في وظائف التهويل

للتوثيق فقط: «حزب الله» وملحقاته يرفضون مقايضة الجنود الأسرى بسجناء في «رومية«. ويرفضون الخلاصة المبدئية التي انتهت إليها معركة عرسال الأخيرة. ويهاجمون قائد الجيش العماد جان قهوجي لأنه لم يكمل المذبحة فيها وحيالها نيابة عنهم.. ويرفضون مبادرة 14 آذار لإنهاء الفراغ الرئاسي، ويردّون عليها بطلب استسلام تام غير منقوص ولا تشوب أعلامه البيض أي ألوان هامشية وطارئة!

يعني في الإجمال، «حزب الله» لا يريد أي شيء تسووي تهدوي تنفيسي لكنه يريد في الوقت نفسه من كل الناس وخصوصاً من هؤلاء الذين يرفض يدهم الممدودة إليه، أن يتحضّروا لقتال «الإرهاب التكفيري» العابر للحدود لأن «التحدي مصيري ويطال الجميع.. ولا خيمة فوق رأس أحد». (وأنشودة الخيمة هذه، أحدث اسطوانة نزلت إلى السوق!).

بمعنى آخر، يحاول «حزب الله» تطوير الاستثمار في «داعش» بطريقة أذكى (إذا أمكن) من طريقة الآفل نوري المالكي الذي ذهب بعيداً في اللعب على وتر الترهيب من دون أن ينتبه الى أنه، بين العراقيين في هذا، هو كمن يبيع الماء في حارة السقّائين..

أي أن الحزب الذي وضع خلف ظهره كل نقاش في شأن مسؤوليته عن كشف لبنان أمام الأخطار الإرهابية من خلال ذهابه إلى سوريا وبطريقة احتفالية تجنّبتها إيران نفسها! (تستمر حتى الآن في إنكار أي تورط ميداني مباشر لها). يريد إكمال حربه في القلمون وكل الريف الدمشقي الغربي وصولاً إلى لحظة «إعلان الانتصار»، على جاري الوعد المألوف، لكنه يريد ردائف وملحقات مساندة في أحسن الأحوال، ومؤيدة في السياسة والإعلام في أسوأها.

يريد من الجيش أن يقاتل عنه في عرسال. وأن يخوض حرباً ضروساً ضد البلدة وانطلاقاً منها لإدخاله غصباً عنه وعن اللبنانيين في جملتهم، في حرب بشار الأسد ضد الشعب السوري. ويريد من اللبنانيين، أن يتحطّموا معنوياً تحت وقع السكاكين النفسية المتأتية من السكاكين الفعلية التي يعتمدها «داعش» الأحجية في العراق وسوريا وإيصالهم إلى الإقرار بسويته السياسية والاستشرافية بل «وشكره« على تدخله «الإنقاذي» الاستباقي في «القطر» الشقيق!

أليس غريباً فعلاً، أن يتحدث أرباب التنظيم الحديدي المقاوم الذي هزم إسرائيل، بكل ذلك «الرعب» عن «مخاطر داعش» المصيرية والتي لن تعوّف أحداً؟!! وأليس غريباً أن تدخل آلة الإعلام الحربي والنفسي عنده، بكل زخمها في حملة التهويل تلك، حتى يخال المتلقي أن جحافل «داعش» تضاهي جحافل النازي التي حطمت أوروبا ونصف الكرة الأرضية!

.. في الظاهر يبدو وكأنه يريد الشيء ونقيضه: يريد رصّ الصفوف في وجه الإرهاب التكفيري ويرفض أي ترجمة سياسية لذلك الرصّ. لكنه في الباطن لا يريد إلا ما يخصّه ويهمّه. وهذا مشبوك بعقدة أوسع مدى.. ألم يرفض الحوثيون في اليمن بالمناسبة، مبادرة الرئيس عبد ربّه منصور هادي لمنع صيرورة اليمن «أيمان» ملتهبة؟.. هل هناك فارق في هوية صاحب القرار التوجيهي في المكانين؟!

http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=NP&ArticleID=630662

السابق
(بالفيديو) أميركي يتحدى البغدادي فهل يقبل؟
التالي
كمال حايك: سقفنا القانون والخدمة المدنية وكل شيء ضمن ذلك قابل للتفاوض