كمين «النصرة»: إحراج لبنان وسوريا أم استدراج عروض؟

الطقس يبشر بالخير، لا سيما إذا نظرنا صوب جبل المكمل والقرنة السوداء حيث غطت الثلوج قمم الجبال. الوجه الآخر لهذا الخير، يتمثّل في معاناة النازحين السوريين، الذين تواجه غالبيتهم برودة الطقس بوسائل تدفئة بدائية. وها هو أحدهم يجمع، في زحلة، ما أمكنه من الحطب، لعل ذلك يدفئه وأسرته

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثالث والستين بعد المئة على التوالي.

انكفأ همّ الاستحقاق الرئاسي الى الصفوف الخلفية وتقدمت جلسة التمديد لمجلس النواب سلّم الاهتمامات، مع اقتراب ساعة الحقيقة الاربعاء المقبل، حيث يعقد المجلس جلسة تشريعية سيكون اقتراح قانون التمديد من أبرز بنودها، على ان يتحدد مصيره النهائي تبعاً لما ستقرره الكتل المسيحية الرئيسية خلال هذين اليومين.

أما على خط قضية العسكريين المخطوفين، فما كاد الموفد القطري أحمد الخطيب يصل الى بيروت، حتى بادرت «جبهة النصرة إلى إرسال مطالبها لمدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومن خلاله إلى الحكومة اللبنانية، عبر بيان عمّمته من خلال أحد مواقعها الالكترونية، بخلاف «داعش الذي التزم شروط السرية في التعامل مع مهمة الموفد القطري.ووفق المصادر المتابعة للملف، فإن «النصرة و«داعش أقدما للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر على ارسال مطالب خطية واضحة الى الجانب الرسمي اللبناني. وهذا الأمر بحد ذاته يؤسس قاعدة للأخذ والرد في رحلة الألف ميل في التعامل مع هذه القضية، وذلك استنادا الى تجارب التفاوض في قضيتي لبنانيي أعزاز وراهبات معلولا.

وكانت «النصرة قد قدمت الى الموفد القطري المقترحات الآتية: إطلاق سراح 10معتقلين من السجون اللبنانية في مقابل كل محتجز، أو إطلاق سراح 7 معتقلين من السجون اللبنانية مع 30 معتقلة من السجون السورية في مقابل كل محتجز، أو إطلاق سراح 5 معتقلين من السجون اللبنانية مع 50 معتقلة من السجون السورية في مقابل كل محتجز.
غير أن المفارقة الخطيرة، وفق المصادر المتابعة، تتمثل في اقدام «النصرة على نشر مطالبها المفترض أن تبقى سرية، وفي ذلك خرق وكسر لمبدأ السرية ولأصول التفاوض، «ما يدل على وجود نيات مبيّتة

وأشارت المصادر الى أن خطوة «النصرةتتناقض الى حد كبير مع الجدية التي أبداها القطريون، خصوصا أن أمير قطر طلب من مدير المخابرات غانم الكبيسي، الانتقال مؤخرا من لندن الى باريس، والبقاء على تواصل دائم مع اللواء ابراهيم من أجل معالجة هذه القضية بالسرعة المطلوبة.

ورأت المصادر أن تعميم «النصرة لمطالبها أشبه بكمين يراد منه أن يصيب لبنان وسوريا معا، إذ هي أحرجت الحكومة عبر وضعها في مواجهة مكشوفة مع أهالي العسكريين، على قاعدة انه «اذا كانت حجة الجانب الرسمي أن الخاطفين لم يحددوا مطالبهم منذ تسعين يوما حتى الآن، فهذه هي المطالب الواضحة والمحددة والقرار بشأنها بيد جهة من اثنتين: أولا، الحكومة اللبنانية المسؤولة عن سجن روميه وثانيا، الأمين العام لـ«حزب الله السيد حسن نصرالله بعدما أثبتت التجارب السابقة، وخصوصا «أعزاز، أنه وحده الذي يملك «مونة الطلب من الرئيس السوري بشار الأسد الإفراج عن موقوفين في السجون السورية، خصوصا أن الحكومة اللبنانية ترفض التواصل الرسمي المباشر مع الحكومة السورية، في كل الملفات

واذا كان الخيار الأول متعذرا، أقله حتى الآن، أي إطلاق سراح موقوفين من سجن روميه، في ضوء عدم وجود إجماع لبناني عليه، فان الخيار الثاني يملك حظوظا أكبر، ولكنه يتطلب من الحكومة إما الطلب من اللواء إبراهيم التواصل مباشرة مع الجانب السوري في هذه القضية تحديدا، أو الطلب بصورة غير رسمية من «حزب الله التدخل في القضية، علماأن تنظيم «داعش حصر مطالبه بالموقوفين في سجن روميه.
وقالت المصادر لـ«السفير إنه إذا تمت الاستجابة لمطالب التنظيمين المتعلقة بروميه، فهذا يعني انه سيصار الى إخلاء سبيل عدد من الرموز الاجرامية المتورطة في التفجيرات التي وقعت بعد تموز 2013.

