جلسة «اختبار نوايا» تطرد شبح التعطيل

تمام سلام

عندما خرج الرئيس تمام سلام معلناً تعليق جلسات مجلس الوزراء ضحك الكثيرون في أعبابهم وراهنوا على أن رجل السرايا سيعود عن قراره قريباً حتى لو لم تبرز حلحلة على جبهة الملفات الخلافية التي تشلّ العمل التنفيذي. أكثر المتفائلين يومها أكد أن لا جلسة قبل العيد ولكن سلام دحض كلّ التوقعات وأعلنها جلسة يوم غد…

سلام لم يتراجع عن كلمته بل أتت دعوته المفاجئة على ما عملت “صدى البلد” بناءً على رغبة من مجموعة وزراء طالبوه بعقد جلسةٍ حكومية وركوناً الى إشاراتٍ إيجابيّة وصلت الى المصيطبة فقرأها سيّدها على شاكلة تعهّداتٍ بتقديم تسهيلاتٍ مرجوّة في الملفات الخلافية وعلى رأسها ملف الجامعة اللبنانيّة، وهو الملف الذي تلقى وزير التربية نفسه الياس بو صعب على ما علمت “البلد” وعداً من الرئيس سلام بأن يكون ملكاً على جدول الأعمال وبأن يولى الأهمية القصوى نظراً الى حساسيّته وأهميته كونه يمسّ بصرحٍ تربويٍّ وطنيٍّ عريقٍ مهدّد بالإقفال ما لم يتمّ تدارك الأمور ومعه مصائر آلاف الطلاب.

تقاذف الكرة
لا يوحي حراك الأيام الفائتة باستنباط حلول جديّة للملفات الخلافية التي بسببها علّق سلام عمل الحكومة مرحلياً قبل أن يعيد النظر ومعه النبض الى السراي. فرغم الاتصالات التي خاضها الرئيس سلام والتي انشرح قلبه على أثرها أقله لرفض جميع الوزراء شلّ السلطة الوحيدة العاملة في البلد في ظلّ شغور الرئاسة وتعطيل مجلس النواب، إلا أن النتائج التي ستفرزها جلسة الغد تبقى ضبابيّة وغير واضحة او محسومة وهو ما تعكسه كلّ المؤشرات وأبرزها يتجلى في تلاشي محاولات التوفيق بين آراء الرابية وبكفيا، ناهيك عن استكمال فصول التراشق والاتهامات الكلامية بين الطرفين وتقاذف كرة العمداء سياسيًا وطائفياً.

التيار… بليونة وانفتاح
ليس لدى الرابية الكثير لتقوله سوى أنها ذاهبة بوزرائها الى الحكومة بصدر منشرحٍ وليونةٍ قصوى انطلاقاً من قناعتها بعدم جواز تعطيل السلطة الموكلة اليها صلاحيات الرئيس، ناهيك عن أهمية الملفات المطروحة يتقدمها ملف الجامعة الوطنية. ليس محسومًا بعد بالنسبة الى أبناء التيار ما إذا كان ملفّ الجامعة سيُبحَث في جلسة الغد أم سيُرجأ تحت وقع الخلاف السياسي تمهيداً لتطرية الأجواء ولمنح الجميع مزيداً من الوقت للتوافق على آلية مقاربة الملف والأسماء، ومع ذلك يبدو أن نوعاً من التعهد حصل عليه وزير الرابية بو صعب مفاده عدم تهميش ملفّ الجامعة وطرحه في الجلسة وإلا لا حاجة اليها طالما أن الملفات الأساسيّة لن تُطرَح فيها. عدا ذلك، لا يخفي البرتقاليون نيّتهم عدم السكوت على محاولات ربط مصير جامعة بأمها وأبيها باسم يتمسّك به فريق حكومي لأسبابٍ سياسيّة لا أكاديمية.

سلام يخضع لابتزاز
أما الكتائب فتتجه الى الجلسة مع سلّة تسهيلاتٍ على ما أكد وزير العمل سجعان قزي لـ”صدى البلد”، مشددًا على أن “حزب الكتائب دعا الرئيس سلام الى عقد جلسة للحكومة، وأنا شخصياً تمنيت عليه ألا يخضع للابتزاز من خلال محاولة بعضهم تعطيل المجلس وأن يدعو الى جلسةٍ كلّ أسبوع ركوناً الى حقيقة أن مجلس الوزراء هو ما بقي من شرعيّة كاملة الأوصاف في الدولة الى جانب مجلس النواب الذي نقدّر دوره المحوري كمنطلق لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. أعتقد أن سلام فضّل أن تهدأ الأجواء قليلاً قبل أن يدعو الى الجلسة وهكذا حصل، ونحن ككتائب سنسّهل عمل مجلس الوزراء ومهمّة الرئيس سلام الذي نعوّل عليه”.

لسنا معنيين بالتعطيل
ولكن كثراً يرمون كرة تعطيل عمل الحكومة في ملعبكم بالاستناد الى موقفكم من ملف الجامعة اللبنانية ومجلس عمدائها؟ يجيب قزي: “لسنا معنيين بالتعطيل بل نحن عنصر إيجابي حيال الجامعة اللبنانية وأعلنت في الجلسة السابقة تأييدي لإقرار مشروع التفرغ لـ1100 أستاذ جامعي ولكن الوزير بو صعب عقد اتفاقاتٍ جانبية مع أطراف بلا علم أطراف أخرى فطيّر المشروع وأخّر التفرّغ وأدخل موضوع مجلس الجامعة في متاهاتٍ سياسيّة”. وشدد قزي على أننا “إيجابيون في الكتائب ونريد تسهيل عمل الحكومة وعمل سلام وحريصون على الجامعة اللبنانية وأساتذتها من هنا نناشد الوزير بو صعب بالعودة الى الصراط المستقيم”. ولكنكم عرقلتم الملف من أجل عميد محدد؟ يتلقف قزي: “نحن متمسكون بمستوى الجامعة اللبنانية وإذا كان التعيين على أساس أكاديمي فالكتائب تعتبر أن كلّ عميد هو لها أياً كانت طائفته أو لونه أو هويته السياسية، أما إذا كانت هناك تعييناتٌ لها طابع سياسي فعلى القوى السياسية أن تكون لها كلمتها”. وختم قزي: “ذاهبون الى الجلسة الخميس إيجابيين متعاونين متضامنين لتسهيل عمل الحكومة ومن يريد أن يخرج عن الإجماع الوطني يُرذَل”.

معصوبو الأعين
إذاً، أحدٌ لا يعلم ما تخفيه جلسة الغد وكأني بالوزراء يتوجّهون الى سراي اشتاقوا اليه ليطمئنوا الى رئيسه في موقعه الطبيعي والى مقاعدهم التي كان متوقعاً أن يغيبوا عنها الى ما بعد عيد الفطر. وكأني بهم يذهبون الى جلسة اختبار نوايا معصوبي الأعين في انتظار مفاجآت الداخل وصيغة إطفائي المصيطبة الخائف على مصير حكومةٍ شلّها أوّل الملفات الخلافية… أولها لا أكثر.

السابق
حرب في غزة وأحداث عنف وشغب في ضواحي باريس
التالي
شلل الأطفال يهدد منطقة الشرق الأوسط