معركة «دي مستورا الدموية»… مكاسب في حلب قبل تجميد القتال!

يحاول النظام السوري أن يسابق الوقت قبل تطبيق أي اتفاق من شأنه تجميد القتال في حلب، بناء على مبادرة المبعوث الأممي دي مستورا، فاستغل الضباب، منتصف ليل الثلثاء، ودفع عناصره، مدعومة بعناصر عراقية وايرانية إلى التسلل من الأراضي الزراعية في ريف حلب الشمالي، من جهة منطقة دوير الزيتون – شرقي بلدة رتيان إلى الجهة الجنوبية ‏الشرقية لرتيان.

نتائج الهجوم الأول كانت سريعة، وبحسب الناشط السوري ومراسل شبكة حلب نيوز بهاء الحلبي، فإن قوات النظام استطاعت أن “تسيطر على قرية الرتيان والجهة الشرقية الشمالية من قرية باشكوي، كما تسلّل جيش النظام فجر الثلثاء، إلى بلدة حردتنين وباشكوي شمالي حلب، وطوّق بلدة ‏حردتنين وداهم منازل الأهالي العزل، وسرق الهواتف النقالة والنقود التي بحوزتهم، وأطلق الرصاص على أرجل النساء والأطفال ممن سمح لهم بالنزوح إلى القرى المجاورة في الريف الشمالي، وذبح نحو 21 شخصاً من عائلة واحدة في حردتنين، كما نُقل العديد من الجرحى إلى مشافي تل رفعت وبيانون وحريتان، ووصل عدد المصابين إلى 30 شخصاً ونزحت أعداد كبيرة من المدنيين من قرى حردتنين ورتيان وتل جبين إلى القرى المجاورة من الريف الشمالي”.

أكثر من 5000 مقاتل
وحصلت في بلدة رتيان ومحيط قرية سيفات ومنطقة الملاح وبلدة حردتنين من الجنوب والجنوب الشرقي اشتباكات قاسية بين الأطراف، “أحرار الشام”، “جبهة النصرة”، “جبهة أنصار الدين” بمواجهة قوات النظام والميليشيات التابعة لها، وبحسب الحلبي فإن “طريق قرية الرتيان – حردتنين باتجاه الشمال او الجنوب يعتبر منطقة عسكرية ورقعة اشتباكات”، لافتاً إلى أن “هدف النظام العسكري هو الوصول إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين”، أما الهدف الأكبر فهو “محاصرة حلب وبعدها القبول بمبادرة تجميد القتال، في الوقت الذي ترفض المعارضة المبادرة لأنها تسعى إلى إبقاء الاسد وإطالة أمد الحرب”.

أكثر من 5000 مقاتل انتشروا في هذه الجبهة بوجه النظام، ويقول الحلبي: “قصفت راجمات صواريخ النظام بلدة حيان، ومدفعية الراموسة بلدات ومدن ريف حلب الشمالي (حيان – حردتنين – حريتان – الملاح – تل مصيبين) وأغارت الطائرات بالصواريخ على بلدة بيانون في محاولة تأمين ‏التغطية لقوات النظام”.
لم يفلح النظام في تحقيق هدفه، ويؤكّد الحلبي أن مقاتلي المعارضة “استعادوا السيطرة على مناطق واسعة في قرية رتيان وحردتنين ظهر الثلثاء وتراجعت قوات النظام، ومعها جنود من حزب الله ولواء القدس ولواء ابي الفضل العباس وعناصر أفغان، إلى الأراضي الزراعية بعد مقتل اكثر من ٢٥ عنصرًا إيرانيًّا، وأسر العديد منهم، وسقوط العديد من مقاتلي المعارضة قتلى بإعدامات ميدانية في البلدتين وسط قصف مدفعي على المنطقة، واستمرت الاشتباكات في قرية باشكوي الوحيدة التي ما زالت تحت سيطرت قوات النظام”.