جلسة التمديد
وعشية جلسة التمديد لمجلس النواب، بدا ان وجهتها النهائية تتوقف على المسار الذي ستسلكه كتل «الاصلاح والتغييرو«الكتائبو«القوات اللبنانية التي يتراوح هامش كل منها بين حضور الجلسة والتصويت ضد التمديد، او حضورها والتصويت معه، او مقاطعة الجلسة كليا.

وأيا تكن حسابات الكتل المسيحية، فان الرئيس نبيه بري لا يزال يركّز على وجوب ضمان ميثاقية الجلسة، حضورا وتصويتا، ما يعني ان المطلوب بالنسبة اليه ان تحضر على الاقل إحدى تلك الكتل، وتصوّت إيجابا الى جانب قانون التمديد، حتى يتمكن من الوصول الى بر الامان الميثاقي.

وإذا كان من المتوقع ان تتبلور صورة جلسة الاربعاء مع حسم الكتل النيابية المسيحية الأساسية خياراتها تباعا في اليومين المقبلين، إلا ان ما ظهر من مؤشرات حتى الآن حول موقف «التيار الوطني الحر فاجأ رئيس المجلس الذي نقل عنه زواره أمس، انزعاجه من التبدل الذي طرأ على موقف التكتل المسيحي الأبرز، بعدما كان تبلغ نيته حضور الجلسة، على ان يصوّت ضد قانون التمديد، فإذا بهذا التكتل يعيد البحث في مبدأ الحضور مجددا.
ويبدو ان بري بات ينتظر من «القوات ان تتولى هي تغطية جلسة التمديد، بناء على اجتماعه الاخير مع النائب جورج عدوان، علما ان هناك من يعتبر ان «تيار المستقبل معني، انطلاقا من تحالفه الإستراتيجي مع «القوات، بأن يساهم في إقناعها في التصويت الى جانب التمديد الذي يُعد «المستقبل اصلا من اشد المتحمسين له.

بري منزعج من المزايدات

وأكد بري امام زواره انه ليس كافيا بالنسبة اليه ان يتوافر النصاب العددي للجلسة، مشددا على أهمية ان تكون هناك مظلة ميثاقية مسيحية لقانون التمديد، «ومن يظن انه يستطيع ان يحشرني ويحملني وزر التمديد هو مخطئ، إذ ان المخاطر التي قد تترتب على الفراغ الشامل تطال الجميع وبالتالي فان مسؤولية مواجهتها مشتركة

ولفت بري الانتباه الى انه في حال افتقر التصويت على التمديد الى الثقل المسيحي فسنكون امام مشكلة، مبديا استياءه الشديد من المزايدات في التعامل مع موضوع التمديد، لاسيما مسيحيا، ومشيرا الى ان «أمل و«حزب الله هما أصحاب مصلحة بإجراء الانتخابات، «لكننا لا نقارب المسألة من زاوية حساباتنا الخاصة وإنما من زاوية الحسابات الوطنية

باسيل: الميثاقية على الطلب

في المقابل، أكد وزير الخارجية جبران باسيل لـ«السفير
«أن معارضة التمديد ليست قفزا في المجهول والفراغ الشامل، وإنما تعني ضرورة إجراء الانتخابات النيابية، وإذا كان الوقت قد داهمنا، فمن الممكن التمديد التقني للمهل الانتخابية، رافضا ان تكون الميثاقية على الطلب.

وكان باسيل قد شدد خلال جولة له في عكار أمس على «أنه لن يكون عندنا اي غطاء لا شكلي ولا ضمني لموضوع التمديد، ونحن لسنا اغطية في البلد ولسنا طرابيش واضاف: اذا كان الحمْل الكبير دائما هو على كتف المغاوير فنحن مغاوير الاصلاح والتغيير.

نصرالله وسوريا

الى ذلك، قال الأمين العام لـ«حزب الله السيد حسن نصرالله خلال إحياء الليلة الثامنة من عاشوراء «إننا نقاتل في سوريا منعا للهيمنة الأميركية والصهيونية والتكفيرية. وأضاف: نحن لا نحتاج إلى مسوغ ديني للقتال في سوريا، ولا نقاتل تطبيقا للعلامات التي يشاع أنها تمهيد للظهور (الامام المهدي)، إنما نقاتل دفاعا عن لبنان والمنطقة، وكي لا يتكرر عندنا ما فعله أبو بكر البغدادي بقبيلة البونمر العراقية.
وعشية إحياء يوم عاشوراء، ضُبطت عبوة ناسفة على الطريق المؤدية الى «مجمع الشهداء
التابع لـ«حزب الله في حارة صيدا، حيث تقام مجالس عاشوراء.

وأفادت قيادة الجيش – مديرية التوجيه ان دورية تابعة لمديرية المخابرات ضبطت العبوة التي كانت معدة للتفجير عن بعد وتحتوي على 500 غرام من مادة الـTNT وموصولة الى رمانة يدوية وصاعق كهربائي. وقد عمل الخبير العسكري على تفكيكها فيما بوشر التحقيق في الموضوع.

السابق
مفتي مصر السابق يعلن عن بدء يوم القيامة
التالي
برّي ينتظر تصويتاً «عونيّاً» أو «قوّاتيّاً» مؤيِّداً للتمديد… وإلا الإنتخابات