تيار المستقبل في مواجهة الأزمة الداخليّة

في ظل  أجواء التشنج الداخلية في لبنان من جراء تداعيات الأزمة السورية واستمرار الفراغ الرئاسي، يحرص عدد من قياديي تيار المستقبل على التفكير بصوت عال في كيفية معالجة الأثار الناشئة عن الأزمة السورية لبنانياً وكيفية العمل على حماية لبنان عامة والوجود المسيحي على الأخص، لأن «لا وجود للبنان بدون وجود مسيحي فاعل» حسبما يقول هؤلاء القياديون.

وفي لقاء خاص مع قيادي بارز من  تيار المستقبل، طرح هذا القيادي عدداً من الأفكار والهواجس التي يفكر فيها في هذه المرحلة عشية بدء الحوار مع حزب الله.

ويعتبر هذا القيادي ان الحوار بين الأطراف السياسية، رغم اهميته في هذه المرحلة، لا يكفي لتجاوز الأزمة الداخلية، بل نحن بحاجة لجهود كبيرة من مختلف قوى ومؤسسات المجتمع المدني والفاعليات المستقلة من أجل التخفيف من حالة الاحتقان المذهبي ولإعادة التواصل بين كل فئات المجتمع.

أما على صعيد دور المسيحيين في لبنان والمنطقة، فيؤكد هذا القيادي ان الوجود المسيحي أساسي للبنان والمنطقة ولا معنى للبنان ككيان ونظام دون الدور الفاعل للمسيحيين، لذا المطلوب التفكير بشكل عميق وغير تقليدي في كيفية حماية هذا الوجود وتأكيده، حتى لو اضطررنا إلى إعادة البحث في بعض التعديلات على «اتفاق الطائف»، التي يمكن ان تسهم بتفعيل الحضور المسيحي في النظام اللبناني.

فما هي الأسباب التي تدفع أحد قياديي تيار المستقبل إلى طرح هذه الأفكار، ولو في اطار لقاء حواري خاص؟ وهل يمكن هذه الأفكار ان تجد لها طريقاً للتطبيق العملي، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان والمنطقة؟

الأسباب وراء طرح هذه الأفكار

بداية، ما هي الاسباب التي دفعت القيادي البارز في تيار المستقبل إلى طرح هذه الافكار غير التقليدية؟

يعتبر هذا القيادي المستقبلي ان لبنان والمنطقة يواجهان حالياً مخاطر كبرى تتعدى الجوانب السياسية والأمنية، رغم أهمية هذه الأزمات وخطورتها، فالتطرف المنتشر في المنطقة وتداعيات الأزمة السورية وقبلها الأزمة العراقية أدت إلى انتشار أجواء الفتنة المذهبية وحصول انقسام مذهبي مجتمعي، وهو انقسام خطير لا يمكن معالجته بالحوارات السياسية العادية مع أهمية ان تتحاور القوى السياسية والحزبية للوصول الى حلول للأزمات العالقة.

لذا، يركز هذا القيادي على دور المؤسسات المجتمعية والأهلية والهيئات المستقلة، وخصوصاً تلك الناشطة في مجال الحوار الديني والاجتماعي، من أجل ان تسهم في تخفيف حالات الاحتقان المجتمعية والعمل من أجل اعادة التواصل بين مختلف المناطق والفئات والسعي للملمة الآثار والتداعيات الناتجة من تدخل بعض الأطراف اللبنانية في الأزمة السورية.

أما في الموضوع المسيحي، فيشير القيادي الى المخاطر الوجودية التي يواجهها المسيحيون في لبنان والمنطقة، ورغم ان  دورهم في لبنان لا يزال حاضراً وقوياً، فلا بدّ من تأكيد هذا الدور وتحصينه دستورياً وسياسياً، لأن لا معنى للبنان والمنطقة دون الوجود المسيحي الفاعل.

تطبيق هذه الأفكار

لكن هل يمكن تطبيق وتحقيق هذه الأفكار التي يطرحها القيادي البارز في تيار المستقبل والتي تعبّر عن تفكير مهم واستراتيجي من أجل مستقبل لبنان والمنطقة؟

ما يطرحه القيادي المستقبلي في هذا اللقاء الخاص ليس غريباً عما يجري في لبنان والمنطقة، إن على مستوى تحديد المخاطر والاشكالات أو لجهة وضع خريطة طريق للحلول والعلاجات المستقبلية.

لكن المهم كيفية تحويل هذه الأفكار إلى خطط عمل، وان يتم تبنيها من جهات فاعلة وان يكون هناك تشجيع على الحوار والنقاش حول كل هذه الاشكالات بعيداً عن الأفكار والمواقف المسبقة.

القيادي المستقبلي يعتبر ان ما يطرحه من أفكار  قد لا يكون مطلوباً لهذه اللحظة السياسية، ولكنه سيكون ضرورياً ومهماً للفترة المقبلة، ولذلك يجب دعم كل المبادرات الحوارية والنقاشية ان في الاطار المحدود أو على الصعيد العام.

والمطلوب ان لا يقتصر هذا الامر على تيار المستقبل، بل ان يصبح مدار تفكير واهتمام كل القوى السياسية والحزبية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني والهيئات المعنية بالحوار بين الأديان وكذلك الحوار الوطني، فنحن اليوم نواجه أزمات غير تقليدية ومجتمعية وفكرية، ولذا فإن مسؤولية الجميع البحث عن حلول لهذه الأزمات وعدم ترك المسؤولية على القوى السياسية والحزبية فقط.

 

السابق
إسرائيل تعتقل 18 فلسطينياً في رام الله
التالي
الصدر يأمر ميليشاته بالتأهّب لتلبية «نداء الجهاد»