الموت بصمت

على هامش الخراب الأمني والسياسي في البلد، يعيش مئات آلاف النازحين السوريين يوميات المأساة المستمرة منذ وصولهم.. بصمت.
الأمراض المعدية تجتاح المخيمات العشوائية. العتمة تغطي على موت الأطفال بين خيام تفتقر إلى مقوّمات السلامة الصحية. سبل الوقاية من الأوبئة غير متوافرة في أماكن تنحسر فيها النظافة إلى حدودها الدنيا. الجوع والبرد يختطفان ما تبقى من عافية لدى الآخرين المنتظرين قدرهم.
آلاف الجولات الميدانية لفرق إغاثة محلية وعربية ودولية، وجمعيات وممثلي منظمات، وسياسيين.. وزعوا الابتسامات والتقطوا صوراً لهم مع الأطفال، وغادروا. لم تدفع زياراتهم الأوبئة الزاحفة إلى الخيام، بل أتت بما بات يُعرف بـ”تقليص الخدمات”، في بلد يكاد يتحوّل إلى مخيم نزوح كبير. ومن كانوا قد استقبلوا النازحين في بيوتهم مع بدء الأزمة باتوا يرمونهم في الشارع. كثيرون من المضيفين الذين كانوا تحت خط الفقر، باتوا اليوم مُعدمين.
المأساة أكبر من أن يستوعبها لبنان الرسمي “المُفلس”، والمنقسم على نفسه. وهي أخطر من أن تُترك من دون استيعاب في ظل تفشي ظواهر الاستغلال المباشر للنازحين من قبل منتحلي صفة “الإغاثة”، من ذوي البطاقات والكاميرات. يجولون بين خيامهم، يوثقون المأساة، ويرسلونها بتقارير إلى منظمات مانحة. تدر عليهم المأساة أرباحاً، وهم لا يقدمون شيئاً سوى التقارير. والتقارير تأتي بالأموال، والأموال كما هي العادة لا تذهب إلى مستحقيها.
على هامش الخراب، بات النازحون يشكلون نصف السكان أو أكثر. يُذل كثيرون منهم، يُهانون، يعيشون بما تيسر، يموت من يموت منهم بصمت. إلى متى؟

السابق
هل تكفي الصلاة؟
التالي
«السعودية» في مركز عصام فارس: إيران هي العدو