صيادو صور: الثروة السمكية في خطر

يستغل حسن غانم شمس شباط التي لا تغيب في هذه الأيام، متكئاً على شباك الصيد على متن مركبه، عند رصيف ميناء الصيادين في صور.

استراحة حسن وعدد من زملائه، تأتي بعد رحلة منهكة اعتادوا عليها يوميا في عرض البحر، لجمع بعض الكيلوغرامات من السمك، الذي بات عزيزا على الصيادين في هذه المرحلة.
فبحر صور الذي عرف عنه أنه يتمتع بأخصب المراعي، بات اليوم يحن إلى ذاك المجد، بعدما فتكت الفوضى البحرية وغابت الرقابة على الصيد، في واحدة من أهم الثروات الزراعية، التي تعتاش منها مئات العائلات في ميناءي صور والناقورة.
بمرارة وحسرة يتحدث غانم، الذي يلازم البحر منذ طفولته الى جانب والده، عن شح الثروة السمكية في بحر صور من جهة والفوضى العارمة التي تجتاح البحر دون حسيب أو رقيب من جهة ثانية. لم يجن غانم وزملاؤه في المركب، الذي يبحر مع الفجر شمالا وجنوبا، سوى غلة قليلة من سمك الجربيدة والغبص وسواهما، لا يزيد سعرها على المئة ألف ليرة لبنانية، يتم توزيعها بالتساوي على العاملين في المركب ودفع بدل المازوت، إذ تبلغ حصة كل منهم أقل من ثلاثين ألف ليرة في أحسن الأحوال.
يعتقد غانم أن السبب الرئيسي في تراجع الثروة السمكية في بحر صور، الذي يفخر الصيادون بتميز أسماكه وشهرتها، يعود إلى عملية فوضى الصيد، المتمثلة باستخدام الديناميت والشباكة الضيقة والجاروفة «التحويق»، التي تغرف السمك الكبير والصغير، وبالتالي تقضي على البذرة، التي تتراجع موسما تلو الآخر.
يشارك ماجد بواب، وهو يحترف مهنة صيد السمك في بحر صور منذ أكثر من 35 عاماً، زميله غانم في الهموم ذاته والمعاناة والمطالب.
يقول: «لم يمر موسم مثل هذا الموسم منذ فترة طويلة، لناحية تراجع الثروة السمكية في المنطقة، ما أصاب الصيادين بمزيد من الإحباط والخوف على لقمة عيشهم التي يجنونها بعرق جبينهم، وسط الخطر الدائم الذي يرافقهم في رحلاتهم، خصوصاً في أوقات العواصف وارتفاع أمواج البحر».
يضيف ان «قلة الأسماك هذه الأيام، فتحت أسواقاً أمام السمك المستورد من الخارج، التي تنافس الصيادين وإنتاجهم»، مؤكداً أن الصيد الذي لا يراعي أصول المهنة، وخصوصاً بالديناميت والكمبراسور وغيرهما، كلها عوامل ساهمت وتساهم في تدني وتراجع الثروة السمكية، وصولا الى شبه انقراض بعض الأنواع.
يرجع نقيب الصيادين في مرفأ صور خليل طه واقع الثروة السمكية في بحر صور إلى مسألة الفوضى العارمة التي تجتاح البحر، وتأخذ في طريقها أرزاق الصيادين الملتزمين معايير الصيد، وإلحاق ضرر كبير في الثروة السمكية، آملاً من الحكومة الجديدة، وتحديداً وزير الزراعة والجهات المعنية، وضع حد لـ«هذه الفوضى وعملية الصيد الجائر الذي لا يراعي الحد الأدنى من أجل الحفاظ على ثروة بحر صور، الذي يعمل فيه أكثر من خمسمئة صياد».
ويقول: «إضافة الى فوضى الصيد، واستخدام ممنوعات في عملية صيد الأسماك، يعاني صيادو الأسماك في مرفأ صور من مشكلة مزمنة ومقلقة، مضى عليها عشرات السنين، وتتمثل في تدفق مياه الصرف الصحي إلى الأحواض القريبة من الميناء، حيث تساهم في القضاء على الثروة السمكية والكائنات الحية، مناشداً المعنيين الإسراع في رفع هذا الضرر، عبر التسريع في إنجاز محطة معالجة الصرف الصحي شمال صور».

السابق
سياسة الإصلاحات الأميركية في المنطقة العربية: بين القيم والمصالح
التالي
مسيرة بحرية تتذكر معروف سعد