصور المكون الوهاب من نومة الغفلة ورقدة الجهل التي إبتلينا بها أصلاً منذ كنا وكان البلد وكان السادة والشيوخ والبكاوات والأساتذة الوارثين المتوارثين من دون توقف السيادة علينا.
العبرة تبقى لمن إعتبر ولمن أيده الله بروح منه وكان له غرض ففطن تاريخ من مضوا وقرأ أثر الأوليين وتمعن في خطب الغائبين وأفعال هؤلاء الحاضرين والغابرين، ساعتها فقط يكتب كما لكل قاصد غرض ما نهاية ما، وإلا فزيادة في العلل وتعداد للأسباب والشرح عنها لن ينتهي والتخلص منها حكماً سيطول.

السابق
سجال بين ريفي ووزراء حزب الله
التالي
بيروت ستشهد كسوف الشمس غداً