بوينر ونتنياهو ذكيان أحمقان!

أثناء نشأتي، أتذكر مقولة كانت تستخدم لوصف سلوك الأشخاص المتعجرفين إلى درجة القيام بأشياء بالغة الحماقة: «إنه ذكي جداً، لكنه أحمق!».

وقد تذكرت هذا التعبير عندما سمعت رئيس مجلس النواب الأميركي، جون بوينر، يعلن دعوته رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس.
وأنا متأكد من أن بوينر عندما أعلن ذلك، كان يعتقد أنه الرجل الأكثر ذكاء في واشنطن، متصوراً أنه قد سرق لتوه الأضواء من الرئيس بعد يوم على خطاب «حالة الاتحاد». وأنا أيضاً متيقن بدرجة مماثلة، من أن نتنياهو جلس في إسرائيل يهنئ نفسه، لأنه مرة أخرى سيقوم بهجوم مباشر ضد الرئيس الأميركي الذي تجرأ على معارضته.
ونتنياهو يخوض المنافسة لإعادة انتخابه رئيساً لوزراء إسرائيل، ويواجه خصوماً يثيرون المخاوف حول إضراره بالعلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية. وعليه، فهو ينتهز فرصة الوقوف أمام الكونغرس الذي يمنحه احتفاء كبيراً، ويمكّنه من إظهار أنه هو، وليس أوباما، من يتحكم في السياسة الأميركية.
ولطالما كان نتنياهو مرتبطاً بشكل وثيق بجناح المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري، الذين عملوا معه على مدار سنوات لتخريب جهود صنع السلام الأميركية. وأثناء تسعينيات القرن الماضي، تعاون مع الكونغرس الذي كان يقوده غينغريتش، لتمرير قانون نقل السفارة إلى القدس، برغم اعتراضات الرئيس كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين. وبمجرد انتخابه رئيساً للوزراء، أدلى نتنياهو بخطابه الأول أمام جلسة مشتركة لأعضاء الكونغرس، بدعوة من «غينغريتش»، متعهداً بإنهاء عملية سلام «أوسلو». وتمت كتابة ذلك الخطاب بمساعدة محافظين جدد أميركيين مؤثرين، مثل ريتشارد بيرل ودوغلاس وديفيد ورمسر.
كما استغل ظهوره الثاني أمام الكونغرس العام 2011، بدعوة من بوينر، ليرفض مقترح الرئيس أوباما لاتفاقية سلام تستند إلى حدود 1967. وقتها، تعجب المراقبون من جرأة الكونغرس على دعوة قائد دولة أجنبية لتوجيه صفعة إلى الرئيس الأميركي في عقر داره!
وفي حين أن الحسابات التي أجراها كلا الطرفين قد تبدو ذكية، إلا أن هناك المزيد بشأن هذه القصة. فرد فعل واشنطن على هذا الانتهاك البروتوكولي كان فورياً، حيث أوضح البيت الأبيض ووزارة الخارجية أنهما لن يلتقيا نتنياهو عند قدومه إلى الولايات المتحدة. ونقل عن مسؤول أميركي قوله في الصحافة الإسرائيلية إن عدم اكتراث نتنياهو بالاتصال بالبيت الأبيض لإطلاع المسؤولين على نيته إلقاء كلمة أمام الكونغرس، ليس طريقة لائقة للتصرف، ويمثل سابقة، وتصرفاً بربرياً.
وذكّر مسؤول أميركي آخر الإسرائيليين بأن أوباما سيكون رئيساً لمدة عامين آخرين، ولن يكون قلقاً بشأن حملة انتخابية أخرى. وبالمثل، وصف معلقون في وسائل الإعلام، محاولة انقلاب بوينر ونتنياهو، بأنها محاولة لتقويض القيادة الأميركية وانتهاك غير مسبوق للبروتوكول.

(السفير)

السابق
بالصور: هيفا بفستان شفاف وساعة بـ 58 الف دولار
التالي
«حرب الأمراء» تستعر في سوريا