أي إمكانات لوصول رئيس «صنع في لبنان»؟

انتخاب رئيس الجمهورية

يظهر ممثلو البعثات الديبلوماسية المؤثرة في لبنان انكفاء ظاهرياً اعلامياً وسياسياً عن اي حركة يشتم منها محاولة دفع هذه الدول في اتجاهات معينة في شأن الانتخابات الرئاسية ومن من المرشحين يمكن ان يكون له حظوظ كافية توصله الى قصر بعبدا. وفيما خرجت الى العلن مواقف من مشارب مختلفة تدعو الى رئيس “صنع في لبنان” في اشارة رمزية قوية الى تأثير الخارج في “صنع” الرئيس عادة، فان واقع الامر ان لا اقتناع داخلياً او خارجياً بهذا الإمكان لاعتبارات متعددة حتى لو ان النظام السوري منشغل بتأمين بقائه في السلطة واعتماده على “حزب الله” وسواه من اجل هذا البقاء بما يمكن ان يحد من تأثيره المباشر ولكن ليس من عدم تعطيل هذا التأثير كلياً. وهناك اقحام ما لهذا الطرف او هذه الدولة في الاستحقاق الرئاسي على ألسنة مسؤولين على نحو يناقض ما يدعون اليه في العلن عن رئيس صنع في لبنان.
وتقول مصادر سياسية انه وفيما يفترض ان تكون هناك حركة سياسية ناشطة جداً في المهلة الدستورية التي يفترض ان تجرى خلالها الانتخابات ومع الاقرار بان هناك اتصالات بعيدة من الأضواء تجرى بين الافرقاء السياسيين وغالبها من ضمن الصف السياسي الواحد، فانه يغلب على هذه الحركة الانطباع بأن ثمة ما يتعين انتظاره ليس في طبيعة الاتصالات الداخلية بل في طبيعة الاتصالات الخارجية قبل ان يحرج الافرقاء السياسيون انفسهم في مغامرات دعم لهذا او ذاك من المرشحين وقبل ان تتضح المؤشرات حول التفاهمات المحتملة في حال كان أو سيكون هناك تفاهمات كما حصل في موضوع تمرير تأليف الحكومة من ضمن المهلة الدستورية. وبحسب هذه المصادر فان رؤساء البعثات الديبلوماسية يجرون اتصالاتهم ولقاءاتهم ولهم مواقفهم من الانتخابات وآراؤهم، لكن اللعبة السياسية متروكة لكي تأخذ مداها بعض الشيء عل الافرقاء يستطيعون بايحاء من هنا او هناك التوصل الى حد ادنى من التوافق. لكن لا اوهام فعلا حول امكان انتخاب رئيس يكون كليا “صنع في لبنان” بل ايهام للبنانيين كما حصل بالنسبة الى الحكومة انهم يستطيعون التوافق في حال تنازلوا وقرروا المشاركة فعلا في استقرار البلد وعدم انهياره. وتكشف مصادر، ان عددا من الاسماء التي يتم تداولها في وسائل الاعلام، ترشيحها حقيقي وواقعي لكن اسماء البعض الآخر قد جرت غربلته منذ بعض الوقت من خلال المساعي والاتصالات الديبلوماسية لجهة عدم قبول فريق بهذا المرشح او وضع دولة مؤثرة ما فيتو على وصول مرشح معين ولو من دون الدفع في اتجاه دعم آخرين. وتستعين المصادر على هذا الصعيد بكلمة او عبارة ينسب قولها الى السفير الاميركي في لبنان ديفيد هيل لجهة قوله لدى سؤاله عن امكان وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة على خلفية ان الولايات المتحدة عارضت وصول عون في السابق بسبب ما يعرف عنه بأنه شخص “لا يمكن توقع تصرفاته” من أجل ان تحفز جملة تكهنات او حتى تثير مخاوف من ان يكون الاميركيون داعمين لهذا الاحتمال فعلا بالنسبة الى افرقاء كثر لا يتطلعون الى وصول رئيس التيار العوني الى سدة الرئاسة الاولى. وهم يرون تاليا وفق هذه المخاوف ان الاميركيين يمكن ان يضغطوا او يقنعوا أفرقاء كثيرين خصوصا اذا كانت ثمة لا ممانعة سعودية وكذلك ايرانية بحيث تتكفل هاتان الدولتان باقناع افرقاء الداخل من حلفائهما في حين فسر البعض الموقف الاميركي في اطار عدم وضع واشنطن فيتو على اي مرشح ولو اخافت كثر المرونة الاميركية في هذا الاطار. فيما يتردد ان فرنسا روجت لمرشحين معينين ولم تلق صدى ايجابياً كلياً.
الامر الآخر الذي تراه هذه المصادر مستبعداً في الرهان على رئيس”صنع في لبنان” ان دولاً مؤثرة اقليمية او غربية تجد نفسها في صراع مرير في المنطقة من خلال ما يحدث في عدد من دولها ولا سيما في سوريا. وان يجد تعبير رئيس “صنع في لبنان” ترجمة فعلية له على ارض الواقع يعني عملياً استبعاد او اجهاض اي رأي او تأثير خارجي في زمن الاستقتال المرير لحجز مقعد او امتلاك اوراق من اجل التأثير والتمتع بالنفوذ والسيطرة بما يتنافى كليا مع الواقع القائم خصوصا في هذه المرحلة. لا بل ان الدول المعنية تفاخر راهناً بانه وفيما الخلاف على اشده في سوريا فان هناك مساحة للتلاقي في لبنان على استقرار لا يسمح بتداعيات الحرب السورية عليه ان تستدرجه الى آتونها ومنه استدراج منطقة الشرق الاوسط كلها.
أي رئيس “صنع في لبنان” ممكن وصوله إذاً؟
يساعد جدا في الايحاء بهذا الامر انحسار نفوذ النظام السوري وسيطرته كما في زمن الوصاية وحتى ما بعدها وانجاز الحكومة بعض الملفات الاساسية العالقة لا سيما تلك المتعلقة بالوضع الامني كما جرى في طرابلس ويحتمل او يترقب ان يجري في مناطق اخرى. لكن لا يبدو انه في الامكان اقناع اللبنانيين بذلك ما لم يكن السياسيون في لبنان يحاولون اقناع انفسهم بقدراتهم الحاسمة والجازمة في هذا الاطار في اطار التطلع الى اقتطاع التأثير اللبناني بمقدار ما هو ممكن في هذا الاستحقاق.

السابق
سقوط طفلة من الطبقة الرابعة في صيدا
التالي
حق الفلسطينيين في اللجوء إلى الأمم المتّحدة