الانتخابات الرئاسية العربية ترسم وحدة المسار والمصير

* الناخب الخارجي حاضر بقوّة إلاّ في مصر
* طهران والمالكي يقترعان للأسد

لم تعد الانتخابات الرئاسية في لبنان استثناءً في العالم العربي. أصبحت مساراً وأسلوباً في ظلال الربيع العربي. الشراكة في الانتخابات الرئاسية العربية حاضرة في الكثير من التفاصيل. تختلف الأسماء وتتوحّد في اللاعبين – الناخبين. التنافس الخارجي يوازي ويزيد على التنافس الداخلي، ويجعل من معرفة نتائج الانتخابات في العراق ضرورة مُلزمة لمعرفة ماذا سيجري في سوريا، وما سيتم التوصّل إليه في لبنان للخروج من فضاء الفراغ، الذي إن طال يَقتُل.
في لبنان، أكدت الدورة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، جملة تفاصيل لبنانية أساسية. مهما قيل عن “لبنانية” الاستحقاق الرئاسي ليس أمراً طارئاً ولا جديداً ولا استثنائياً. وجود “ناخب” خارجي سواء كان عربياً أو إقليمياً أو دولياً. كل الانتخابات الرئاسية في لبنان، جزء من “لعبة الأمم”. في السابق كانت مصر وسوريا والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية. اليوم انضمت إيران مباشرة بحضور وتأثير أكبر بكثير من دمشق خصوصاً وأنّها هي التي تدير أساساً حرب بقاء الرئيس بشار الأسد.
الدورة الأولى أكدت أنّ الانقسام عامودي وحاد ومتساوٍ، وأنّ سعد الحريري الغائب – الحاضر هو الجامع – المانع لقوى 14 آذار، في حين أنّ “حزب الله” هو القوّة اللاحمة لقوى 8 آذار. تعادل القوى يفرض قاعدة لم تعد قابلة للبحث والنقاش وهي أن لا أحد بإمكانه إلغاء أحد.
يبقى أنّ القوّة الوسطية هي القوّة الحاسمة. وليد جنبلاط هو “بيضة القبان” في “اللعبة”. أثبت في الجولة الأولى أنّه لاعب كبير يعرف كيف يرسم المسارات وينفذها ببراعة تشدّ الطرفان إليه وتربطهما به في مسار ومصير مشترك. “بوصلة” وليد جنبلاط هي التي ستحدّد ليس فقط مَن هو الرئيس المقبل في لبنان وإنّما أيضاً أين موقع وقرار وتوجهات الناخب الخارجي الكبير.
يُقال إنّ الاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان مؤجّل إلى حين معرفة مستقبل الانتخابات في العراق، وفي الفاجعة السورية، حيث بشار الأسد سيقترع لـ”أسد” الحرب ضدّ السوريين. الانتخابات في سوريا لا قيمة لها، وهي “مسرحية” مرسومة ومعروفة النتيجة. المهم يجب رصد التعامل الدولي معها. مجرد الاكتفاء بإدانة نتيجة الانتخابات يعني ترك سوريا تحترق وتُدمّر وتُستنزف ولتستنزف معها موسكو وطهران و”حزب الله” وكل التكفيريين.
أمّا العراق، فإنّ الانقسام ليس محصوراً بالمذهبية والعرقية وإنّما في قلب كل طائفة. التجديد لنوري المالكي لا يكون إلاّ باتفاق إيراني – أميركي. مجرّد حصول هذا الاتفاق يتطلب متابعة تردّداته في سوريا. الكشف عن ارتفاع منسوب التدخّل العراقي في سوريا بقرار مباشر من المالكي، وبالاتفاق مع إيران، في هذا الوقت يؤشّر إلى تطورات لاحقة يجب متابعتها بدقة وعناية.
مصر هي المستقبل، لأنّها المركز في العالم العربي، الذي إن عادت عاد إليه التوازن والحضور التاريخي لمراكز القرار المؤثرة وهي طهران وأنقرة وتل أبيب. فوز الفريق عبدالفتاح السيسي، قد يكون مرسوماً بدقةّ. ومنافسة حامدين صباحي له، مكمّلة وفاتحة لمسار جديد قد تكون الشراكة فيه قائمة، في ظلّ المخاطر التي تعيشها مصر في مواجهة الإرهاب سواء كان من الإخوان المسلمين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. في مصر الأهم من الانتخابات ما بعدها، خصوصاً أنّ دور الناخب الخارجي فيها هو الأضعف بكثير من الناخب الداخلي.
نتائج الانتخابات ستُحدّد لاحقاً ما إذا كانت واشنطن قدّمت “استقالتها” من لعب دور القوّة العظمى في المنطقة؟ وما إذا كانت إيران أصبحت القوّة الإقليمية الكبرى؟ وكيف ستتحرك السعودية وتفعل في كل هذه اللعبة المصيرية المعقدة؟
مستقبل الصراع في سوريا سيرسم في أساسياته خلال الأشهر المقبلة، الجديد أنّ لصناديق الاقتراع العربية دوراً في كل ما يُرسم.

السابق
الفنانة ليلى حكيم في ذمة الله
التالي
اطلاق نار ابتهاجا من سوريا بمحاذاة بلدات عكارية بسبب اطلالة تلفزيونية للاسد