تفاصيل من المعركة 
لم تهدأ الاشتباكات مساء الثلثاء في قرى ريتان وحردتنين وأطراف منطقة الملاح وسيفات، وتزامنت مع قصف من طائرات النظام، لتكون النتيجة بحسب الحلبي: “سيطرة الثوار على رتيان ‏وحردتنين في شكل كامل وقسم من الملاح، وسقوط نحو 150 قتيلاً وأعداد كبيرة من الجرحى في صفوف النظام والميليشيات الإيرانية والعراقية، خصوصاً في معارك رتيان والملاح شمال حلب، وفرار ما ‏تبقى من العناصر باتجاه بلدتي نبل والزهراء”.
أما على جبهة حندرات (شمال حلب) فاشتعلت الاشتباكات مع قوات النظام، ويؤكد الحلبي أن قوات المعارضة “من حركة حزم – الجبهة الشامية” سيطرت على مبان عدة في القرية، وجبهة الراشدين (غرب حلب). ودارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والدوشكا بين “جيش المجاهدين” والنظام صباح اليوم الأربعاء، أسفرت عن مقتل نحو 30 عنصراً من النظام في منطقة عقرب في الراشدين الجنوبي وسقوط ‏ستة قتلى من جيش المجاهدين – الجبهة الشامية، واستطاعت المعارضة استعادة النقاط في جبهة الراشدين والسيطرة عليها وكبّدت خسائر كبيرة للنظام وللملشيات المساندة له وللشبيحة”.

واضاف: “استهدف مقاتلو المعارضة من “الجبهة الشامية” أماكن تمركز قوات النظام داخل كلية المدفعية في منطقة الراموسة القريبة من غرب حلب، بقذائف الهاون وسقطت قذيفة على باص ينقل جنود من قوات النظام، ما أدى إلى وقوع قتلى ‏وجرحى، أما في مدينة اعزاز فأُعلن النفير العام وأُغلقت المحال التجارية ونادى أئمة المساجد بالتوجّه إلى الجبهات في حلب لمؤازرة الثوار”.
يعتبر العميد الركن هشام جابر أن “الجيش السوري استطاع ميدانياً الانتقال في شكل دراماتيكي وسريع من مرحلة الدفاع إلى الهجوم”، ويقول لـ”النهار”: “الجيش السوري لا يستطيع التقدّم في حلب الشرقية لأنها طريق الإمدادات ومطوقة من الشرق والشمال. ويعتمد في هجومه على محورين، الأول فك الحصار على مدينة حلب أو فرض طوق على المدينة، في شكل ينحصر فيه المسلحون ويقطع عنهم الامداد، والمحور الثاني شمالاً، يعتمد على فك الحصار عن نبل الزهراء اللتين تمّت محاصرتهما منذ اكثر من سنتين ونصف السنة”.

هجوم ثان
ولا يستغرب جابر سقوط قتلى للنظام، معيدًا السبب إلى “شراسة المعركة وقساوتها”، مذكراً بالقوى “التي تساند النظام من حزب الله ومقاتلين عراقين، ويقال معهم أيضاً لواء القدس الفلسطيني، لهذا نحن نتحدث عن ساحة معركة كبيرة يشترك فيها أكثر من لواء وقوات مساندة”. ويضيف: “كان هناك طريق امداد اساسية للمعارضة، تمتد من المنطقة الشرقية من حلب المدينة إلى الحدود التركية، والجيش السوري قطعها وقطع الامداد، وهو كان على قاب قوسين او ادنى من فكّ الطوق عن نبل والزهراء، لكن يبدو انه لم يستطع، فانكفأ تكتيكيًّا استعدادًا لهجوم ثان”.
ويوضح أنه “عند أي تراجع تكتيكيّ وقبل انطلاق الهجوم الثاني سيُقدم النظام على قصف مكثف من الطائرات بالبراميل وغيرها، لهذا لن يوقف المعركة ولن يتراجع لأنه استعد لها منذ زمن وحشد لها كل القوات”.
للمعركة صلة قوية بمبادرة دي مستورا، فالمنطق العسكري يهدف كل طرف الى تحقيق المزيد من المكاسب قبل وقف القتال، ويقول جابر: “في شكل عام، قبل اي قرار بتجميد القتال، يسعى دائما كل فريق، في سباق مع الزمن، الى تحقيق مكاسب على الأرض، والمعارضة ايضا تستبسل بالدفاع عن مواقعها، لأنها عندما تكون بوضع ميداني صعب ستتعامل مع فرض الشروط بطريقة مختلفة عما اذا كان وضعها قوي”.

(النهار)

السابق
لقاء الحريري وعون: «طيف» الرئاسة المأزومة
التالي
جنبلاط استقبل وفدا من البرلمان الاوروبي