المقدمة:
كان يُفتَرَض بأحدٍ ما أن يقول ما قيل صباح اليوم في برنامج ” نهاركم سعيد ” … النهار السعيد والمساء السعيد والليل السعيد والفجر السعيد بالنسبة إلى السياسيين ، أن يكونوا محرَّرين من جرأة وسائل الإعلام في كشف العيوب والمخالفات :
لا يريدون أن يشاهدوا نشرة أخبار ويجدون فيها ما يكشف ملف فساد أو قضية مخالفات … لا يريدون تصفَّح جريدة ويجدون فيها عنوانًا لفضيحة ، لا يريدون سماع إذاعة وفيها تقريرٌ عن مشكلة ، ولا يريدون تصفُّح موقع انترنت وفيه ما يزعجهم ، وقد يصل بهم الامر إلى رفض أي خبر على ” الواتس أب ” أو ال ” إس إم إس ” … يريدون أن ينعموا ويتنعَّموا بالسلطة.
في حمى قوانين بائدة وبالية : حديثُها عمره عشرون عامًا كقانون المرئي والمسموع الذي صدر عام 1994 ، وقديمها من أيام السلطنة العثمانية كقانون المطبوعات التي أُدخِلَت تعديلات عليه ولكن منذ عقود وليس منذ أسابيع .
هكذا تدور الدوامة :
سياسيٌ يتكئ على قوانين بالية وبائدة ، قضاء لا يجد أمامه سوى هذه القوانين ليحتكم إليها ، ومواطن يدفع ثمن ضيق صدر السياسي وقِدَم القوانين
تصوَّروا مثلًا أن القانون الذي بموجبه أُدخِل غسان التويني إلى السجن منذ نصف قرن ، هو ذاته القانون الذي يُدخِل أي مُدوِّن أو أي مُغرِّد إلى السجن ، والسبب في ذلك أن هناك
” كسلًا تشريعيًا ” أو ” تكاسل ” في تحديث القوانين ، وذلك ليس عفويًا بل عن سابق تصوُّر وتصميم ، وكل ذلك من أجل إبقاء هذه القوانين البالية والبائدة سيفًا مُسلَطًا فوق رؤوس المواطنين عمومًا والاعلاميين خصوصًا .
لكل هذه الاسباب مجتمعةً ، قرَّر ” نهاركم سعيد ” بالنيابة عن كل الذين تقض مضاجعَهم ضغوطات السياسيين أن يُطلِق ” صرخةَ صمت” علَّها تكون ” صرخةً مدوِّية ” لأسقاط القوانين البالية وحض السلطة الاشتراعية أن تُعدِّل هذه القوانين بما يتلاءم والعصر … إنها صرخة حض ّ للوصول إلى الإسقاط ، فحين نقول إننا تحت القانون ، فأيُّ قانون ؟ هل نكون في ال 2014 تحت قانون 1914 او 1948 أو قانون 1994 ؟ إذا كانت الضرائب التي ندفعها تُحدَّث كل سنة فلماذا القوانين تُحدَّث كل مئة سنة ؟