فلسطين… تشعرني بالعجز يا حبيبتي

هيلدا، الفلسطينيون قتلوا عائلتها، الفلسطينيون أرادوا السيطرة على ارضهم، حتى في الساعات المنكسرة عقاربها بطلة طاغية بلا ملامح صارمة، كما صمتُ مجد وحيرته، وصورة المخيم لا تفارق مكتبه في طابق 99 من ناطحة سحاب في المدينة الاجمل نيويورك، المحيط الذي يحتاج الى تكبيس أزرار، المدينة الحلم، المكان المتخيل فردوس المقهورين، من المشتتين النازحين المقيمين، في اللاهوية.

هيلدا، الفلسطينيون قتلوا عائلتها، الفلسطينيون أرادوا السيطرة على ارضهم، حتى في الساعات المنكسرة عقاربها بطلة طاغية بلا ملامح صارمة، كما صمتُ مجد وحيرته، وصورة المخيم لا تفارق مكتبه في طابق 99 من ناطحة سحاب في المدينة الاجمل نيويورك، المحيط الذي يحتاج الى تكبيس أزرار، المدينة الحلم، المكان المتخيل فردوس المقهورين، من المشتتين النازحين المقيمين، في اللاهوية.

 

ليس لكتابة غير مغلقة، وليس للوقوف فقط على التقنيات، ومهارات السرد تأخذك رواية جنى الحسن، “طابق “99. إنّها رواية أزمنة، زمنها الخارجي، زمن النكبة والهزيمة والحرب الاهلية، زمن خارجي يلتصق بزمننا الداخلي وليس مستقلا عن زمني، زمنها التاريخي هو زمني الداخلي، ليس زمني فقط، انه كل الازمنة ، القصة والكتابة.
في مناورة سردية تضعني في الارتداد، أسترجع وأستذكر ما كان يقيم فيه وجداننا العربي، سيقراها العرب، اجدها بجمالٍ وهدوء، لا تمسخني انا جيل القضية المركزية، والبندقية، و”أقاويل” الاحتلال الصهيوني الغاشم، لأرضنا، ومسجدنا وقدسنا، أجدني مع جنى الحسن، أقف أمام انزياح، تحمل القضية الى نيويورك، وتروي، ليس تاريخا بل سجلّ حياةِ الناس في تعاملهم مع احداثٍ كارثية الانعكاس، على الروح والجسد والترحال.

ماذا تطرح؟

جنى الحسن

تنزاح جنى عن مسارات الرواية حول فلسطين كان الرواة العرب يكتبون في وحدة المعاناة الشخصية والمجتمعية في دمج كلي بين هوية الفرد وهوية المجتمع ،كان الاحتلال واحذية العسكر الاسرائيلي تدوس الصدر وتخترق القلب، ويسمع ساكن بيروت جريحا يصرخ في القدس، ظهر في كتابات غسان كنفاني، حليم بركات، رشيد بو جدرة، ان المجتمع بطل الرواية، جلَّ ما في الامر انهم لم يقللوا من اهمية ابراز توازع الفرد.
أّعيدُ لمسَ وجهي، واثقةً انني سافكر ان الامر ليس إعلاماً، مجد وهيلدا، أمرٌ على اقتناع، فيه معنى، حدث أن التقيا، لقاء يحمل تلاحما بين افراد، لا ينفصل عن منظور المزج والاختناق، و قيود الطائفة والهوية والانتماء، لا ينفصل عن الحب، في التداخل والاقصاء، عن بلاء حل بنا من هؤلاء اليهود وقد اقتلعوا اصحاب البيوت فباتوا في كل واد يخيمون بين مادتي الحرب الاهلية اللبنانية ومجزرة صبرا وشاتيلا خانة الشر بصورة مطلقة حتى في الحب تحدد السياسة الاقدار، بين المخيم الفلسطيني وحزب الكتائب اللبنانية، حكاية، ليست حكاية اسطورة التناحر، بل تناحر الظلم والخنوع والقبول، يحصل، ويصطدم بجدار المستحيل لتحيا من جديد قيود الهوية والطائفة والانتماء والوطنية.

جنى الحسن لموسيقى الحب، تسرد، وتكتب جنى .حبٌ، بحثت له عن كلمة، في حوار نابض، دمٌ يجري في شرايين الأسطر، عرفتْ كيف تولّد حوارات متطابقة لشخصياتٍ عاشت الحرب، صار وعيها متجها نحو الخارج، انها أميركا، خارج حدود الذات، ونحوالداخل، هوية منقوصة، انبتَ الحبُّ حاجةً الى الانطواء، ولكنها لم تكن ابدا عودة الى الوراء، الرواية هذه، طابق 99، تحمل وهماً، يشبه يقينا راسخا، عن اقتناع مطلق، ربما يصل الى حد الجنون، هو وهم العشق، ووهم الجسد، وحدود تداخل الأزمنة والأمكنة، كله يطلع من بين ذراعي مجد، الى جسد الرقص، هيلدا، كأن ما نعانيه من اضطهادٍ، يبقى على ما هو، نهربُ منه ،الى العدم.

في الحركة، ذهابا وايابا، بين صبرا وشاتيلا، ومناطق الجبل، ونيويورك، لم تضع جنى لمعنى البطولة الروائية ملامح محددة، أم مجد المقتولة في المخيم، أبوه وقد أصبح بائع ورود في أميركا، كان فدائيا بقوة واستاذا بعظمة الذكاء والشجاعة، سكن هارلم، هيلدا والدها في الاطار المناقض، يكرهون الفلسطينيين، المرافقون والخدم والمراسلون بيئة ملائمة للكراهية، لم يكن من السهل اعادة تشكيلها.
هيلدا، الفلسطينيون قتلوا عائلتها، الفلسطينيون ارادوا السيطرة على ارضهم، حتى في الساعات المنكسرة عقاربها بطلة طاغية بلا ملامح صارمة،كما صمتُ مجد وحيرته، وصورة المخيم لا تفارق مكتبه في طابق 99 من ناطحة سحاب في المدينة الاجمل نيويورك، المحيط الذي يحتاج الى تكبيس ازرار، المدينة الحلم، المكان المتخيل فردوس المقهورين، من المشتتين النازحين المقيمين، في اللاهوية.
بقي مجد يعيش تحت وطاة انتماء الى فلسطين وهو لم يرها لم يشاهدها فلسطين …. “تشعرني بالعجز يا حبيبتي”. في مدينة بلا روح يرسم فلسطين عدة مرات في اليوم تقول له هيلدا، هي التي تعيش هوس التحرر من البيت الأول ، وأم مجد ماتت قتلا في مجزرة صبرا وشاتيلا، لا يعرف كيف نسي مع هيلدا صبرا وشاتيلا والندبة التي في وجهه، الاّ أنه، بقيت مسافةٌ، تمنع جسديهما من الالتصاق.
إنها مدينة ُالشرخ، لم تأخذ أبطال جنى الى وحدة ازمة شخصية ، لقد تشتت المعاناة، في تقلّب وتبدّل الشخصيات، بالهجرة، ومفاهيم دخلت على المكوّن الفكري العربي، الحرب أهلية، وفي نهاية الأزمة، تبقى القضية الفلسطينية بلا حل، تبقى “ذاكرة الفلسطينيين معلّقة، كمن لا يريد ان يفقد الامل بالعودة”.

السابق
الجيش الاسرائيلي يعتقل 11 نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني
التالي
أنباء عن وصول خالد مشعل سرا إلى أنقرة