7 أيّار… بالقمصان البيضاء

7 ايار
ما يقوم به حزب الله، من "حملية" (من حمل وديع) مستجدّة، هو الخطة A، لناحية تيار المستقبل. وهو عبارة عن اجتياح جديد وعن 7 أيّار لكن بحلّة سلمية جديدة. أي أنّها محاولة لتطويع تيار المستقبل عبر تكبيله بسلسلة من التنازلات. وهذا كلّه من اجل تفادي الوقوع في 7 أيّار حقيقي وعسكري قد لا تسمح به الظروف الموضوعية، وفي مقدّمها استعار الروح المذهبية التي خلفتها مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا إلى جانب النظام.

فقط استقدام المزيد من جثث شهداء الواجب المقدس، ومشاهد مراسم التشييع شبه اليومي في القرى والمدن اللبنانية هي ما تبقّى من الصورة النمطية المعروفة عن حزب الله في هذه المرحلة.
ولعلّه لو كان باستطاعتنا إسدال الستارة عن هذا الفصل المتعلّق بالحرب السورية وتأمّلنا فقط بأداء حزب الله السياسي على المسرح اللبناني، لشاهدنا ” حزب الله ” آخر، أو “حزب الله” جديد، حتّى كأن الامر ليتشابه علينا. فمنذ بدأ الحزب تقمّص شخصية مستجدّة، بعد تشكيل حكومة تمام سلام والاتفاق على بيانها الوزاري ونيلها الثقة، طفا من تلك اللحظة ولا يزال يطفو على السطح تساؤل كبير عند المراقبين والمتابعين عن سرّ هذا التحول العظيم وعن الدوافع التي تقف خلف اتباع حزب الله هذا السلوك الحملي (من حمل).
فجأة هدأ الصراخ، غابت التهديدات، نجحت إلى حدّ كبير الخطة الأمنية. استبدّ ولو بحذر الأمن. تخلّى حزب الله عن “العيدين”، رفعت وعلي، وتحوّلا إلى فارّين. سُلّمت داتا الاتصالات حتى دون أن تُطلب. ُرفعت الحواجز الحزبية لتحل مكانها حواجز الجيش. امتلأت الكثير من الشواغر الوظيفية في الإدارات العامة، حتى أنّ أعداد بلوكات النفط وتلزيمها لم تعد ذات اهمية ُتذكر… كل هذه الامور وغيرها نراها تسير باقصى درجات السلاسة والهدوء رغم أنّه كان يكفي واحدة من هذه الموضوعات فقط لتفجير الحكومة وتوتير الوضع العام في لبنان.
حزب الله إنّما يرمي ببصره إلى اقصى الاستحقاق الرئاسي، وما يمكن ان يمثّل من اهمية في رسم معالم المرحلة المقبلة في ظلّ ما يشبه التسليم بغياب القرار الاقليمي والدولي الممسك بالعادة وحده بكامل مفاتيح اللعبة الرئاسية في لبنان.
هذا ما كان أشار اليه بوضوح الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلته مع جريدة السفير عندما قال إنّ “للمعطى اللبناني الداخلي هذه المرة حيثية كبيرة في تظهير صورة الرئيس المقبل”. وهذا ما جعل من ترشّح سمير جعجع، الخصم اللدود للحزب، وقراءة حزب الله هذا الترشيح على أنّه ترشّح جدي جدا، وما يشكّله من احتمال وصوله إلى قصر بعبدا، جعله أمرا ممكن الحصول.
وعليه فإنّ حزب الله حاضر كي يدفع أثمانا باهظة للحؤول دون ذلك ولمنع الوقوع في هذا المحظور الكبير. وعليه فلا مندوحة أمامه الا السعي الجاد والدؤوب لاصطناع مساحة مشتركة مع تيار المستقبل، مستفيدا من الموقف الضبابي اتجاه ترشح جعجع وعدم التبني الواضح له حتى هذه اللحظة من قبل سعد الحريري. ما قد يوحي بعدم رغبة حقيقية عند هذا الاخير بوصول شخصية قوية إلى الكرسي الأوّل، تتوّجه حال وصوله زعيما أوحد لكامل فريق 14 آذار.
وبالتالي فإنّ ما يقوم به حزب الله هو الخطة A، لناحية تيار المستقبل. وهو عبارة عن اجتياح جديد وعن 7 أيّار لكن بحلّة سلمية جديدة. أي أنّها محاولة لتطويع تيار المستقبل عبر تكبيله بسلسلة من التنازلات. وهذا كلّه من اجل تفادي الوقوع في 7 أيّار حقيقي وعسكري قد لا تسمح به الظروف الموضوعية، وفي مقدّمها استعار الروح المذهبية التي خلفتها مشاركة حزب الله بالقتال في سوريا إلى جانب النظام.
إلا أنّ هذا لا يعني البتة أنّه في حال فشلت هذه الـ 7 أيّار بقمصانها البيضاء، وحسم المستقبل خياره بالسير في ترشيح جعجع، ألا تخرج إلى العلن الخطة B. وهي جاهزة. والقمصان السود ستكون حاضرة حينها .

السابق
فرانسوا باسيل : الاجراءات الضريبية المقترحة لها انعكاسات سلبية
التالي
رئيس لجنة سوليد غازي عاد: الوثائق التي نشرت مؤخراً تستوجب تحركاً لبنانياً