المرجعية الدينية الشيعية في النجف تستشعر الخطر

يبدو أنّ المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف الاشرف تنبهت لخطورة سياسة تحالف ايران – المالكي في بلاد الرافدين وانه جرّ وسيجرّ البلاء على العراق والمنطقة، فدأبت منذ مدّة للدعوة الى الوحدة عن طريق اعادة تشكيل حكومة شراكة وطنيّة حقيقية تكون عنوانا للمصالحة الشاملة بين مكونات الشعب العراقي.

معروف أن سياسة ايران في العراق لا تختلف عن مثيلتها في لبنان وهي تقوم على السهر لإبقاء البلدين بحالة ضعف وتشتت داخلي حدّ الانقسام بين المكونات الطائفية والعرقية فيهما، ومن ثم العمل على تقوية فريق موال لها يساعدها في الهيمنة على القرار السياسي ومن ثم مصادرته لاستخدامه ورقة في المحافل الدوليّة من أجل المساومة بهما على مصالحها السياسيّة.

واذا كان حزب الله في لبنان هو حليفها العقائدي والطائفي الذي يؤمن لها هذا المردود الصافي من الارباح عن طريق تأمينه للسيطرة الامنية والعسكرية على بلدنا ونصبه للصواريخ الايرانية على الحدود مع اسرائيل مهددا بضربها في حال هاجمت ايران، وارساله المقاتلين الى سوريا لنصرة نظام بشار الاسد ضد شعبه وهو الحليف الاستراتيجي لطهران، فان السيد نوري المالكي وحزب الدعوه الشيعي هو الحليف الامين للسياسة الايرانية، وقد قام خدمة لها بفض الشراكة الوطنية في بلده وخرّب العمليّة السياسيّة بعد الانسحاب الاميركي من العراق عام 2011 مبعدا الاكراد والسنة فارتمى هؤلاء في حضن التطرّف، مفسحا المجال لإيران كي تدخل بقوة وتتحكّم بمفاصل الامن والسياسة في بلده فتساعده على تقوية سلطته في الداخل ويساعدها بالمقابل على التحكم في القرار السياسي مستخدما بلده مقرا وممرا لمساعدة النظام السوري في العتاد والسلاح والاموال وحتى بالمقاتلين الشيعة المتحمسين “للدفاع عن مقام السيده زينب”.

ويبدو ان المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف الاشرف تنبهت لخطورة سياسة تحالف ايران – المالكي في بلاد الرافدين وانه جرّ وسيجرّ البلاء على العراق والمنطقة، بعد ان بدأ يتداعى هيكل الوطن مهددا بسقوطه على رؤوس الجميع، وهي ان دعت لحمل السلاح قبل شهرين من أجل الوقوف في وجه التطرف الجهادي السلفي القادم مع داعش بعد ان احتلت الاخيره محافظات نينوى والانبار واجزاء من ديالى وصلاح الدين مهددة العاصمة بغداد، فان هذه المرجعية الرشيده دأبت منذ مدّة للدعوة الى الوحدة عن طريق اعادة تشكيل حكومة شراكة وطنيّة حقيقية تكون عنوانا للمصالحة الشاملة بين مكونات الشعب العراقي.

فقد أكد سماحة المرجع الأعلى السيد علي السيستاني موقفه الدّاعي إلى تشكيل حكومة وفاق وطني واسع في العراق، أصدر السيد محمود الشاهرودي رئيس السلطة القضائيّة السابق في إيران والمقرّب من المرشد السيد علي خامنئي بياناً ردّ فيه على السيستاني، مطالباً بشكيل حكومة عراقية بناءً على نتائج صناديق الإقتراع النيابيّة ، في إشارة واضحة لتأييده بيان ترشيح المالكي لولاية ثالثة، متهماً المطالبين بحكومة وفاق وطني بأنهم يعملون وفق أجندات أميركية صهيونيّة. وردّ كبار المراجع في “قم” على بيان الشاهرودي وأجرى المرجع الشيخ الصافي الكولبايكاني إتصالاً بالسيد السيستاني مؤيداً، كما أصدر مكتب أستاذ الحوزة الأكبر في “قم” وكبير المراجع فيها الشيخ وحيد الخراساني بياناً أكّد فيه أن كبار المراجع في “قم” يؤيدون موقف السيستاني، وهم يطالبون الشّعب العراقي بالالتزام برأي مرجعيتهم في “النّجف”

وتعليقا على هذا الموقف القوي من مدينة “قم المقدّسة” التي تضم أكبر الحوزات الدينية الشيعيّة، الداعم لموقف “النجف الاشرف” عاصمة التشيّع في العالم، يقول العارفون ان ما جمع هذين الموقفين ضد سياسة ولاية الفقيه الايرانية هو قاعدة “حفظ الدم” الفقهية، وعدم التفريط بارواح المسلمين في سبيل مصالح سياسية ضيقة ومطامع سلطوية آنية من شأنها اهراق الدماء وبث الفرقة بين المسلمين. كما ان ماجرى اخيرا من سيطرة “داعش” على مساحات شاسعه من العراق يظهر بشكل صريح فشل السياسة السلطوية تلك المتبعة من قبل الثنائي ايران والمالكي، لذلك فان التصويب اقتضى من قبل مراجع الشيعة الكبار في قم والنجف كي لا تكرّ سبحة الخسائر مودية بارواح المسلمين عامة والشيعة منهم خاصة دون مردود سياسي، بل تهديد بمزيد من تناحر وتذابح طائفي الى أمد غير منظور.

السابق
عماد جمعة كان بمهمة استطلاعية تمهيدا للقيام بعملية ارهابية ضد الجيش
التالي
ماذا يجري في العراق: ثورة؟ أم مؤامرة؟ (1)