إعتقالات بالجملة: وصاية أمنية سورية على لبنان مجدّداً؟

الجيش السوري
سلسلة من الاعتقالات والمضايقات يتعرض لها الناشطون السوريون المعارضين للنظام في لبنان، ما دفع بعضهم الى الفرار الى خارج لبنان، نحو مصر وتركيا ودول أخرى. وما حدث من يومين من اعتقال عضو المجلس العسكري في الجيش الحر عبدالله الرفاعي على حاجز عرسال، واعتقال المعارض "الوسطي" لؤي حسين يوم الأربعاء، يشير الى انّ هناك من يحاول استدراج الجيش الى معركة مع الجيش الحرّ ومع المعارضين من خارج "النصرة" و"داعش"، من أجل وضعه في خانة التطرف مع داعش وجبهة النصرة وبالتالي لا يبقى اي طرف في سوريا يمكن التقرب منه عدا نظام الأسد.

يجمع المراقبون في لبنان على أنّ الانتخابات الرئاسية السورية التي جرت على الاراضي اللبنانية كانت مفصلية، من حيث البدء بممارسة ضغوطات على اللاجئين السوريين بالجملة من أجل اجبارهم على انتخاب الرئيس بشار الاسد.

شهد ناشطون واعلاميون يومها على أنّ حزب الله ألزم السوريين المقيمين في مناطق سيطرته على الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية السورية، وإلا يتم طردهم من أماكن سكنهم. كذلك هدّد مناصرو الأسد مواطنيهم السوريين في لبنان بعدم منحهم أي أوراق أو تجديد جوازات سفرهم إن لم ينتخبوا بشار الأسد مجددا.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أشارت في بيان لها صدر قبل شهر إلى أنّ “حظر التجول الذي تفرضه بلدات لبنانية على لاجئين سوريين أوجد مناخاً من التمييز والعداء ضدهم وأنّ جماعات مسلحة من مواطنين لبنانيين تشكّلت في كثير من البلدات لمساعدة الشرطة في فرض حظر التجول”.

كما تعرّض لاجئون لهجمات كان بعضها طعنا بالسكاكين عندما وجدوا في الشوارع بعد مواعيد حظر التجول. وتواصلت الضغوطات الأمنية على الناشطين من المعارضين السوريين ما اضطر الناشط السوري عمر ادلبي بعد سلسلة من المضايقات والتهديدات الى الخروج من لبنان الى اوروبا وكان قد كتب قبل ذلك أنّ “الحكومة اللبنانية مستقيلة تماماً من حماية الناشطين السوريين المعارضين، كما هي مقصّرة جداً في موضوع اللاجئين الهاربين في منطقة وادي خالد في شمال لبنان”، مشيراً إلى تعرّضه “لمحاولة اغتيال في بيروت”، وقال إنّ “جهات حقوقية سلطت الضوء على ما حدث، لكنّ الاعلام اللبناني لا يسلّط الضوء كثيراً على الأمر”.

وكانت السلطات اللبنانية قد اعتقلت الشهر الفائت الناطق باسم الهيئة العامة للثورة، أحمد القصير، من منزله بمنطقة جبيل ببيروت، بحسب ما ذكر المحامي اللبناني نبيل الحلبي.

غير ان التطوّر البارز على هذا الصعيد كان الخبر الذي أوردته وكالات الانباء قبل يومين وهو اعلان الجيش اللبناني عن اعتقاله لرئيس المجلس العسكري في الجيش الحر بالقلمون العقيد السوري المنشق عبدالله الرفاعي عند حاجز حميد في عرسال، وقال الجيش في بيانه انه اعتقل مع أحد مرافقيه وكان يحمل الرفاعي هوية مزوّرة، مع العلم ان الرفاعي بوصفه ثائراً يقاتل ضدّ النظام في سورية لا عمل عسكري أو أمني له في لبنان، ويأتي اعتقاله مستغربا في ظل سياسة النأي بالنفس التي اعلنت الدولة انها تتبعها، فهل المطلوب هو صدام آخر وجرّ الجيش اللبناني الى معركة جديدة مع “الجيش الحر”هذه المرّة؟ ولماذا تستهدف المعارضة السورية المعتدلة من فبل القوى الأمنية اللبنانية والجيش اللبناني، مع العلم انّ بيانا صدر من قبل قيادة الجيش الحرّ يدعو الى الإفراج عن العقيد الرفاعي، شارحا بكل هدوء ان الجيش الحر لم يعتد يوما على لبنان ولا يعتبر ان الجيش اللبناني عدوّه، فهناك من من له مصلحة في “تدعيش” الجيش السوري الحرّ وشيطنته، كي يفرح من يرسل آلاف الشبان المقاتلين الى سوريا ويقول بالتالي: “كلهم شياطين…لا يوجد معتدلين في الثورة السورية، والمعتدل الوحيد هو بشار الأسد.

قبل هذه هذه الحادثة أصدر اللواء الركن المتقاعد جميل السيّد بياناً يفيد بأنّ “رئيس سوريا بشار الأسد استقبله في دمشق وتشاور معه في الأوضاع المحلية والإقليمية بما فيها تطور الأوضاع ايجابا في سورية لجهة الإنجازات التي يحققها الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب بما يؤدي الى تهيئة المناخات الملائمة للحل السياسي في سوريا. وأشار الأسد الى أن الظروف الحالية باتت أكثر ملاءمة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود بين لبنان وسوريا، معتبرا أن التنسيق في هذا المجال بين الجيشين اللبناني والسوري من شأنه أن يخفف الأعباء الأمنية عن البلدين وأن يساهم في تعزيز أمن لبنان واستقراره”.

يبدو أنّ أمر العمليات السوري عاد يصدر من جديد، فهل عادت الوصاية الأمنية السورية الى لبنان؟

السابق
الفنان المنشد أحمد حويلي: أغنّي وأقرأ مجالس العزاء
التالي
السّلفية الجهاديّة والسلفيّة التّكفيريّة: أي مشروع وأي دور؟