لمواجهة الفراغ والتوترات الأمنية: جهود سياسيّة مكثفة

قاسم قصير

تتسارع التطورات السياسية والأمنية والعسكرية في لبنان، حيث يشتد السباق بين تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية على أكثر من جبهة والخوف من الفراغ السياسي من جهة، وبين المساعي المكثفة للوصول إلى حلول عملية لمختلف الأزمات التي تعصف بالبلد من جهة أخرى.

ففي الايام الماضية شهد لبنان تدهوراً عسكرياً كبيراً على الحدود البقاعية بين «حزب الله» و«جبهة النصرة»، كذلك قام «حزب الله» بتفجير عبوة ناسفة في منطقة مزارع شبعا في دورية إسرائيلية، ما أدى إلى إثارة المخاوف من انفجار الجبهة الجنوبية، فضلاً عن انتشار التوترات الأمنية في أكثر من منطقة، وخصوصاً في طرابلس بسبب بعض الاعتداءات على دوريات الجيش اللبناني وإشاعات حول مجموعات مسلحة في المدينة.

ولا تزال قضية المخطوفين العسكريين وتحركات اهلهم تضغط على الوضع الامني والسياسي في مختلف المناطق.

أما على الصعيد السياسي، فلم تنجح محاولة إقرار «سلسلة الرتب والرواتب» مع عودة مجلس النواب للتشريع، فيما لا تزال الخلافات السياسية تعيق انتخابات رئيس للجمهورية ، كما يقترب الخوف من حصول فراغ نيابي اذا لم يتم الاتفاق على التمديد للمجلس النيابي ولم تحصل الانتخابات النيابية في موعدها، مع ان حظوظ التمديد للمجلس أصبحت أقوى مما كانت عليه سابقاً.

وقد شهدنا أخيراً سلسلة تحركات سياسية في لبنان وفي الخارج من أجل التوصل إلى حلول للأزمات السياسية.

فما هي طبيعة التحركات واللقاءات التي حصلت؟ وماذا طرح  في هذه اللقاءات من أفكار وحلول؟ وهل سنشهد انفراجات للاوضاع أم اننا قادمون على مرحلة جديدة من التوترات الأمنية والعسكرية على مختلف الجبهات؟

طبيعة التحركات واللقاءات

التحركات واللقاءات السياسية نشطت داخلياً وخارجياً، وقد تولى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط متابعة العديد من هذه التحركات عبر إرسال موفد خاص للعماد ميشال عون واستقباله وفد قيادياً بارزاً من «حزب الله» وتسهيل عقد لقاء بين وفدين من «حزب الله» و«تيار المستقبل» لبحث الوضع في عرسال، كما ان وجوده في باريس أتاح له متابعة بعض الاتصالات رغم حرصه على الدعوة على عدم إعطاء زيارته لباريس أبعاداً غير تقليدية.

كما شهد لبنان زيارة خاصة وسريعة للأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني الذي أعلن تقديم هبة إيرانية للجيش اللبناني. والمعروف ان شمخاني هو من أسهم في بلورة الحل السياسي في العراق، الذي مهّد لاخراج نوري المالكي من الحكومة وتولي الدكتور حيدر العبادي رئاسة الحكومة.

وشهدنا ايضاً زيارة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري لباريس، إضافة إلى التحركات التي يقوم بها الرئيس نبيه بري لإيجاد حل لأزمة الانتخابات النيابية وتفعيل المجلس النيابي.

وقد أدت التطورات الأمنية والعسكرية في البقاع والشمال والجنوب الى تفعيل الدعوة للتمديد للمجلس النيابي والاسراع بوضع حلول لأزمة الانتخابات الرئاسية والعودة إلى الحوار المباشر بين مختلف الأطراف.

أجواء اللقاءات والنتائج المتوقعة

لكن ما هي أبرز المواضيع والقضايا التي طرحت خلال هذه اللقاءات والتحركات؟

مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات تقول: ان هنك عدة ملفات ساخنة يجري البحث عن حلول لها، أولها ملف التمديد لمجلس النواب, حيث يجري العمل لإجراء المخرج المناسب لتبرير التمديد من خلال تحريك المجلس النيابي ومعالجة بعض القضايا التشريعية، والثاني الملف الأمني والعسكري عبر تسريع تأمين المساعدات العسكرية للجيش والقوى الأمنية لمواجهة التحديات المختلفة، وثالثاً ملف الانتخابات الرئاسية حيث يجري طرح عدة حلول للأزمة الرئاسية, ومنها انتخاب رئيس لمدة سنتين أو إقناع العماد ميشال عون بدعم شخصية تحظى برضى جميع الأطراف وفقاً للرؤية المستقبلية التي يطرحها عون حول الأوضاع الداخلية والخارجية.

وفي موازة ذلك تجري تحركات مكثفة من اجل منع انفجار الأوضاع الأمنية والعسكرية وحصر تداعيات الأزمة السورية وملف خطف العسكريين اللبنانيين في إطار محدد وإيجاد حلول لهذه الأزمة.

وتوضح المصادر انه رغم كثرة الملفات الشائكة والأوضاع الأمنية والعسكرية المتدهورة, فإن هناك شبه إجماع لدى الأطراف الداخلية والخارجية على منع انهيار الوضع اللبناني والحرص على عدم الوصول إلى الحائط المسدود بانتظار تبلور حل شامل للأوضاع في ظل الأوضاع المتفجرة في المنطقة.

السابق
«متحف منير أسعد كسرواني» تحية للذكرى وللتراث
التالي
الناصريون الاحرار: حزب الله لا يكترث لمصلحة لبنان