إيران ومخاوف العرب

ثمة غضب واسع النطاق في عواصم العالم العربي، بسبب تهميشها من قبل إدارة أوباما في مفاوضات مجموعة «5+1» الدائرة مع إيران. ومع إعلان تمديد المفاوضات مرة أخرى، انصب تركيز وسائل الإعلام حصراً على ردود الأفعال الإسرائيلية والقادة السياسيين في الولايات المتحدة. ولكن كيف ينظر العالم العربي إلى إيران وبرنامجها النووي؟ وكيف يقيم الإيرانيون سياسات حكومتهم؟

وفي محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة، أجرى «مركز زغبي للخدمات البحثية» استطلاعاً للرأي في ست دول عربية وإيران. وقد سلّطت النتائج الضوء على الخلاف السياسي العميق الموجود بين إيران وجيرانها والانفصال الخطير في الطريقة التي يقيّم بها العرب من جهة، والإيرانيين من جهة أخرى، الدور الإقليمي لطهران.
وقد أظهرت النتائج قلق العالم العربي بصورة متزايدة من سياسات إيران وطموحاتها النووية، وافتقاده الثقة في العملية التفاوضية التي تقوم بها مجموعة «5+1».
وقد مرت المواقف العربية تجاه إيران بتغيرات جذرية خلال الأعوام الستة الماضية. فخلال الفترة من 2006 إلى 2008، بينما كان كثير من العرب متأثرين بالدمار الذي ألحقته إسرائيل بلبنان، وغاضبين من الغزو والاحتلال الأميركي للعراق، حظيت إيران بمعدلات تأييد مرتفعة في الشرق الأوسط بسبب مقاومتها للغرب. ولكن ما أن حول «حزب الله» الحليف الإيراني في لبنان أسلحته إلى الداخل، واعتُبرت إيران مؤججاً للصراع الطائفي في الدول العربية، تغيرت المواقف. ومثلما لاحظنا في دراستنا العام 2012 المعنونة «النظرة إلى إيران»، كان دور طهران في دعم حكومة الأسد في سوريا «هو المسمار الأخير في نعش» مكانة إيران لدى الرأي العام العربي.
وفي استطلاع العام 2014، عندما سألنا العرب بشأن ما إذا كانت «إيران تساهم في سلام واستقرار المنطقة، أجاب ما يتراوح بين 74 و88 في المئة من الأردنيين والمصريين والسعوديين والإماراتيين سلباً. حتى 57 في المئة من العراقيين اعتبروا أن الدور الإقليمي لإيران له تأثير سلبي. وهناك أكثرية في الدول ذاتها أكدت أن السياسات الإيرانية لها تأثير سلبي في كل من سوريا والعراق والبحرين واليمن.
وفي تناقض ملحوظ مع تلك الآراء العربية، أعرب 98 في المئة من الإيرانيين عن اعتقادهم بأن دولتهم تلعب دوراً إيجابياً في الشرق الأوسط، وأن سياسات حكومتهم كان لها تأثير إيجابي في العراق (بنسبة 77 في المئة) وسوريا (72 في المئة) ولبنان (68 في المئة) والبحرين (58 في المئة)، بينما اعتبر 52 في المئة من الإيرانيين أن لسياسات الحكومة في طهران تأثيرا إيجابيا في اليمن.
ثمة أهمية كبيرة للرأي العام، ليس فقط في إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن للعرب والإيرانيين أيضاً، باتت فيه الجماهير تعيد تشكيل السياسة في الشرق الأوسط. ولا بد من طمأنة العرب بأن الغرب يفهم مخاوفهم، وفي الوقت ذاته لا بد أن يرى الإيرانيون رابطاً بين مآسيهم الاقتصادية وطموحات حكومتهم النووية وسياستها الخارجية.

http://assafir.com/Article/18/387908

السابق
عمالقة الانترنت متهمون بخدمة «داعش»
التالي
لهذه الأسباب قُتلت إيمان هارون!