أعداء الحزب أبناؤه غير الشرعيين

لا أحد يجادل في ضرورة إدانة التفجيرات في مناطق “البيئة الحاضنة” لـ “حزب الله”، وغيرها، لأنها لا يمكن إلا أن تُوصف بالأعمال الإرهابيّة.

لكن، لا ينفع الحزب أن ينكر ارتباطها بتدخله العسكري المباشر في الأحداث السوريّة، بدليل أنها (9 تفجيرات) وقعت في الأشهر الـ 8 الأخيرة، أي بعد شهرين من مجاهرة أمينه العام بأنه سيقاتل الى جانب نظام الأسد.

لكنّ أحداّ ما يجب أن يجادل الحزب في دوره في استنفار من يسميهم تكفيريين، والذين لا يختلف عنهم، كما قال رئيس الإئتلاف الوطني السوري أحمد الجربا. فمن يدعو الى القتال في سوريا “لحماية مقام الست زينب” أو “لحماية الشيعة”، إنما يعلن افتعال خروجه وإخراج من يدعي الدفاع عنهم، من عباءة “الوحدة الوطنيّة الإسلاميّة” الذي ظل يرفع لواءها، ويرفقه، أحياناً، بلواء الوحدة الوطنيّة. تماماًكما افتعل الخروج على “الميثاق الوطني” وعلى الدولة،بفجاجة، بتنطحه لدور إقليمي أكبر من لبنان، بناء على أوامر مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة الأعلى.

لن يفيد الحزب، لا سيما لدى من يحتكر رأيهم، بالرهبة والإحاطة، أن يبدد تركيز الرأي العام على إثمه في حق مناطق سطوته، ولبنان، بإسكات من يرى في التفجيرات نتيجة سببها قتاله في سوريا، باتهامه بالتواطؤ مع الإرهابيين، الذين يتحركون “خارج أي قواعد منطقيّة في العمل السياسي” كما قال النائب علي فياض.

لكن ألم يقل الأمين العام قبل 3 أشهر أن ما يفعله في سوريا لم يقرره استناداً الى علوم أو عقول، بل توجيهات الفقهاء؟ وما الفرق، في السلطة على الجماعة، بين المرشد عند هؤلاء، والأمير عند أولئك؟ أليس الإثنان مطاعين من أتباعهما طاعة عمياء؟ ألا يقول الطرفان، قول الأمين العام نفسه، “اننا طلاب آخرة”، وأن المرشد (أو الأمير) المؤسس (الخميني) أجاز تنفيذ عمليات “استشهاديّة”؟

وما الفارق بين طائرتين تفجران “برجين” في نيويورك، وتزهقان ما يزيد على 4 آلاف ضحيّة، وبين قتل ما يفوق الـ 150 ألف سوري، ببراميل المتفجرات والسلاح الكيماوي وتشريد الملايين منهم؟ وما الفارق بين “القاعدة” التي كانت وراء الأولى، والحزب الذي يقف قدام نظام الأسد، وليس وراءه، وينقذه من السقوط الاستراتيجي في القصير؟

وما الفارق، بين الموت جوعاً وقصفاً وتهجيراً في سوريا، والموت تفجيراً في الهرمل أو الضاحية، طالما أن القتل أعمى، وطالما أن الطرفين لا يقاتلان العدو الإسرائيلي، بل “يخترعان” أعداء من الأبرياء.

هي السلالة نفسها التي أخرجت سيوف العداء الأعمى من رمال الغيب السحيق، ونبشت قبور الماضي الدفين لتستعين بظلاميته على مستقبل منير.

أعداء “حزب الله” أبناؤه غير الشرعيين، ترعرعوا على الضد مما زرع في ثنايا خطابه السياسيوالمذهبي، وبادلوا التحصن بالنبذ، والتترس بالانغلاق. وكما يستدعي الدم الدم، تستدعي الظلاميّة التكفير. والعكس صحيح.

قد يقول مفوهو الحزب إن في هذه المقارنة تشجيعا للتكفيريين. لكن، أليس في ادعاء “احتكار” المقدسات تكفيرا للآخرين، ودعوة لهم إلى نزال لم يكن ،قبل الحزب، في الأذهان، لاسيما لدى اللبنانيين؟

السابق
الاعتداء على مواطن في دير قانون
التالي
شربل: طائرة معراب قد تكون «اسرائيلية»