«ما في شي بطرابلس»

المدافع الصاروخية الّتي يطلقها المسلّحون في شوارع طرابلس هي قذائف ابتهاج بمناسبة عيد الأمّ وفصل الربيع. الدّمّ هو لون الورد أساساً فلا يجب أن يعترض السكّان على اتّشاح مدينتهم به. المدارس المقفلة والجامعات المعلّقة دروسها هي في صدد إعادة تقييم مناهجها الأكاديمية استعداداً لبرامج تعليمية أكثر فعالية.

المدافع الصاروخية الّتي يطلقها المسلّحون في شوارع طرابلس هي قذائف ابتهاج بمناسبة عيد الأمّ وفصل الربيع. الدّمّ هو لون الورد أساساً فلا يجب أن يعترض السكّان على اتّشاح مدينتهم به. المدارس المقفلة والجامعات المعلّقة دروسها هي في صدد إعادة تقييم مناهجها الأكاديمية استعداداً لبرامج تعليمية أكثر فعالية.

الرشاشات ومسدسات وبنادق المسلحين هي “فرد مي” وكل ما يفعله القنّاصون هو أنّهم يلعبون قليلاً على أسطح المباني. الثقوب في المباني أيضاً “ديكور”، “نيولاين”، أي موضة جديدة في عالم الهندسة والأبنية ستنطلق من طرابلس خصوصاً من أحياء باب التبانة وجبل محسن.

المحلّات التجارية الّتي أقفلت في طرابلس لم تقفل بسبب الوضع الأمني. لماذا سوء الظن؟ على العكس تماماً، لقد أقفلت لأنّ البضاعة نفدت بسبب انتعاش الحركة التجارية في المدينة. الأطفال الذين طبعت في ذاكرتهم مشاهد القصة واعتادوا دويّ القنابل وباتوا يفهمون في أنواع القذائف ويتناقشون فيها لا يهدرون طفولتهم، إنّهم يتثقّفون. أقلّه يتثقفون حربيّاً للأيام الآتية. الخطط الأمنية التي تعلن في المدينة هي أشبه بلعبة الكترونية والجنود الذين ينتشرون لونهم أخضر كالذين كان الأطفال يلعبون بهم وهم صغار. هكذا نستطيع أن نبرّر الاعتداءات على الجيش.

أعداد الجرحى والقتلى في كلّ جولة عنف ليست حقيقية. إحصاءات. مجرّد إحصاءات. الإعتصامات الّتي يقوم بها ناشطو المجتمع المدني مجرّد تسلية. “عم يعملوا جو، ضجرانين”، اعذروهم. صور السياسيين المعلّقة في شوارع المدينة وتحتها عبارات المديح جزء أيضاً من الديكور لكي يكتمل المشهد السوريالي.

منذ فترة، ولأنّ شرّ البلية ما يضحك، قام بعض الأصدقاء في طرابلس على سبيل السخرية بإطلاق هذه العبارة: “ما في شي بطرابلس”. وذلك تعبيراً عن فقدان الأمل بأي تغيير جديّ وأي حلّ جذري للمأساة في المدينة المنكوبة. لحسن الحظ ليس هناك قصر شعب في طرابلس يواصل رئيسه يومياته المعتادة كأنّ أمراً لم يكن. الدولة لا تعيش حالة إنكار ولكن تخلّي متعمّد تحت تبريرات مختلفة.

اسألوا المحطات التلفزيونية الّتي تعرض البرامج الترفيهية خلال اندلاع أشدّ المعارك في الشمال. اسألوا سعد المصري وزياد علوكة الذين يلهون بمصائر الناس. اسألوا نوّاب المدينة ووزراءها وفعالياتها الدينية والسياسية، اسألوهم إن كنتم لا تصدقونني واسألوهم إن تغيّرت يومياتهم أو إن كانوا مشغولين في الدفاع عن مدينتهم. اسألوا النائب المنشغل بالـ”كاندي كراش” خلال جلسة مجلس النواب. هم سيصادقون على كلام أصدقائي، أفعالهم أو بالأحرى غياب أفعالهم، أكبر دليل أنّه “ما في شي بطرابلس”.

السابق
باسيل : تخوف من أن تنشأ بين تجمعات النازحين السوريين مجموعات مسلحة
التالي
اﻹساءة إلى الجيش.. بالدفاع عنه