لقاء الحريري وعون: «طيف» الرئاسة المأزومة

كتبت “النهار” تقول: اتسمت الحركة السياسية الداخلية امس بحيوية استثنائية متعددة الاتجاه بدت من ثمار اقامة الرئيس سعد الحريري في بيروت منذ السبت الماضي ولكن من غير ان تخلو هذه الحركة من مفارقات لافتة. ذلك ان “الحدث” السياسي الذي تمثل في زيارة رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون لبيت الوسط ولقائه الرئيس الحريري تزامن مع انعقاد الجولة السادسة من الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” في عين التينة، في اليوم الذي بلغ “عداد” الازمة الرئاسية الرقم 19 من الجلسات النيابية الفاقدة للنصاب لانتخاب رئيس للجمهورية وتحديد 11 آذار المقبل موعداً للجلسة الـ20.

واذا كان “طيف” الانتخابات الرئاسية ظلل يوم التزامنات هذا قبيل انصرام الشهر التاسع من الفراغ الرئاسي في 25 شباط الجاري، فإن طيف فراغ أو بالاحرى شلل آخر بدأ يتمدد حكومياً مع الازمة الناشئة منذ الاسبوع الماضي والتي ستمثل اليوم مع عدم انعقاد الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء بفعل عدم التوصل الى تفاهم على آلية اتخاذ القرارات فيه.

في أي حال، شكل هبوب موجة اللقاءات الدافئة مقترنا بتبادل الرسائل الودية “الطائرة” بين الرابية ومعراب في مناسبة عيد الميلاد الثمانين للعماد عون، جرعة دعم للحوارات الجارية بين أطراف اساسيين و”حاضنة” داخلية ايجابية انعشت بعض الآمال في تحرك داخلي دافع نحو تحريك تعقيدات ازمة الفراغ الرئاسي ولو ظلت الشكوك عميقة جدا في مآل هذه التحركات وفرص إحداث ثغرة جدية في جدار الأزمة. ولعل ما سمعه المسؤولون الرسميون والسياسيون من وفد لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي الذي جال عليهم امس يشكل حافزاً اضافيا لمضاعفة الجهد الداخلي من اجل ايجاد منافذ للازمة الرئاسية، اذ لم يخفِ هذا الوفد قلقه الكبير والجدي على الاستقرار في لبنان جراء استمراره غارقاً في أزماته المتشابكة. ووصف رئيس الوفد المار بروك الوضع في لبنان بأنه “صعب جداً”، مشددا على ضرورة مساعدة لبنان “لئلا يتعرض استقراره لاهتزاز يكون كارثيا اذا حصل”.

الجولة السادسة
وانعقدت جلسة الحوار السادسة بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” مساء امس في مقر الرئاسة الثانية بعين التينة علما انها المرة الاولى تعقد جلسة حوارية بين الفريقين في وجود الرئيس الحريري في بيروت واكتسبت هذه الجولة بعدا اضافيا اذ جاءت عقب خطابي كل من الحريري والامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل ايام. وحضر الاجتماع المعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن “تيار المستقبل”. كما حضر الوزير علي حسن خليل.

وبعد الجلسة، صدر البيان الآتي: “جرى استكمال الحوار بروح جدية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم ايجابي للخطة الامنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الاعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي لها.
ودعا المجتمعون القوى السياسية والمرجعيات للمساعدة على وقف ظاهرة اطلاق النار في المناسبات أياً كان طابعها.
وجرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول الى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، وفتح النقاش حول آلياتها”.

وأبلغت مصادر المجتمعين “النهار” ان النقاش في الجولة السادسة تركز على موضوع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب، لكن أياً من الفريقين لم يقدم طرحاً كاملاً او تصوراً ناجزاً لهذه الاستراتيجية بل انطلقا من كلام الحريري ونصرالله عنها وتوافقهما على ضرورة التوصل اليها تحت سقف الدولة كما يطرح الامر “تيار المستقبل”. وأشارت الى ان أي بند آخر لم يطرح وأن الجو كان اكثر من ايجابي.

وأكد الوزير المشنوق في حديث إلى محطة “المستقبل” ان “الحوار مستمر وجدي وهناك أرضية مشتركة”، مذكراً بـ”أن الرئيس سعد الحريري تحدث بشكل واضح وصريح، ودعا الى استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب، والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله استجاب هذه الدعوة ولذلك الحوار قائم على ايجاد الآلية الطبيعية والدستورية لتنفيذ هذه الاستراتيجية”. وقال: “هناك ضرورة قصوى وسط كل هذه الحرائق لايجاد أرضية مشتركة واستراتيجية وطنية مشتركة لمكافحة الارهاب يشارك فيها الجميع. بحثنا في هذه النقطة اليوم في الجلسة وسنستكمل الحوار حول هذا الموضوع ولم نصل الى نتيجة لغاية الآن ولكن حددنا موقفنا بشكل واضح استناداً الى كلام الحريري، وفريق حزب الله المشارك في الحوار حدد بعض المواقف واستمهل لاكمال البحث”.

عشاء بيت الوسط
في غضون ذلك، استقبل الرئيس الحريري مساء في بيت الوسط العماد عون يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل وعقد معهما اجتماعاً في حضور النائب السابق الدكتور غطاس خوري. وأفاد المكتب الاعلامي للحريري انه تخلل الاجتماع عرض لمجمل الاوضاع السياسية في البلاد وآخر التطورات الاقليمية واستكمل البحث الى مائدة عشاء أقامها الرئيس الحريري على شرف العماد عون”.

سلام
على الصعيد الحكومي، أفادت أوساط رئيس الوزراء تمام سلام أن الأخير لم يربط إطلاقاً انعقاد مجلس الوزراء وموضوع تعديل آلية عمل المجلس وكل ما في الامر أنه أراد من وقف جلسة الحكومة هذا الاسبوع التي يصادف موعدها اليوم حث كل الاطراف على استشعار فداحة ما وصل اليه العمل الحكومي مما قتضى الدعوة الى إعادة النظر في الآلية المتبعة كي يصبح العمل الحكومي أكثر إنتاجية. ودعت الى انتظار حصيلة الاتصالات الجارية لمعرفة ما سينتهي اليه الامر الاسبوع المقبل، مشيرة الى ان الاطراف المسيحيين يرون ان اعتماد الآلية الحالية مرده الى واقع شغور موقع رئاسة الجمهورية مع قبول أحد الاطراف المسيحيين باعتماد قرار الاكثرية في حالات معينة كما حصل سابقا لتسهيل أعمال مجلس الوزراء، في مقابل دعوة الفريق المسلم كما طرح رئيس مجلس النواب بري الى اعتماد النص الدستوري بموجب المادة 65. وأوضح ان اتصالات الرئيس سلام شملت كل الاطراف دون استثناء.

في موازاة ذلك، لم تستبعد مصادر وزارية عبر “النهار” انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل بعد تدخل أطراف أساسيين داخلياً وتمني مراجع عربية ودولية على الرئيس سلام ان تعاود الحكومة جلساتها. ولفتت الى ان الرئيس سلام اكتشف في اتصالاته أن لكل طرف آليته ومنهم على سبيل المثال الرئيس بري و”التيار الوطني الحر” الذي اقترح لجنة وزارية مصغّرة تتولى توقيع المراسيم الامر الذي دعا الرئيس سلام الى القول انه لن يربط عمل الحكومة وفق الالية الحالية بالمسعى لتعديل هذه الآلية.

السابق
سجن الناشط السعودي وليد ابوالخير
التالي
معركة «دي مستورا الدموية»… مكاسب في حلب قبل تجميد القتال!