انتحاريّون لبنانيّون بالمئات!

في الأشهر الأخيرة التي سبقت مغادرته إلى العراق ليلتحق بـ “داعش” في شهر نيسان الماضي، لاحظت والدة خالد الحاج (17 عاماً)، الفتى اللبناني الطرابلسي المقيم في خان العطارين وسط المدينة، أنه راح يتأخر في العودة إلى المنزل. وعندما سألته عن سبب تأخره قال إنه يمضي وقتًا إضافيًا مع الفتية الساهرين عند ساحة التربيعة التي تربط وسط المدينة بمنطقة أبي سمرا، هناك عند أسفل قلعة طرابلس. وذات يوم تعقبت الأم ابنها ليلاً، ووجدته فعلاً ساهرًا مع فتية الحي عند تلك الساحة.

بعد أسابيع من تعقبها خالد، غادر الفتى إلى العراق بحرًا عبر تركيا ومنها إلى مدينة الرقة السورية، حيث تولت هناك “داعش” إرساله إلى بغداد. وبعد أشهر أمضاها في العاصمة العراقية اتصل خلالها بوالدته مُطمئنًا ومطمئنًا، رن هاتف الوالدة ولم يكن المُتكلم خالد، انما شخص أبلغ الأم أن ابنها نفذ عملية انتحارية في بغداد.

أم خالد غير سعيدة بصور ابنها الملصقة على جدران أزقة وسط المدينة، فعلى جهاز هاتفها صور لخالد الحي وغير “الشهيد”. صور له معها، وأخرى يظهر فيها مبتسمًا. لا تريده أيقونة الحي، بل ابنًا عاديًا على قيد الحياة.

لكن طرابلس تشهد هذه الأيام مرحلة مختلفة تمامًا في علاقتها بـ”الجهاد”، فالمدينة كشفت لنفسها عن قابلية استثنائية وغير مسبوقة على الاستجابة لنداء “الخليفة”. في الأشهر القليلة الماضية التحق عشرات من أبناء الأحزمة الفقيرة في المدينة بتنظيم “الدولة”، وقليلون من بينهم التحقوا بـ”جبهة النصرة” في سوريا. حتى الآن سُجل من بين “المهاجرين الطرابلسيين” ثلاثة انتحاريين نفذوا عمليات في العراق، وسجل أيضًا بروز فتوات ومفتين في تنظيم “الدولة” هم ممّن غادروا طرابلس في الأشهر الأخيرة.

من سوق العطارين لوحده غادر أكثر من 20 شابًا وفتى، معظمهم التحق بـ “داعش” في العراق أو سوريا، وقليلون التحقوا بـ “جبهة النصرة”. ويبدو أن ثمة ملامح لجيل “جهادي” جديد، هو بمعظمه خارج المراقبة الأمنية والإجتماعية. فكثيراً ما تسمع في أزقة المدينة عن فتية لم يكن شيئاً فيهم يدل على احتمالات التحاقهم بـ “داعش”. لم يكونوا يوماً سلفيين، ولم تزد مساهماتهم المسجدية عن متوسط مساهمة غيرهم من الفتية، لا بل أن بعضهم “هاجر” قبل أن تطأ قدمه عتبة مسجد.

وتتفاوت التقديرات، وفق “الحياة”، لأعداد الشبان الذين غادروا طرابلس منذ شهر نيسان الماضي وحتى اليوم، والمتوجهين لـ”الجهاد”. فبين قائلٍ إنّ عددهم لا يتجاوز المئتين، وقائل بأنه يزيد عن أربعمئة، يحسم الجميع أن “الخروج” ما زال مستمراً، عبر تركيا لمن لا مذكرات توقيف بحقه، ويمكنه المغادرة بشكل قانوني، وعبر بلدة عرسال البقاعية لمن هم مطلوبون من الأجهزة الأمنية والقضائية.

السابق
أول وفاة للبناني بفيروس “ايبولا”؟!
التالي
داعش أقرب إلى الخوارج… والقاعدة تكفّره