تسريب حزب الله خبر اكتشاف القيادي العميل: خدمة لإيران؟

ليست هذه المرة الأولى التي يتم الكشف عن اختراق أمني لجسم حزب الله من قبل الموساد الإسرائيلي، الا ان الملفت هذه المرة هو الكشف عن طبيعة الوظيفة التي كان يشغلها هذا العميل، والحديث عن تفاصيل ممكن ان تحمل دلائل سياسية كبيرة تتخطى التسريب لتصل الى ما هو ابعد بكثير.

طغى فجأةً على صفحات المواقع الالكترونية وغير الالكترونية خبر اختراق الموساد الإسرائيلي لجسم حزب الله عبر واحد من قيادييه ويدعى محمد شوربا او ما اختصر اسمه بـ ( م. ش)، وكما جاء بمتن الاخبار المتداولة ان العميل هذا كان يشغل موقعاً متقدماً ويتبوأ مركزاً شديد الحساسية، فقيل بأنه المسؤول عن تنفيذ العمليات الأمنية التي تحصل بالخارج (وحدة العمليات الخارجية).

وكان من اللافت، فضلا عن نفس التسريب الذي ظهر جليا وقوف الحزب خلفه، لأن التستر واخفاء موضوع بهذه الحساسية وعلى هذه الدرجة من السرية امر متيسر جداإن أراد الحزب ذبك، وما كان ليخرج الى الاعلام لولا إرادة مسبقة و”قبة باط” من الحزب، فكان من اللافت ما ترافق مع خبر “الاكتشا ” لهذا الخرق، الحديث عن طبيعة الوظيفة التي كانت مناطة بهذا المسؤول، وتحديدا الكلام المستفيض عن ما سمي الوحدة “910” وما تناقلته بعض المقالات عن طبيعة هذه الوحدة السرية وعملها الأمني الحساس خارج لبنان.

وانا على يقين بان كثيرين مثلي لم يسمعوا عن هذه الوحدة قبل ذلك، واكاد أجزم بأن كثيرون أيضا ممن هم داخل صفوف الحزب وبمواقع متقدمة لم يسمعوا قبل الان ولم يكونوا يعلمون بأن لدى حزب الله وحدة تنظيمية بإسم “910” وتتولى اعمالاً امنية في مناطق خارجية. وهذا ما يأخذنا  للقول بأن هذه الوحدة المسماة “910” والذي كان يترأسها ويشرف على اعمالها المسؤول عنها المدعو (م . ش) هي المقصودة من وراء هذا التسريب وليس فقط خبر اكتشاف العميل نفسه.

وهنا نكون امام واحدة من إجابتين يمكن ان تكشف لنا الغاية والقصد من وراء هذا التسريب، فإما عبر القول ان كل الاعمال الإرهابية التي نفّذت بالخارج وتم اكتشافها ان في البيرو او باكو او بلغاريا وغيرها، تمت بتوجيه ودفع وتخطيط من قبل جهاز الموساد الذي يعمل لديه هذا العميل وبالتالي فلا علاقة لحزب الله  بها بالشكل المباشر، حتى وإن كانت العناصر والافراد التي أوقفت تنتمي للحزب فانها لا تغدو اكثر من افراد قد غًرر بهم ووقعوا في شرك مخابراتي ليس الا.

والاحتمال الآخر ان يكون هذا التسريب المقصود، هو بمثابة اعلان رسمي من قبل حزب الله عن اقفال وإغلاق وانهاء ما يسمى بالوحدة “910”،  والقول بصريح العبارة أن مرحلة قديمة من أسلوب الصراع قد طويت، فلا مجال لأي اعمال امنية خارج لبنان بعد الان، وهذا ما هو مرجح عندي خاصة في ظل ما يحكى عن اتفاقات وصفقات على هامش الاتفاق الامركي الإيراني المزمع عقده في الأشهر القادمة.

فتكون بذلك هدية اقفال الوحدة “910” هي دفعة على الحساب مقدمة من ايران للتدليل على حسن النوايا وكرد التحية التي بعثتها اميركا عبر المبلغ الشهري وقدره 700 مليون دولار امركي للجمهورية الإسلامية، والله اعلم.

السابق
أعيادنا الحزينة وأعيادهم الفَرِحَة: عن حبّي الشيعي لبابا نويل المسيحي
التالي
جعجع في السعودية… لتثبيت العلاقة مع الإعتدال السني