دفع لبناني للإسراع بانتخاب رئيس جديد على وقع التطورات العراقية

ميشال عون

تسارعت وتيرة الاتصالات السياسية مطلع الأسبوع الحالي في محاولة للملمة الوضع الداخلي اللبناني بعد 24 يوما على دخول البلاد في شغور رئاسي طالت تداعياته أخيرا مجلس الوزراء والبرلمان اللذين تحولا غير منتجين ومعطلين بقرارات سياسية ربطت مصير كل المؤسسات الدستورية ببعضها البعض.
وكشفت مصادر مواكبة للحركة الحاصلة بالملف الرئاسي أن “دفعا دوليا وداخليا نشط أخيرا على وقع التطورات العراقية (سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام-داعش على مدينة الموصل) للإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وبالتالي فرض الانتظام بعمل المؤسسات الدستورية لتلافي أي ارتدادات سلبية لما تشهده المنطقة على الداخل اللبناني”.

وقالت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إنّه “يجري الضغط على رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لتقديم ترشيحه رسميا والتوجه إلى جلسة الانتخاب المحددة الأربعاء (غدا) أو تسمية أحد المرشحين الوفاقيين بالتنسيق مع البطريرك الماروني بشارة الراعي”. وتواكب المؤسسات المارونية وعلى رأسها الرابطة المارونية والمجلس العام الماروني هذا الحراك بالتنسيق مع البطريركية المارونية بعيدا عن الأضواء في مسعى لإنجاح المهمة. ولا يبدو أن عون سيرضخ قريبا لكل الضغوط التي يتعرض لها بالموضوع الرئاسي، إذ تؤكد مصادر في التيار “الوطني الحر” الذي يتزعمه، أنّه مصر على ترشحه غير المعلن: “وهو ليس بوارد الدخول بأي مفاوضات لتبني أي ترشيح آخر حتى ولو خصص له امتياز تسمية الرئيس المقبل”.

وقالت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إن العماد عون “بصدد القبول بتعليق ترشيحه بشرط واحد فقط وهو إجراء انتخابات نيابية مبكرة على أن يتم على أساس نتائجها تحديد الرئيس المقبل للبلاد”. وأشارت إلى أن عون “بصدد الضغط لإقرار قانون جديد للانتخابات بأسرع وقت ممكن على أن تتم الانتخابات فور الانتهاء من إعداد القانون”.

وبدت لافتة الزيارة التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق، المحسوب على تيار المستقبل، يوم أمس إلى دارة عون في منطقة الرابية، شرق بيروت، وتأكيده بعد اللقاء أن الحوار بين عون وتيار “المستقبل”: “مستمر ودائم ولن يتوقف، وقد حقق لغاية الآن الكثير من الإيجابية أولها الاستقرار الحكومي وساهم في الاستقرار السياسي في البلد”.

وأوضح المشنوق في مؤتمر صحافي أنّه لا يحمل أي رسالة من الحريري لعون، لافتا إلى أن البحث تناول “الأزمات المتعددة التي تمر بها البلاد، على رأسها شغور منصب رئاسة الجمهورية وهذا يحتاج مزيدا من التوافق بين اللبنانيين ومزيدا من النقاش والبحث عن القدرة في الوصول إلى رئيس وفاقي وليس توافقيا”. وأشار إلى البحث في مسألة التعيينات التي توقفت وكيفية المتابعة بها: “واتفقنا أيضا على أنه ليس من خلاف على آلية مجلس الوزراء وعلى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء بل البحث هو عن آلية الوكالة لرئاسة الجمهورية”.

ونفى المشنوق ما أشيع أخيرا عن أنّه طرح على رئيس الحكومة تمام سلام تشكيل حكومة مصغرة، لافتا إلى أن ما دعا إليه هو قيام خلية أزمة. وأوضحت مصادر وزارة الداخلية لـ”الشرق الأوسط” أن طرح المشنوق بما يتعلق بتشكيل خلية أزمة ينطلق من “نظرته الاستباقية للمخاطر المحيطة بنا”، مشيرة إلى أن “هذه الخلية لن تكون بالضرورة خلية أمنية باعتبار أن المشاكل الداخلية والخارجية ليست مقتصرة على الأمن”. وأضافت المصادر: “هذه الخلية يجب أن تتألف من أصحاب اختصاص ومعنيين أساسيين يضعون الخطط والاستراتيجيات لمواجهة أي خطر مقبل على البلاد”.

وبدا أن هناك نوعا من الانسجام بين مواقف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل في أكثر من ملف، إذ أكّد وزير الخارجية جبران باسيل، والقيادي في التيار الذي يتزعمه عون، أن النقاش الدائر لا يتطرق لصلاحيات رئيس الحكومة “فلا أحد يفكر في هذا الموضوع ولا مصلحة للبلد بطرحه، أما المطروح فهو محاولة الحفاظ في فترة الفراغ على الصلاحيات القليلة الباقية لرئيس الجمهورية وعدم الانتقاص منها”.

وشدّد باسيل خلال احتفال مناطقي على تمسك التيار الوطني الحر بـ”الحوار السياسي والتفاهم لتجنب الخضات السياسية الكبيرة عبر إقرار قانون انتخابي جديد يمثل اللبنانيين، ومن خلال انتخاب رئيس قوي ميثاقي يستطيع أن يجمع المواطنين لكي يكون هناك لبنان القوي الذي نريده جميعا”.

وفي سياق آخر، بيّنت المواقف الأخيرة لنواب وقياديي حزب الله انزعاجه من طول أمد المفاوضات بين عون والحريري بملف الرئاسة، إذ شدّد النائب في الحزب حسن فضل الله خلال احتفال جنوبي البلاد، على ضرورة حسم القرارات بشأن الاستحقاق الرئاسي. وقال: “هناك من لديه حيثية حقيقية في بيئته على المستوى الوطني ويستحق أن يكون في موقع الرئاسة إذا قرر الفريق الآخر أن يقبل بهذه المعادلة”.

بدوره، قال النائب عن حزب الله حسين الموسوي: “نريد رئيسا للجمهورية لا يقف في طريقنا عندما ندافع عن كل لبنان واللبنانيين”، داعيا إلى “التفاهم في موضوع رئاسة الجمهورية لكي يأتي رئيس ينسجم مع الخط الوطني المقاوم ويكون متوافقا عليه”.

 

السابق
أجهزة كومبيوتر من كوريا لبرج رحال
التالي
الحوار والتقريب في منهاج المرجع السيد فضل الله