2014 عام الاستحقاقات العربية

كوارث العام 2013 كادت تحوّل الربيع العربي الى خريف ليس بعده رجاء. الكارثة السورية وحدها تكفي. 15 فلسطينياً وسورياً ماتوا في مخيم اليرموك من الجوع، نساء وأطفال قتلوا ببراميل المتفجرات، وأكثر من ألف مدني قتلوا بالغاز الكيماوي ويصبح هذا الموت روتينياً للعالم يعني أن كل شيء قد مات.
هذا الحزن القاتل في المشهد السوري، لا يحول دون الأمل لأنه دائماً “خلف شباكنا نهار”. الإيمان بأن كل ما يجري في المنطقة، جزء حيّ من حركة تاريخية، لا بد أن تأخذ مداها حتى تنتج الأفضل للأمة، يجعل ثمن الكارثة السورية ورفيقاتها العربية، محمولاً، لأنه جزء يجب دفعه من أجل التغيير.
عام 2014 هو عام الاستحقاقات العربية. وتحديداً الرئاسية. قد لا تنتج هذه الاستحقاقات الخلاص، ولكنها على الأقل تؤشر الى التغيير القادم خطوة خطوة. قراءة في خريطة هذه الاستحقاقات تؤكد ذلك.
[سوريا على موعد قديم للانتخابات الرئاسية. الرئيس بشار الأسد، استخدم كل الأسلحة الممنوعة والمسموحة المدمّرة والقاتلة ليبقى رئيساً حتى نهاية ولايته الرئاسة في آذار القادم. لا شيء يضمن أن تجري الانتخابات الرئاسية، ولا شيء يضمن أن تكون انتخابات حقيقية خصوصاً وان أكثر من نصف الأراضي السورية خارج سيطرة النظام الأسدي والنصف الآخر تحت النار المتنقلة. هذا الاستحقاق الرئاسي يفتح كوة في “حزام النار”، ويجبر القوى الدولية خصوصاً واشنطن والعواصم الأوروبية على التفكير بجدية في كيفية التعامل مع رئيس خرج من التاريخ رغم بقائه في الجغرافيا.
[لبنان على موعد مع الاستحقاق الرئاسي في الربيع القادم، لكن في الوقت نفسه يعيش فوق “سكين” الفراغ. لا أحد يعرف، كيف سيجتاز لبنان قطوع الرئاسة، خصوصاً وأنه أصبح “أرض جهاد” للنصرة، نتيجة لاقتحام “حزب الله” الحرب السورية. السؤال الكبير هل يكون هذا الفراغ مساراً خطّط له لعقد مؤتمر تأسيسي ينتج نظاماً سياسياً مختلفاً عن الحالي؟ وهل يمكن من خلال فرض هذا المسار المحافظة على التوازن وعدم إلغاء طائفة لأخرى مهما تعدّدت التسميات. المهم أن لبنان بخطر.
[مصر التي شهدت ثورتين، تخوض تجربة كتابة دستور جديد يجب أن يقيم بعض التوازن بين المكونات السياسية والاجتماعية والدينية، تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية في مطلع الربيع القادم. أصعب ما تواجهه مصر، أن يستمر صعود المجتمع المدني ويقوى، وأن لا يتم إلغاء الاخوان المسلمين مهما بالغوا في الأخطاء، لأنهم مكوّن مهم من الخريطة السياسية والاجتماعية. لقد أخطأ الاخوان بالتسرع في إلغاء الآخر، فلا يجب أن يقع الآخرون خصوصاً المؤسسة العسكرية بقيادة الفريق السيسي في الخطأ القاتل نفسه.
[اليمن مشكلتها الكبيرة ليست في إجراء الانتخابات الرئاسية وإنما في الحفاظ على وحدتها وعدم تقسيمها الى أربع دول أو ولايات متناحرة ومتقاتلة، وفي صنعاء وحضرموت وعدن والحوثيين.
[تونس صاحبة التجربة المعقدة. المجتمع المدني الذي أنتجه الرئيس بورقيبة ساهم في صيانة تونس من هجمة طاحنة من السلفيين، ولا شك أن تجربة “النهضة” الاسلامية ووعيها للتجربة الاخوانية في مصر يساهمان لانتخابات رئاسية تنقل تونس نحو مرحلة أكثر استقراراً.
[الجزائر حيث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يخوض معركة طويلة وصامتة مع كل “الارث البومديني” رغم أنه واحد منه، ضد “الجنرالات” من “حزب فرنسا” وجنرال الأمن توفيق أو “الشبح” منذ ثلاثين سنة؛ يريد التجديد لنفسه ولاية رابعة، ليكون فيها “المجاهد” الأخير في السلطة.
[العراق الذي يمشي فوق “سكين” الحرب المذهبية، ويتقدم نحو انتخابات برلمانية ورئاسية إذا أجريت قد تحمل تغييراً عميقاً خصوصاً إذا انتهت “المرحلة المالكية”، بأقل خسائر ممكنة.
عام 2014 عام غني بالاستحقاقات ولكن أيضاً بالنار والمتفجرات والحروب الصغيرة والكبيرة.

السابق
الخلاص المسيحي للبنان
التالي
حزب الله يشيّع «شهيد واجب» جديد في بعلبك